سيفيل نوريفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
الحرب والعقيدة, هما معنى الحياة بالنسبة إلى المجتمع الروسي. ساهمت الحروب عبر التاريخ "بغض النظر عن الأطراف المحاربة" في زيادة تلاؤم روسيا في الداخل بدلاً من تجزئتها. يحاول الغرب معاقبة روسيا من خلال الحرب والفقر الاقتصادي, في حين تثبت روسيا مجدداً أن الغرب لم يستطع القيام بالتحليل الصحيح للبنية الروسية وذلك من خلال قدرتها على التلاؤم في الداخل أثناء الحروب. كما أثبت المجتمع الروسي نجاحه في زيادة قوته من خلال فلسفته العقائدية مهما كان نوع العقيدة سواء كانت سياسة او دينية أو غيرهما.
أفصح الرئيس الروسي "بوتين" عن رغبته في دخول التاريخ كـ "بطرس الأول" وأنه يتبع جميع خطواته بهدف إحياء روسيا من جديد, وتمكن من خلال ذلك من إعادة قيم المجتمع الروسي إلى الحياة.
يمكننا أن نرى اليوم جهود الغرب المبذولة لإعادة تأسيس العلاقات مع روسيا بعد أن حاول جاهداً الضغط على روسيا من خلال فرض العقوبات الاقتصادية عليها.
لا يمكن تجاهل أدوار الشخصيات عبر التاريخ, إنها حقيقة تاريخية. لذلك يمكننا معرفة الأهداف الحقيقة لروسيا اذا قمنا بالتحليل الصحيح لدور "بوتين" في التاريخ الروسي وقراءة العقوبات التي يجب تطبيقها على روسيا بشكل صحيح.
يشغل معظم الأشخاص تفكيرهم بالتساؤل عن إمكانية زيادة الثقة في روسيا. لكن يجب أن نشغل تفكيرنا بهذه المسألة: تتحرك روسيا حسب مصالحها مثل باقي الدول التي تهدف إلى أن تصبح ضمن الجهات الفاعلة العالمية. ويمكننا رؤية التشابه الواضح بين ما تفعله روسيا وما تفعله الولايات المتحدة الامريكية.
على الرغم من العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا, إلا أن التحركات الروسية الأخيرة تجاه الغرب كانت عبارة عن سياسة دولة حكيمة جداً. حيث كانت "محاولاتها في زرع الفتنة بين أمريكا وأوروبا, وزيادة أسهمها في وسائل إعلام الغرب, ودعمها لشركائها الأوروبيين علناً, وعدم تخليها عن التحركات التي تجعل من الدولة دولةً كبيرة" مؤشراً على عدم اتخاذ "بوتين" خطوة إلى الوراء. كما كتبت مسبقاً, إن من يدّعي أن روسيا ستنهار تحت هذا الضغط فهو لم يستطع قراءة ومعرفة روسيا بشكل صحيح. بدليل أن من كان يتوقع رؤية روسيا غارقةً بعد هذه الأحداث أصبح يواجه روسيا جديدة أكثر طموحاً في المجال الجيوسياسي.
ضاعفت أوروبا جهودها في محاولاتها لإعادة تأسيس العلاقات مع روسيا, ولا شك في أن "بوتين" سيقوم بتحويل هذه الأحداث إلى وثائق مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية.
من الصحيح أن روسيا تعرضت لمشاكل كبيرة من الناحية الاقتصادية, لكن محاولات الغرب في التسبب بانهيار روسيا اقتصادياً باءت بالفشل. لأن هذه العقوبات الاقتصادية أدّت إلى زيادة توحد المجتمع الروسي بدلا من تجزئته.
بسبب هذه التحديدات الخاطئة أصبحنا نشهد على النتائج الوخيمة للاستراتيجية الأمريكية الخاطئة في سوريا والعراق ومناطق الشرق الأوسط أجمع.
بالنسبة إلى العلاقات الروسية-التركية, سنرى خلال الأيام القادمة أن فكرة "تحول المسار التركي" غير صائبة، إن الجهات التي ادّعت أن المسار التركي تحوّلت بدأت الآن بالسعي إلى تصحيح العلاقات مع روسيا, وبدأت بإرسال المبعوثين السياسيين إلى روسيا لتنفيذ هذا الغرض. ويجب أن أكتب من الآن أننا سنرى الموقف نفسه مع الولايات المتحدة الأمريكية.
عند العودة إلى مسألة تحول المسار في تركيا, فإن الأخيرة لا تقوم بتحويل شيء. بل بدأت بمرحلة التنفيذ بعد أن قامت بتحليل جميع البيانات الدورية. وهذا تصرف حكيم جداً من الحكومة التركية. وبالتأكيد لن تصبح تركيا معادية لروسيا لوجود عدة قضايا مشتركة بين الدولتين. حاولت الجهات التي أشعلت الحرب بين روسيا والدولة العثمانية أن تقوم بإعادة إشعال هذه الحرب بين روسيا وتركيا, لكننا نرى أن عهد الحروب قد انتهى وبدأ عهد السياسة والذكاء. لكن أثناء القيام بذلك لا بد من أخذ جميع حقائق روسيا بعين الاعتبار.
ستتحرك روسيا وفقاً لمصالحها وستحاول إنشاء دولة روسيا العظمى في كل فرصة, وهذا أمر واضح. علينا التفكير بما سنفعله نحن بدلاً من التفكير بما سيفعله الآخرون. أن نكون أقوياء هو أكبر سلاح نملكه في عالم يعبد القوة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس