مصطفى كرالي أوغلو – صحيفة قرار - ترجمة وتحرير ترك برس
تعرض أكبر المستشفيات الميدانية التابعة للمعارضة في حلب للقصف خلال نهاية الأسبوع الماضي. وذلك نتيجة الممارسات الاعتيادية للقوات الجوية الروسية طوال السنة والتي ازدادت بشكل خاص خلال الأسابيع الأخيرة. فقد أصبح قتل المدنيين وملاحقتهم أحد الأعمال الاعتيادية جداً بالنسبة إلى روسيا وعدم إبداء العالم أي رد فعل تجاه ذلك.
وبالطبع، لا تزال المأساة الإنسانية في حلب مستمرة بوحشية أكبر مما سبق. وذلك من خلال مواصلة روسيا وإيران والقوات التابعة للأسد القضاء على من تبقى في المدينة من المعارضة وبخاصة المدنيين. وبالتالي فإن البؤس الذي أصاب الولايات المتحدة الأمريكية في وقت لم تبدي فيه رد فعل تجاه الحدث أو أي وقف إطلاق نار مفترض، أي كما وصفته الخارجية الروسية "بالانهيار العاطفي" يمكنه إيقاف هذا الاتفاق.
ودعونا نذكر... بالشبهات حول استخدام روسيا قنابل عنقودية بشكل واسع سابقاً وخلال هذا الهجوم وقصفها مشفى الصاخور في حلب بالبراميل المتفجرة. ومن المتوقع قيام الروس بالتخطيط من أجل شن هجمات أكثر دموية نظرًا لغياب أي رد فعل عالمي. وبالرغم من قتل الناس المتواصل في سوريا طوال العام فقد شرعوا في استخدام القنابل الخارقة للتحصينات في الآونة الأخيرة.
ومع تدخل روسيا لمدة عام في سوريا ومشاركتها في الحرب، أحرز الجيش السوري الحر تقدمًا ضد قوات الأسد في أواخر شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي. ولكن هذا التوازن تغير بوقوف روسيا إلى جانب الأسد وتدخلها مع إيران في الحرب وارتكابها مجازر بحق المدنيين في بعد عديم الرحمة مما أدى إلى توقف عمليات السلام بشكل كامل. وبالتالي صمود نظام الأسد المنتهي طبيعيًا. في حين لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تفكر بما عليه فعله واقتصار سياستها على موضوع محاربة داعش كذريعة لها واكتفائها بإظهار عدم قدرتها على التخلي عن تعاونها مع حزب الاتحاد الديمقراطي.
ولسوء الحظ فقد استشهد نتيجة القصف قرابة 3 آلاف شخص منذ تدخل روسيا في الحرب وإلى الآن من بينهم 750 طفل وأكثر من 55 امرأة وفقًا لجميع الأرقام التي قدرتها الإحصائيات فحسب. إذ لم يعد لدى بوتين شأن آخر سوى قصف المستشفيات بهدف قتل المدنيين. فقد تعرض قرابة 59 مركز صحي للقصف منذ أيلول 2015 وحتى شهر تموز من العام الحالي. بالإضافة إلى فقدان العديد من الأطقم الطبية حياتهم نتيجة هذه الاعتداءات.
وبناء عليه أصبحت ميزة قتل المدنيين ومن ثم مواصلة العمل وكأن شيئًا لم يكن تشمل روسيا بعد أن كانت مخصصة لإسرائيل فقط...
وفي غضون ذلك عرقلة موسكو تطبيق خطط السلام. وتبديدها بكل فظاظة الخطط المقترحة إجراء انتخابات خلال 18 شهراً دون الحاجة حتى لإظهار مهارتها في ذلك. وبالتالي فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تطبيق الخطة المتفق عليها نتيجة المجازر الروسية. وذلك نتيجة مواصلة روسيا قتلها للمدنيين والقصف بحجة محاربة داعش وجبهة النصرة. مما أدى إلى إنهيار المفاوضات بالتزامن مع قصف حلب بعد استمرارها لأسبوع واحد فقط.
ربما انتهت حلب الآن ولكن هناك حقيقة لا يدركها العالم تمامًا. وهي نجاح روسيا في زيادة دائرة نفوذها العالمية في مجال غير محدود فتحه لها أوباما الذي أكمل دائرته في "وضعية المتررد" طوال فترة رئاسته على امتداد 8 سنوات. علاوة على توسع نظام بوتين في منطقتنا بشكل خطير دون رقيب ولا حسيب.
ولكن لا بد لهم من إدراك بأنه في حال لم يتم إيقاف هذه القوة في حلب فإنها لن تتوقف في أي مكان آخر. لأن السياسة الروسية تجاه سوريا تتقدم بالشكل الذي أفضت إليه الحروب في العصور القديمة تدريجيًا. وبالتالي فقدان احتمال وجود أي قانون أو قاعدة دولية، أو إقامة أي توازن قوى آخر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس