إسماعيل كابان – صحيفة تركيا – ترجمة وتحرير ترك برس
في البداية يجب أن نسأل السؤال بشكل صحيح" من يدير العراق وسوريا؟ وكيف أصبح الحال في العراق بعد الاحتلال الأمريكي وتدمير الأخير وإنهائه للجيش العراقي لتصبح مهمة إدارة العراق مهمة مستحيلة؟ هذه الأسئلة مهمة جدا في تحديد ملامح المرحلة القادمة في العرق وسوريا، فبعدما استفاق تنظيم داعش من جديد وسيطر على مساحات ومدن مهمة في العراق وسوريا، بدا التحالف الدولي مع قوى إقليمية منها الجيش العراقي حربه ضد التنظيم، لكن الغريب في الحدث هو شراسة مقاومة التنظيم التي لم تظهر في الجيش العراقي أيام صدام حسين عند دخول الولايات المتحدة الأمريكية في بداية الألفية! فكيف ذلك؟
لو عدنا في الماضي قليلا وبالتحديد قبل عامين لرأينا كيف استطاع التنظيم دخول الموصل بألف إرهابي فقط بينما ولّت قطعان الجيش وألويته هاربة وهي التي كانت تقدر ب 70 ألف مقاتل محمل بأحدث الأسلحة الامريكية! من ذلك اليوم ونحن نسمع الحكايات والقصص في بطولات التحرير المفترضة للموصل، لكن ورغم ذلك ما تزال الموصل ومنذ عامين في يد التنظيم ولا يعلم أحد حقيقة ما يجري فيها إلى الآن، أما إن سألتم عن السبب فهو بسيط: لا أحد معني بما يحصل فيها وبها...
فكيف نجد أنه لا من مدرك ولا من عالم بحقيقة ما يحصل في الموصل فإن الحال نفسه في بغداد عاصمة الدولة العراقية، فلا أحد يعلم حقيقة الأمر إلا القلة القلية التي تحكم، فمن الذي يحكم إذا؟ أهم الأمريكان؟ أم الإيرانيون؟ أم العراقيون؟ فالبارحة وردا على هجمات التحالف ضد الفلوجة قام تنظيم داعش بثلاثة تفجيرات هزت العاصمة بغداد، ليُطرح السؤال: من هم اصحاب المبادرة؟ ومن الذي يملك حبال الحل والعقد في المنطقة؟
يُصرح الجنرال الإيراني قائد فيلق القدس قاسم سليماني بجملة غريبة ومثيرة للجدل قبل أيام ويقول: "لا يوجد لإيران أي حاجة من أجل الدخول الى العراق، فنظام الحكم فيها موالي لها أصلا". نعم هذا هو الحال في العراق، ومثله في سوريا، بل هو أكثر من ذلك عند الأخير في العامين المنصرمين، حيث قامت إيران وبكل ثقلها وجرت بجحافلها لتنقذ الأسد من سقوطه الذي كان محتوما. فمن يحكم العراق في حقيقة الأمر هو المجلس الإسلامي الأعلى والمكون من المعممين في النجف وقم، وهم بطبيعة الحال على صفحة ووفاق واحد مع إيران وقيادتها. وهذا الحال ليس بسر على أحد، كما هو أيضا نتيجة مباشرة لفشل الإدارة الامريكية في العراق.
تتّبع إيران سياسيات خطيرة ومؤثرة في كل من العارق وسوريا في الأعوام القليلة الماضية، فهي وبعدما أغرقت سوريا بآلاف المقاتلين ومئات القادة والمستشارين تقود حربها الدروس كتف على كتف مع الدب الروسي ضد إرادة الشعب من اجل تحقيق أهداف ومآرب خاصة بها، فهي تقوم اليوم بنفس الدور الأمريكي الذي قامت به في العراق من قبل لكن بمساندة ودعم روسي. قد تكون الأهداف والمكاسب الإيرانية في تدخلها العراقي السوري غير واضح إلى الآن ولا نستطيع رؤية ملامحه الحقيقية، لكن وكما صرح متحدث الحكومة نعمان كورتولموش فإن الصراع في سوريا إنما هو لعبة كبيرة تلعب فيها إيران أدوار محددة من أجل إخراج تركيا من الساحة السورية بالاشتراك مع أمريكا وروسيا اللتين تعملان ومنذ فترة ضد الإرادة السياسية التركية بدعمهما لحزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابي.
لا تستطيع تركيا تصويب الرؤية الأمريكية والروسية ولكنها رغم ذلك تعمل جاهدة في مقاومة انحرافاتهم، وتجهز كذلك من أجل مؤتمر جنيف الثالث؛ لعل من نتائجها ما يكون فاتحة خير؛ بحيث تعود من بعدها تركيا إلى خريطة الصراع بخطوات أكثر ثباتا وقوة، وفي ذلك أشار رئيس الجمهورية الطيب اردوغان "نحن من سيقطع حبلنا السوريا" وهو ما قد يعني وجوب اعتماد تركيا على نفسها في تحديد ملامح الصراع القادمة في الساحة المحلية والإقليمية الدولية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس