علي العبدالله - خاص ترك برس
كتب الصديق الأستاذ ميشيل كيلو مقالة تحت عنوان "قول على قول" نشره على موقع ترك برس يوم 26 آب/ أغسطس 2016 يرد فيها على مقالتين لي كنت نشرتهما على موقع جريدة المدن الالكترونية أول ردا على أطروحته بخصوص القضية الكردية وآخر على قراءته لتقرير معهد الأبحاث والتطوير- راند حول سبل التسوية في سوريا. هنا ملاحظات على رده.
بداية أود التأكيد أنني لم أكتب مقالتي حول "إسرائيل الثانية" ردا على الصديق ميشيل وحده بل على أكثر من معارض، وهو بينهم بالتأكيد. وهي إشارة ضرورية لأنها حكمت علي بسرد مراحل من تاريخ الكرد في المنطقة، لأن هناك من أثار أسئلة من نوع أين هم الكرد، ومن أين هم، ومتى جاؤوا إلى المنطقة، وأكدوا أنهم وافدون جدد، وكان الهدف الثاني، من السرد، إيضاح أن السعي من أجل كيان كردي ليس جديدا وأنه كانت له تجارب ومحاولات فشلت لاعتبارات كثيرة أهمها رفض دول المنطقة الإقرار بالكرد كشعب وأمة، وتنكر القوى الدولية لوعودها لهم بعد إنجاز أهدافها في المنطقة.
لم يكن المقصود بتعبيري في مدخل مقالتي "من بين الأوصاف التي أطلقها معارضون سوريون، وهي كثيرة، على الطموحات والمطالب الكردية يبقى وصف "إسرائيل الثانية" أكثرها جهلا وغباء لتناقضه الصريح مع التاريخ والواقع معا". مشروع "حزب الاتحاد الديمقراطي" بل "الطموحات والمطالب الكردية"، وهذا يدفعني لإبداء استغرابي من قول صديقي ميشيل "في رده، قال الأستاذ علي إن "من الغباء" تشبيه مشروع البايادا بالمشروع الصهيوني، لأن الصهاينة غزاة أغراب جاؤوا من الخارج ليحتلوا فلسطين، بينما الكرد أبناء منطقة ووطن وتاريخ مشترك"، ويضيف "ركز الأستاذ على مسألة غير مطروحة أصلا، ليهرب من أخذ موقف من مشروع البايادا"، علما أن مشروع "البايادا" الرسمي هو الفدرالية وليس إقامة دولة مستقلة، وإن خطأه محاولة فرضها بالقوة وبفعل الأمر الواقع، وقد كتبت أكثر من مقالة انتقدت فيه ممارسات الحزب المذكور، وإن محازبيه يعتبرونني معاديا لهم.
أما مقالتي "ليس دفاعا عن راند"، فكانت ردا على ما كتبه الأستاذ ميشيل حول تقرير المؤسسة في ضوء نقاط غير صحيحة وردت في مقالته: اعتباره التقرير يدعو إلى التخلي عن القرارات الدولية حول سوريا، واعتباره سياسة الإدارة الأمريكية في الملف السوري تنفيذا لهذا التقرير (لعلي لم أوفق في اختيار العنوان كان الأسلم أن يكون "ليس دفاعا عن الإدارة الأمريكية").
