د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس
لا تزال اللاسياسة هي المتحكمة بالقرار التركي في سوريا، ولا تزال عقلية التجارة والبيزنس هي المتغلبة على صانع القرار في تركيا، فمنذ الثورات العربية كان لا بد لها أن تغير سياستها وهي المعتمدة بشكل رئيسي على صفر مشاكل، وعلى عدم الاحتكاك مع الأنظمة المستبدة أو العالم المستبد، وكان عليها أيضًا أن تخطو خطوات هجومية وألا تواصل سياسة الدفاع منذ أن انضمت إلى قوات النيتو الحريصة على رد عدوان السوفييت، وهي سياسة تفتقر إلى الفعل ما دامت قد ارتضت رد الفعل، وحتى الأخير لم يعد موجودًا مع كل ما يجري من بحور دماء على حدودها والذي انتقل إلى أراضيها.
البراميل المتفجرة والكيماوي والصواريخ البالستية والقصف الجوي قادم قادم إلى تركيا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن نكون مخطئين في هذا التقدير، ولكن تصريح الرئيس الروسي الأخير الذي مرّ مرور الكرام على ما يبدو عند صانع القرار التركي من أن حربًا أهلية تجري في جنوب تركيا، هو إشارة واضحة إلى رغبتهم في إطلاق هذه الحرب وهي موجودة الآن بالاعتداءات التي يشنها حزب العمال الكردستاني بفرعه السوري "حزب الاتحاد الديمقراطي" بالإضافة إلى الدواعش والخطر الإيراني والطائفي والمدعوم عسكريا بروسيا، وسياسيًا وديبلوماسيًا بأمريكا والغرب.
ما يجري في حلب هو بروفا لما سينتقل إلى تركيا لا سمح الله، والتاريخ ينبئنا وهو لا يخطئ أن ما يجري بالشام ينتقل إلى تركيا هذا ما جرى في أيام الحروب الصليبية وتصدي الزنكيين لهم وللعبيديين، وقبل أن تنتقل المعركة إلى تركيا وأراضيها لا بد من أن تقوم الأخيرة بنقلها إلى سوريا وطرد المحتلين الروس والإيرانيين وحثالاتهم منها، والتصريحات الكلامية لزعماء تركيا بحق الاحتلال الروسي والإيراني لم تعد تجدي ولم تعد تنفع.
الخوف والقلق أن يأتي اليوم في أن تنتقل هذه المعركة إلى تركيا ولا تجد الأخيرة من يقف إلى جانبها من الثوار في الشام، بعد أن يكونوا قد أُنهكوا في مواجهات مع حرب كونية تشن ضدهم على مدار خمس سنوات، وبعد أن يكون الكثير منهم قد فقدوا الثقة والأمل بالتحرك التركي، لا سيما وهم يرون تفضيل تركيا لبعض الجماعات وبعض الألوية على حساب الألوية الحقيقية، معالجة السرطان بالأسبرين لا تجدي، ومعالجة الجرح السوري المتقيح بضرب البي كي كي أو الدواعش هو معالجة للعرض، ولا بد من خطوة تركية جريئة، فالعالم يعرف أن لديها ورقة خطيرة وهي التلويح بالعمل العسكري والجهادي في ظل ثقة العالم الإسلامي بها مما يجعل العالم كله يحسب له حسابا، لم يعد هناك ما تخسره تركيا، فالقادم أدهى وأمر، وإن فساد الرأي أن تترددا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس