ندرت أرسنال – صحيفة يني شفق - ترجمة تحرير و ترك برس
بينما لا تزال صورة الرئيس أوباما يرغم نتنياهو في الـ 23 من شهر آذار/ مارس 2013 على الاعتذار من أردوغان ماثلة في ذكرتنا... والاتصال الهاتفي الذي أجراه نتنياهو مع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي – الذي يعد مهندس التوافق - قبيل مؤتمره الصحفي في روما الذي سيعلن فيه عن الاتفاق... وكذلك توجيه الشكر علانية إلى أمريكا والرئيس أوباما على تشجيعه الأطراف على التوافق... وإظهار الخبراء والمراقبون المحليون والأجانب الولايات المتحدة الأمريكية على أنها الدولة الأكثر استفادة من هذا الاتفاق... نلاحظ أن تركيا "من وجهة نظرنا" قد وجهت رسالتها إلى بوتين عقب توقيع الاتفاق مباشرة في أنقرة لكي تتجنب التصنيف في الإطار نفسه مع إسرائيل.
وصحيح أن تركيا تسعى إلى تقليص عدد مشاكلها في السياسة الخارجية، ولكن سيكون لهذه الخطوات انعكاسات إقليمية وعالمية.
إذن ينبغي علينا طرح السؤال التالي: كيف باستطاعة روسيا الانضمام إلى هذا "التحالف المثالي"؟
انعدام الإحساس!
عند توجيهكم تلك الكلمة إلى أولئك المحللين للاتفاق في الصحف والبرامج التلفزيونية منذ الأحد الماضي، فإنهم سيدركون مدى الضرر الذي ألحقوه بأنفسهم: لأن السبب الأول لإعادة تركيا علاقاتها مع إسرائيل هو "اللامبالاة الأمريكية"...
فقد تبدل ارتباط واشنطن مع الشرق الأوسط، كما تبدلت طبيعة وجودها الاستراتيجي في المنطقة. وبالتالي فإن كلًا من أنقرة وتل أبيب لم تكونا راضيتين عن هذا الوضع. وكلاهما شعرتا أو حتى شهدتا هذا الإقصاء.
في حين حاول بوتين عرقلة المفاوضات بين تركيا وإسرائيل إلى أن تحقق الاتفاق الفعلي. وبالمقابل تعهدت روسيا بالتعاون في مجالات رمادية معينة في المنطقة.
ومن المحتمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى عرقلة خططها من خلال تطويق واشنطن لسوريا، والشرق الأوسط وبخاصة روسيا.
ولهذا أظهرت موسكو بطاقتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع تحسن العلاقات بين روسيا وإسرائيل في الآونة الأخيرة.. في حين كانت الزيارات المكثفة والملفات المشتركة مثيرة للاهتمام.
وسرعان ما أدرك أوباما الوضع مباشرة...
ولهذا السبب وجهت رسالة "الاعتذار" من أنقرة إلى الكرملين. فالأمر أشبه بمحاولة إثارة غيرة الحبيب...
إصلاح إيران
هل يعد الاتفاق التركي الإسرائيلي تقدماً يملك القدرة على تغيير اللعبة أو التوازن في الشرق الأوسط؟ بالطبع هو كذلك. وإن تمت إدارته بشكل صحيح، بإمكانه حتى أن يصبح "صانع اللعبة".
ولذلك ينبغي التركيز على كلا الناحيتين.. وإحداهما المسألة الإيرانية. نتيجة متابعة طهران للمفاوضات بحرص شديد...
وإن لم يشيروا إلى ذلك على الإطلاق، ولكن ردود الفعل التلقائية لدى كل من تركيا والمملكة السعودية وقطر وإسرائيل سوف تهذب من طموحات إيران بدعمٍ من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
لأن هناك التحالف الروسي الإيراني وحزب الله من جهة، و"العشق" التقليدي الإيراني – الإسرائيلي في الجهة المقابلة.
وقد سبق أن كتبت مرارًا عن المنافسة الجارية بين إيران وروسيا في سوريا.. إذ لا يمكن لأحد القول بإنه لم يسمع عن مقتل العديد من القادة الإيرانيين من قبل المخابرات الروسية.
وليس هناك ما يدعو للدهشة بخصوص هذه المنافسة؛ كما ليس من المستغرب أن تتعارض الدول ذات المصالح المختلفة مع بعضها البعض. بل إنه أمر طبيعي.
أما المسألة الثانية فهي: من سيكون الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية؟ والأهم بالنسبة إلى أنقرة وتل أبيب هو كيف سيعزز الرئيس الأمريكي الجديد من مكانته في الشرق الأوسط.
ولكن الأمر المؤكد الوحيد هو؛ أيا كان الرئيس، فإنه سيتابع أو ستتابع دعم الوحدة التركية الإسرائيلية.
وإن حولت واشنطن اهتمامها إلى النصف الآخر من الكرة الأرضية، فإن نتائج الاتفاق سوف تتسع مع الزمن وتؤدي في النهاية إلى حل دائم.
وربما قد يؤدي ذلك إلى انضمام مصر إلى التحالف التركي - الإسرائيلي – القطري – السعودي بإن تبدأ ربما تل أبيب (مثل الرياض) بمحاولة وإقناع تركيا بتغيير موقفها تجاه القاهرة. وقد يفسح هذا المجال بدوره إلى اتفاق إيراني متوازن أو ساحق من ناحية، وتعيين لعبة إقليمية مختلفة هذه المرة...
وبالتالي لن ينال جميع "الشماليون" الموجودون على حدودنا الجنوبية في المقابل اتفاقات أخرى بعد الآن.
وأود أن أقول إلى المخاطبين: الذين ظهروا في الجزء الشمالي من الخطة ب، بإنهم يقفون على العتبة تماماً حيث الرياح الدافئة القادمة من الداخل!
التنفس بعمق
لم تعد "المشاركة" العسكرية والاستخباراتية بين تركيا وإسرائيل واردة كما كانت ذات مرة. وهل من المحتمل تجديدها؟ نعم، ولكن من دون استخدام عبارة "ذات مرة"...
لأن المرحلة القادمة تتطلب ذلك...
فقد ضمنت تركيا بأنها سوف تتحدث مع حماس بشأن إعادة جثتي الجنديين الإسرائيليين وإطلاق سراح الجنديين المأسورين. ويقال بإن الوفد المفاوض التركي أكد بأن الرئيس أردوغان قد وجه رسالة إلى الإسرائيليين أبلغهم فيها بأنه أعطى تعليمات إلى المخابرات التركية بخصوص هذا الموضوع".
ومن ناحية أخرى يتبادر إلى الذهن سؤال آخر وهو: هل هناك جوانب سرية للاتفاق؟
لن يكون أمرًا مستغربًا... لأن دقة البحث عند وضع الشروط الشكلية للاتفاق تشير إلى احتمال مناقشة التفاصيل المتعلقة بالمنطقة.
ومن غير الواقعي أن نتوقع منهم تفسير ذلك في هذه المرحلة...
ولكننا سندركه!
ولكن لن يتسنى لنا المجال في هذا المقال لمناقشة مسألة الطاقة في البحر الأبيض المتوسط بين الرباعي تركيا وإسرائيل وروسيا والولايات المتحدة، والتي تعتبر المسألة الحقيقة. أو مناقشة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكيفية تأثير ذلك على الاتفاق.
وبإمكانكم القراءة عن المواضيع المذكورة أعلاه في مقالي التالي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس