ترك برس

إشعال الإطارات والتبن والمحصول وسيلة مبتكرة اقتضتها الحاجة إبان محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، لصدّ الآلة العسكرية المنقلبة المستهدفة لمؤسسات الدولة ومرافقها.

يختصر مختار قرية بيتيك الموجودة في محافظة كازان التابعة لمدينة أنقرة "حجابي بيتيك" حكاية مقاومة أهالي القرية للانقلابيين بقوله إن "ما سعينا للقيام به هو الاستفادة من كافة الوسائل التي يمكن لها أن تعيق اقلاع الطائرات العسكرية من قاعدة أقينجي القريبة من قريتنا."

قدّمت ثلة من المواطنين حياتها ثمنًا لإعاقة أي تحرك بري وجوي عسكري من قاعدة أقينجي، كان بيتيك وأبناء قريته جميعًا يشعلون الإطارات ومحصولهم الزراعي لإبقاء مدرج إقلاع الطائرات تحت غيوم الدخان، وبالتالي إعاقة حركة الطائرات الحربية، على حد ما يورده موقع الجزيرة ترك الإخباري.

اتسم مساء 15 تموز/ يوليو بالهدوء ولم تظهر أي إشارة على وجود تحرك عسكري ممكن في الساعات القادمة، إلا أن سكان قرية بيتيك القريبة من قاعدة إنجيرليك كانوا أول من علم بأن مساء 15 تموز ليس عاديًا، فحسب مختار القرية اعتاد أهالي بيتيك على أصوات الطائرات التي تحلق فوق قريتهم ذهابًا وإيابًا، فهم يعيشون بالقرب من قاعدة جوية عسكرية وباتت حركة الطائرات أمرًا طبيعيًا بالنسبة لهم، ولكن التحركات العسكرية في تلك الليلة شهدت أمرًا غير اعتيادي، فتحليقها المنخفض جدًا لم يكن معتادًا لدى سكان القرية.

يضيف مختار القرية في حديثه للصحفية في موقع الجزيرة ترك "جونجاي شيناي" أنه آتى إلى البيت ووجد القنوات تتناول أنباء تُفيد بأن قوات من الجيش أغلقت جسر البوسفور في إسطنبول، وكان السؤال الذي دار في خُلد المختار وعائلته وتركيا بشكل عام "هل هناك تهديد إرهابي للجسر؟". يقول المختار: "مع خروج الطائرات على مدى منخفض وتحليق طائرات الهليكوبتر بشكل كثيف، أيقنا بأن هذا التحرك هو انقلاب عسكري".

جاء إعلان التلفاز عن محاولة الانقلاب عسكري ليزيد يقين الأهالي بوجود محاولة انقلابية، وعلى الفور انطلق مع أبنائه وأبناء قريته نحو قاعدة أقينجي لإحراق الإطارات التي تعيق عملية تحليق الطيران.

"وصولنا إلى القاعدة كان محفوفًا بالكثير من المخاطر"

تجمع أهالي القرية وانطلقوا بوسائل نقل مختلفة نحو قاعدة أقينجي، وبحكم قرب القرية من القاعدة كان سكانها أول من وصلوا إليها. يقول بيتيك: "كان الجنود على دراية بإمكانية قدوم المدنيين لمنعهم عن انقلابهم، فما إن لمحوا بعضنا حتى شرعوا بإطلاق النار علينا، دون السؤال عن الهوية كما كانت تجري العادة".

عجز الأهالي في البداية عن إبداء أي مقاومة فاعلة، لعدم توفر الكميات المناسبة من الإطارات، فاتصلوا برئيس بلدية كازان "لقمان أر ترك" لأخذ اقتراحه حول إمكانية مقاومة الانقلابيين، فاقترح رئيس البلدية القيام بأي تحرك يُحدث حالة من الارتباك داخل القاعدة. يقول المختار: "لاحظنا بأن إشعال الإطارات بالقرب من مدرج الإقلاع، أثر فعلًا على حركة الطائرات، فواصلنا في عملية الإشعال".

ويضيف بيتيك أن بعض الأهالي قاموا بحرق التبن ومحصولهم القريب من القاعدة غير مبالين بحجم الخسارة التي ستعود عليهم نتيجة ذلك العمل، فالقضية الأساسية التي سيطرت على المتجمهرين بالقرب من القاعدة، هي حماية الوطن من أيدي الخائنين.

يصور المختار تكاتف الشعب مع المؤسسات الحكومية، من خلال تنويهه إلى أنهم اتصلوا بالبلدية طالبين منها شاحنتين محملتين بالإطارات، وبعد وصول الشاحنتين أخذوا بإشعال الإطارات الموجودة بها على مسافات قريبة جدًا من القاعدة، لم تتجاوز هذه المسافة 100 متر، ليكون حجم تأثيرها أقوى على القاعدة.

يقول المختار إن ما دفع سكان قرية بيتيك لحمل أرواحهم على أكفهم غير مبالين بحجم المخاطر المحيطة بهم، هو حب الوطن الذي يهون في سبيله كل غالي ونفيس، وما يشعره سكان بيتك اليوم هو الفخر الشديد بدورهم البطولي في إحباط عملية انقلابية كادت أن تنجح، لولا المقاومة الشعبية الجبارة التي أبداها الشعب التركي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!