ترك برس
أشار مقال تحليلي بجريدة "القبس" الكويتية، إلى وجود تخوّف لدى المسؤولين الأتراك من عودة ملف "الإخوان المسلمين" كملف خلافي بين تركيا وبعض دول مجلس التعاون، في حال شروع الإدارة الأمريكية الجديدة في تصنيف الجماعة منظمةً إرهابية، وهو الأمر الذي لو حصل فعلاً فإنه لن يصبّ إلاً في مصلحة إيران.
وتحدث المقال، الذي كتبه الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية الدكتور "علي حسين باكير"، عن حملة انتقادات لاذعة شنّها مسؤولون أتراك مؤخرًا ضد السياسة الخارجيّة الإيرانيّة في المنطقة، وتحذير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال زيارته للبحرين الأسبوع الماضي من عنصرية فارسية، تسعى إلى تمزيق العراق وسوريا، وفق أجندة طائفية.
ورأى باكير أن تصاعد الانتقاد التركي لإيران في هذه المرحلة يعود إلى جملة من الأسباب ذات الطابع الإقليمي، من بينها ما يقول مسؤولون أتراك رفيعو المستوى إنّها جهود إيرانية حثيثة لتقويض الوضع في سوريا، من خلال حثّ الأسد والميليشيات الشيعية على الاستمرار في العمليات العسكرية، ومحاولة عرقلة التعاون الروسي ــــ التركي وافتعال مشاكل وخلافات بين الجانبين.
ويترافق ذلك ـــ أيضاً ـــ مع مجيء الإدارة الأميركية الجديدة التي تبدو ـــ على عكس الإدارة السابقة ـــ مستعدة لاتخاذ خطوات عقابيّة جادة بشأن التوسع الإيراني الإقليمي، ومنفتحة على التعاون مع دول المنطقة، للحد من قدرة إيران على زعزعة الأمن والاستقرار، وهو ما يؤكد المعلومات الخاصة التي نقلناها سابقا عن فحوى الاتصال الهاتفي الذي تمّ بين دونالد ترامب والرئيس التركي في 7 فبراير الجاري.
وأشار إلى أن الجانب التركي يحاول التناغم مع بعض أوجه سياسات إدارة ترامب للتأكيد على النقاط المشتركة، وفي هذا المجال بالتحديد يساعد انتقاد إيران على تحقيق هذا الغرض، لا سيما مع تصاعد وتيرة الاستياء التركي من السياسات الإيرانية من جهة، ولأنّ مثل هذا الموقف سيدفع ــ أيضاً ــ باتجاه تمتين العلاقة مع دول مجلس التعاون، حيث تتطابق الرؤى بين الطرفين في ما يتعلق بسوريا والعراق واليمن، وكلها ملفات لا يجمع بينها إلا وجود تدخّل إيراني قوي، طائفياً وعسكرياً وسياسياً.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أنّ مثل هذا التوتّر مؤقّت وسيزول، يعتبر آخرون أنّ الاختلاف الجوهري والعميق بين الطرفين موجود، وسيبقى كذلك، وأنّ وجود علاقات اقتصادية قوية مع إيران بحكم الجغرافيا لا يمكن أن يمنع الجانب التركي من انتقاد النظام الإيراني بشكل قوي، والإشارة إلى مكمن التناقض معه إزاء سياساته الطائفية والتخريبية في المنطقة.
ووفقًا للباحث، هناك من يعتقد أيضاً أنّ الواقعيّة تتطلّب إشراك إيران في حل المشاكل المشتعلة في المنطقة، وأنّ استبعادها ستكون له نتائج عكسيّة؛ إذ إنّها ستبقى قادرة على التخريب والتعطيل، في حين إنّ إشراكها سيعطي الإمكانية لدول المنطقة لاحتوائها، لكن مثل هذه الرؤية لدى بعض المسؤولين الأتراك تتجاهل بطبيعة الحال الخبرة التاريخية بسلوك النظام الإيراني.
واعتبر باكير أن مثل هذا التباين لا يقتصر أيضاً على المتابعين فقط، ففي حين لا يخفي مسؤولون أتراك رفيعو المستوى ـــ من بينهم الرئيس أردوغان ـــ امتعاضهم من إيران، وانتقادهم لها سرّاً وجهراً، حينما يستدعي الأمر ذلك، لا يريد بعض النافذين في تركيا في مواقع مختلفة من صنع القرار حصول تصعيد مع طهران.
وغالبا ما يسعى هؤلاء للتأثير بطرق مختلفة في الاتجاه الأول استناداً إلى مبررات مختلفة اقتصادية وسياسية، في حين يعتمد بعضهم على التوجه "الإسلامي المحافظ" لجسر الهوّة معها، وهو اتجاه، وإن تقلّص كثيرا في تركيا في السنوات الأخيرة، مقارنة بما كان عليه قبل اندلاع الثورات العربية، إلا أنّه لم ينته بشكل كلي.
نائب رئيس الوزراء والناطق الرسمي باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش كان قد قال للصحافيين مؤخرا إنّ "إيران وتركيا بلدان صديقان. هناك اختلاف في وجهات النظر من حين لآخر، لكن لا يمكن أن تولد عداوة بسبب تصريحات، وحتى لو ظهرت خلافاتنا السياسية مع إيران فإنه ينبغي عدم تضخيمها بشكل كبير".
وأوضح باكير أن من المفارقات أنّ الجانب الإيراني حاول استغلال الزيارة التي أجراها رئيس الجمهورية حسن روحاني إلى كل من الكويت وسلطنة عُمان للترويج بأنّ إيران تسعى إلى علاقات جيّدة مع جيرانها، في الوقت الذي حرص فيه الجانب التركي على توحيد الأجندات إزاء القضايا الإقليمية المشتعلة.
وأضاف: "من البديهي القول إنّه ما لم ترجّح كفة العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنيّة التي تضمن ترسيخ المصالح المشتركة مع طرف من هذه الأطراف (إيران ودول الخليج العربي)، فان التجاذب سيبقى قائماً، علماً بانّ هناك من يسعى بالفعل إلى توثيق العلاقة مع دول الخليج العربي للتخلّص من قدرة إيران على استخدام بعض الأوراق في ليّ ذراع تركيا إقليمياً.
لكن لا يزال هناك تخوّف لدى المسؤولين الأتراك من عودة ملف "الإخوان المسلمين" كملف خلافي بين تركيا وبعض دول مجلس التعاون، في حال شروع إدارة ترامب في تصنيف "الإخوان" منظمةً إرهابية، وهو الأمر الذي لو حصل فعلاً فإنه لن يصبّ إلاً في مصلحة إيران".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!