دخلت إلى مناقشته بالقول "أثار تعليق مثقف سوري معارض في مقالة له في صحيفة عربية تصدر في لندن على دراسة أصدرتها مؤسسة "راند" الأمريكية تحت عنوان "خطّة سلام من أجل سورية" قلقا وحيرة لدى سوريين كثر، قلقا من المحتوى الذي نسبه المثقف الهمام إلى الخطة". وهو قول ما زلت أعتقد بصحته لأنه ذهب إلى تحميل النص ما لا يحتمل: "إنه تخلى عن القرارات الدولية... إلخ"، و"إن الإدارة الأمريكية تنفذه"، كما أنني حددت الشريحة التي أقلقها كلامه بـ "لدى سوريين كثر"، لأنه أثار الفزع عند كثيرين، للدلالات الخطيرة التي حمّلها لنص يقترح آلية تقنية لتنفيذ الحل السياسي في سوريا ليس دون أن يعلن رفضه للقرارات الدولية ذات الصلة بل وتلميحه إلى التمسك بها وفق قوله هو نفسه "ليس هذا كل ما يثير القلق في الخطة، المقلقة جدًا، ما يثير القلق والغضب حقًا يرد في فقرة تؤكد، أن "الخطة" لم تجر أية تعديلات ذات أهمية أو شأن على الثوابت التي اعتمدها البيت الأبيض سياسة حيال الحدث السوري منذ عام 2011، وتمسّكت بها طوال السنوات الخمس الماضية".
لكنه يتابع وينقض قوله هذا بالقول: "تقول الخطة إنها التزمت بهذه الثوابت في ما اقترحته، وإنها تقوم على مواقف واشنطن الحقيقية، عديمة الاكتراث بحق الشعب السوري في الحياة والحرية، وبمجازر النظام" في تعارض تام مع ما جاء في التقرير عندما يقول في القسم الثاني من الدراسة وبصريح العبارة:
"طرح واضعو هذه الرؤية، في شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2015، خطة سلام من أجل سورية، قدَّمت توصيات عدَّة لتغيير النهج الأمريكي حيال الصراع السوري"، و"هذه الرؤية هي الثانية في سلسلة، يناقش فيها واضعوها، خطوات عملية تهدف إلى الحد من القتال في سورية؛ لتوفير مزيد من الوقت، لعمليةٍ انتقالية وطنية، والهدف النهائي لهذه العملية، هو سورية ديمقراطية، موحدة، وشاملة". يتحدث التقرير عن تغيير "النهج" الأمريكي وليس الموقف الأمريكي، ما يؤكد طبيعة التقرير التقنية، ويدعو إلى "لذلك، يجب أن تكون (الخطة) موضوع دراسة وتأمل عميقين، ما دام تطبيق بقية بنودها يعني نهاية وطننا"، وهنا كان جوهر نقدي لأن التقرير يشير في أكثر من مكان إلى تطابقه مع موقف الإدارة قال: "يتلخص الموقف الرسمي للولايات المتحدة وشركائها الدوليين، في أن مستقبل سورية السياسي، هو قرار السوريين، بما يتوافق مع بيان جنيف عام 2012، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2245 "، و"لذلك، فإن من المهم، أن تساعد الولايات المتحدة، وشركاؤها، في تعزيز الحكم المحلي، والأمن في تلك المناطق؛ ليس لتكريس الانقسام، وإنما لإدامة السلام، والاحتفاظ بإمكانية إعادة التوحيد في النهاية"، ويقترح آلية وقف اطلاق النار وتثبيت مواقع المتحاربين للتنفيذ. وعليه فقد كانت نافلة أقوال الأستاذ ميشيل عن رفضي للمسار الأول:
المفاوضات على قاعدة المرجعيات الدولية المطروحة، لأنه لا أحد استبعدها، وكذلك تلبيسي موقف أنني أقول "إن المسار الثاني أكثر واقعية"، لأن المسار الثاني ليس كما وصفه. وعلق على قولي في ختام ردي "كان الأجدى بالكاتب تفنيد الخطة بالبرهنة على عدم واقعيتها" كآلية، تعليقا عجيبا بالقول: "بعد هذا كله، يطالبني الأستاذ ببراهين على أن التمسك بتطبيق جنيف والقرارات الدولية أفضل من خطة راند، وإن سورية الديمقراطية الموحدة دولة ومجتمعا أفضل من دولة البايادا ودولة الأسد ودولتي الجيش الحر شمال وجنوب سورية، المحتلتين بدورهما، ومن دولة "داعش" التي سيوضع ما يحرر من أراضيها تحت وصاية أممية!".
