ريتشيل بوفلار - صحيفة ذا ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
مع حلول الظلام يتردد صوت الآذان في جميع أنحاء إسطنبول، بينما أهبط من الطائرة بعد رحلة مبهجة إلى غازي عنتاب جنوب شرقي تركيا على الحدود السورية.
ومرة أخرى أعود إلى أكبر مدن تركيا وأحاول أن أفهم ما حدث للتو. أتولى إدارة منظمة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان"، وهي منظمة كندية رائدة في تطوير وسائل الإعلام.
يعمل مع "صحفيون من أجل حقوق الإنسان" صحفيون من جميع أنحاء العالم، ويقدمون أفضل تغطية لقضايا حقوق الإنسان بشكل فعال وأخلاقي. ويستهدف آخر مشروعاتنا الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية الصحفيين السوريين، ولهذا توجهت إلى تركيا لإطلاق المشروع.
عندما كنت في غازي عنتاب حظيت بشرف اللقاء مع ريم حالب، وهي شابة سورية تبلغ من العمر سبعة وعشرين عاما، وتدير محطة إذاعية سورية. قبل خمس سنوات أطلقت ريم محطة نسائم سوريا، بهدف تمكين أبناء الشعب السوري من الوصول إلى معلومات موثوقة عن الأزمة في بلادهم.
ومنذ ذلك الحين تركت ريم مدينة حلب عندما أصبح ضغط الصراع لا يطاق، ونقلت المحطة الإذاعية إلى مدينة غازي عنتاب التي لا تبعد إلا ساعة بالسيارة عن الحدود التركية.
تبث الإذاعة على موجات الإف إم وعلى صفحة الفيسبوك، ويتابعها عدد من السوريين في حلب وفي أماكن أخرى يقدر عددهم بـ212 ألفا.
تتسم ريم بالقوة والذكاء والحيوية في السيطرة على فريق العمل الصحفي للإذاعة التي تتضمن شبكة من المراسلين في جميع أنحاء سوريا. في اليوم الذي زرت فيه المحطة كانت ريم تشرف على برنامج يتضمن اتصالات هاتفية حول أفضل السبل لمواجهة تحديات الصحة العقلية في أعقاب الحصار الوحشي الذي فرضه النظام في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على مدينة حلب.
ترجم محمد الشما المدرب الإقليمي في منظمة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان" الحوار الذي دار في الاتصالات الهاتفية، ومن المتصل. ألقيت نظرة فاحصة على جدران المحطة الإذاعية المزينة بصور رائعة لفريق العمل الشاب، وأنصتُّ في الوقت نفسه للشباب الحلبيين وهم يناقشون الصدمة التي تعرضوا لها في فترة ما بعد الحصار، ويفكرون معا في سبيل التعامل مع هذه الصدمة.
هذا هو المستقبل الذي نريد أن نراه في سوريا. فها هنا توجد مجموعة رائعة من الشباب ذاقت الأمرين. توجه ريم وفريقها طاقاتهم نحو رؤية قوية وإيجابية للمستقبل الذي يصنعونه ويرغبون في رؤيته، ولا يسمحون لتلك التجربة التي مروا بها بأن تسحق معنوياتهم.
ريم واحدة من كثير من الشركاء المحتملين في مشروع "صحفيون من أجل حقوق الإنسان" الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية ويستمر لمدة عامين، ويستهدف مجموعة من الصحفيين السوريين المنتشرين في تركيا وسوريا وجميع أنحاء العالم.
والهدف الرئيس لهذا المشروع هو المساعدة في تزويد السوريين بمعلومات من مصادر موثوقة، وسوف يعمل المتدربون أيضا على تنقية فهم الناس لمفهوم حقوق الإنسان حتى في هذه اللحظة التي يتعرضون فيها للخطر والخوف، وبناء الأمل في المستقبل، كما يهدف هذا المشروع إلى بناء مستقبل علمي مستقل وفكر نقدي في سوريا.
قضى جميع الصحفيين السوريين العاملين مع المنظمة، بمن فيهم ريم، وقتهم في الاختباء، ويستخدمون أسماء مستعارة أثناء العمل، وفقد كثير منهم عددا من أفراد عائلاتهم على يد داعش أو قوات النظام السوري، في تحذير مباشر لهم بوقف النشر.
من غير المعقول ألا نفكر في الوحشية التي لا توصف التي تحملها السوريون على يد زعيم يسحق شعبه ويقصفه شعبه بالغازات السامة . ولكن السوريين على ثقة تامة في أن الأمور ستكون يوما ما وربما في المستقبل القريب في وضع أفضل.
ينبغي أن يكون العالم مع السوريين، وأن يدعم هؤلاء الصحفيين الذين يفتحون المجال لنشر الأخبار الموثوقة، ويقيمون الدليل على أكبر انتهاكات لحقوق الإنسان في العصر الحديث.
اختار العالم أن لا يكون هناك، لكن الصحفيين مثل ريم وغيرها قرروا البقاء والعمل.
إن أفضل طريقة للاحتفال بيوم المرأة العالمي هو أن يعرف العالم ما تقوم به النسوة مثل ريم وغيرها للإبقاء على التفكير المستقل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس