ترك برس
قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، أن حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي (معارضان)، يتهمان رئيس حزب الحركة القومية دولت باهتشلي، بدعم حزب العدالة والتنمية في تنفيذ مشروع الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، "إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك وتؤكد أن الحزبين المعارضين يتهربان من اللجوء إلى إرادة الشعب التركي".
وأشار ياشا، في مقال له بموقع "أخبار تركيا"، إلى تصريحات مفاجئة أطلقها باهتشلي قبل أسبوع معلنًا رغبة حزبه في إنهاء الجدل الدائر حول الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي من خلال عرض التعديل الدستوري الذي يعده حزب العدالة والتنمية على استفتاء شعبي.
وقال باهتشلي: "لا نخاف من أن نسأل الشعب ولا نشعر بأي حرج من الذهاب إلى استفتاء شعبي"، ليمنح الحكومة الضوء الأخضر للمضي قدما في إعداد مشروع التعديل الدستوري وتقديمه إلى البرلمان.
وبحسب ياشا، فإن الحكومة التركية التقطت بدورها هذه الإشارة، وشكر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم رئيس حزب الحركة القومية على تصريحاته التي وصفها بــ"المشجعة"، مضيفا أن حزب العدالة والتنمية سيقدم مشروع التعديل الدستوري إلى البرلمان في أقرب وقت ممكن.
مشروع التعديل الدستوري الذي يتوقع تقديمه إلى البرلمان في يناير / كانون الثاني 2017، بحاجة إلى 330 صوتا من أصل 550 صوتا حتى يتم عرضه على الشعب. وإن صوَّت 367 نائبا لصالحه لا يشترط عرضه على الاستفتاء، بل تكفيه مصادقة رئيس الجمهورية.
ويصل مجموع عدد نواب حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية إلى 357 نائبا، ما يعني أن تمرير التعديل الدستوري من البرلمان مباشرة دون عرضه على الاستفتاء يحتاج إلى تصويت عدد من نواب حزب الشعب الجمهوري أو حزب الشعوب الديمقراطي، بالإضافة إلى تصويت جميع نواب حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لصالحه.
وصرح رئيس الوزراء التركي بأن مشروع التعديل الدستوري سيتم عرضه على الاستفتاء ليقول الشعب الكلمة الأخيرة، سواء مرَّ من البرلمان بموافقة 330 نائبا أو حصل على 367 صوتا في التصويت، ليؤكد أن تعديل الدستور بشأن الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي سيتم عبر استفتاء شعبي حتى لو صوَّت نواب البرلمان كلهم لصالح هذا التعديل.
وبالتالي، سيكون القرار النهائي الذي يحسم الأمر قرار أغلبية الشعب التركي. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نسبة الناخبين المؤيدين للانتقال إلى النظام الرئاسي تفوق 60 بالمائة.
وتابع ياشا: ناقشت تركيا موضوع الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي لمدة أسابيع قبل الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 يونيو / حزيران 2015، وكان حزب العدالة والتنمية قد بنى استراتيجيته الانتخابية على إقناع الناخبين بضرورة تعديل الدستور والانتقال إلى النظام الرئاسي.
ونزل رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان نفسه إلى الميادين ليدعو المواطنين إلى التصويت لصالح هذا المشروع، ولكن حزب العدالة والتنمية فشل في الحصول على عدد من مقاعد البرلمان يمكنه من تشكيل الحكومة وحده، ناهيك عن تعديل الدستور.
وكانت نتائج تلك الانتخابات مخيبة لآمال قادة حزب العدالة والتنمية، وعاشت تركيا بعدها حالة من الغموض وعدم الاستقرار لمدة أشهر حتى أجريت الانتخابات المبكرة في الأول من نوفمبر / تشرين الثاني 2015. وفي تلك المرحلة لم يتطرق حزب العدالة والتنمية إلى موضوع تغيير النظام من البرلماني إلى الرئاسي، بل كانت حملاته الانتخابية تركز على ضرورة الخروج من حالة الغموض للحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي.
حزب العدالة والتنمية فاز في الانتخابات المبكرة وحصل مرة أخرى على أغلبية في البرلمان تكفي لتشكيل الحكومة وحده، إلا أنها لم تكن كافية لتعديل الدستور. ثم حدثت تطورات هامة داخل تركيا وخارجها أخرجت موضوع الانتقال إلى النظام الرئاسي من بين الملفات التي تشغل الرأي العام التركي.
في سياق متصل، قال الكاتب والمحلل السياسي سعيد الحاج، إن "العمليات الحسابية ليست قطعية أو حتمية، كما أنها لا تغني عن مناقشة مضمون مقترح العدالة والتنمية وتفاصيله المتعلقة بالنظام الرئاسي وشرحها للمقترعين ولعموم الشعب التركي.
فالمتداول حتى الآن هو "نظام رئاسي تركي شبيه بالأمريكي"، مع اختلافات واضحة في مقدمتها غياب فكرة الفيدرالية وتعدد المجالس النيابية (سيبقى برلماناً واحداً)، بما يعد بنقاشات مطولة في البرلمان ووسائل الإعلام وغيرها من المحافل".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!