في رده على قولي "وحيرة من صفاقة نخبة المعارضة التي لا تتأخر في التقاط الرسائل والإشارات الإقليمية والدولية بخصوص قضية تنطحت لإدارتها وتصّدرت صفوف العاملين لأجلها فحسب بل وتلجأ إلى تبرئة الذات بالتحدث عن عجز وفشل الآخر في المعارضة وكأنها ليست جزءا بارزا فيها ومنها". أسقط الأستاذ ميشيل كلمة هي لب الملاحظة "لا تتأخر" وراح يرد قائلا: "لا أعرف لماذا يعتبر الأستاذ أن "من الصفاقة" قيام من يسميه "نخبة" المعارضة بواجبها في "التقاط الرسائل والإشارات الإقليمية والدولية بخصوص قضية تنطحت لإدارتها وتصدرت صفوف العاملين لأجلها".
أليس هذا واجبها، وبأي منطق يكون من الصفاقة أن تقوم النخبة بواجبها؟. يبدو أن الأستاذ قرر إطلاق شتائمه علي لأنني أقوم بواجبي في التقاط... إلخ". ويعتبر أن ليس في نقد المعارضة التي هو في صفها الأول على وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة مضاضة لـ "أن الائتلاف يضم تيارات وتوجهات متنوعة تتبنى وجهات نظر غير متطابقة بالضرورة حول القضية السورية وتعقيداتها، وأنه يقر بحق الائتلافيين في اعتماد قراءات مختلفة لهذا الحدث أو ذاك، فإن فشلت قراءته كان من حق أعضائه القول بأن فشلها يعبر عن عجزه، دون أن ترى قيادته في ذلك رغبة لدى نقاده في تبرئة ذواتهم، خاصة إن ثبت أن قراءتهم كانت صحيحة."
صحيح أن ثمة تيارات وتباينات داخل الائتلاف لكن الصحيح ايضا أن النقد والتصحيح يتم داخل الأطر الرسمية وليس على منابر الإعلام، لأن مثل هذا النقد لا يصحح، كما ذهب، بل يثير الشكوك والريبة ويؤجج الخلافات ويدفع إلى التشتت والانقسام.
في الختام أود ان أسجل اعتراضي على محتوى فقرة وردت في بداية رده حين قال:"لم يذكر الأستاذ علي اسمي، لأن ذكره كان سيحول على الأرجح بينه وبين السخرية مني في رده الأول، واتهامي بالغباء في الثاني، بالنظر إلى ما كان بيننا من علاقات طيبة، وما تشاركنا فيه من نضالات على امتداد سنوات عديدة قبل وخلال الثورة". واعتراضي منصب على ناحيتين أولى أنني لم أذكر اسمه ليس حتى يسهل علي شتمه، كما زعم، لأنني مع التعبير الدراج الخلاف لا يفسد للود قضية، بل التزاما بتقاليد الصحافة التي لا تقبل الرد على مقالات نشرت في صحف أخرى وتتحوط للموضوع بتجهيل الطرف المنقود، وثانية على أننا ناضلنا معا "قبل وخلال الثورة" نعم ناضلنا معا قبل الثورة لسنوات في "لجان إحياء المجتمع المدني" لكنه لم يحصل بعد الثورة قط حيث كنا في موقعين مختلفين هو مع الحوار مع النظام كمدخل لتفكيكه، حسب رأيه، وقد مارس ذلك ولم يصل إلى النتيجة التي زعم حصولها بالالتقاء، مع آخرين، بالدكتوره بثينة شعبان والأستاذ فاروق الشرع، وعمل أيضا مع آخرين على عقد لقاء سمير أميس، بينما كنت أنا مع ضرورة أن يلمس النظام أنه محاصر بالحراك الشعبي وليس له مخرج سوى القبول بمطالب المتظاهرين، وهذا كان محتوى موقفينا في اللقاء اليتيم الذي حصل بيننا بعد الثورة في جلسة حوارية في منزل الأستاذ فايز سارة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس