كلاوس هيكنغ - دير شبيغل - ترجمة وتحرير ترك برس
مؤخرا، اشتد الصراع بين كل من هولندا وتركيا، ففي حين يرغب السياسيون الأتراك في تنظيم حملاتهم الانتخابية في كل مكان، رفضت هولندا أن تكون مسرحا لحملة انتخابية أجنبية، الأمر الذي أدى إلى اندلاع أزمة بين البلدين الشقيقين.
في الواقع، من المرجح أن يكون كل من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، والمرشح للانتخابات البرلمانية الهولندية، خيرت فيلدرز، من أكبر المستفيدين من هذه الأزمة التي اندلعت مؤخرا بين البلدين، حيث يستعد كل منهم لخوض معركة انتخابية، ستكون حاسمة في تحديد مستقبل مسارهم السياسي.
في الحقيقة، لقد اندلع فتيل الأزمة على خلفية قطع الشرطة الهولندية للطريق أمام سيارة وزيرة الأسرة التركية، فاطمة بتول صيان قايا، ومنعتها من الوصول إلى القنصلية التركية، أين تجمهر مجموعة من الأتراك هاتفين بشعارات وطنية، في تحد واضح لقرار السلطات الهولندية القاضي بمنع مثل هذه المظاهرات.
وفي الأثناء، وصف أردوغان السياسيين الهولنديين بأحفاد النازية. وردا على تصريحات أردوغان، أشار روته إلى أن الرئيس التركي "مجنون". وكان رد فيلدرز الأكثر تطرفا، حيث شجع المواطنين عبر تغريدة على موقع "التويتر"، على الاحتجاج أمام القنصلية التركية، والمطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أنقرة.
عموما، تعتبر هذه الأزمة مفيدة لكلا الزعيمين، بالإضافة إلى السياسي المتطرف صاحب "قصة الشعر الغريبة". فقد برز أردوغان خلال هذه الأزمة في ثوب الرجل القوي الذي يتمتع بنفوذ خارجي بارز، بينما جسد روته صورة الرجل الذي يسعى لحماية وطنه بشراسة. ولسائل أن يسأل أي دور لفيلدرز المعروف بكرهه للإسلام، في هذه الأزمة؟ في الحقيقة، عكس فيلدرز صورة الرجل الانتهازي الذي يعمل على استغلال الاحتجاجات التي تشهدها بلاده وتوظيفها لخدمة حملته الانتخابية القائمة بالأساس على التحريض ضد المسلمين.
مخاوف من التصعيد
في الواقع، يعد رجال الأمن أبرز المتضررين من هذه الأزمة، حيث أجبروا على قضاء عطلة نهاية الأسبوع في قمع الاحتجاجات. علاوة على ذلك، اضطر المواطنون لتحمل ضجيج الاحتجاجات التي جابت بعض شوارع البلاد والخضوع لأوامر الدوريات الأمنية المنتشرة في كل مداخل المدينة.
ومن المرجح أن تتصاعد وتيرة الصراع خلال الفترة القادمة، وذلك على خلفية التصريحات التي أدلى بها السفير الهولندي بتركيا، الذي أكد من خلالها أن الرئيس التركي غير مرحب به، إلى جانب آلاف المواطنين المنحدرين من أصول تركية والقاطنين بهولندا. والجدير بالذكر أن المواطنين الأتراك في هولندا قد يتضررون من تبعات هذه الأزمة، نظرا لأنهم قد يتعرضون للمضايقات من قبل المواطنين الهولنديين.
من جهة أخرى، تكشف التطورات الخطيرة التي حصلت مؤخرا مدى خطورة الخطاب الشعبوي الذي يتبناه فيلدرز، والذي يدعو إلى قطع كل العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين العضوين في حلف الناتو.
ومن هذا المنطلق، لا بد من طرح السؤال التالي، كيف ستكون العلاقات بين الدولتين خلال الفترة القادمة؟
تجدر الإشارة إلى أن فيلدرز قد دعا إلى ترحيل المتظاهرين المتجمهرين أمام القنصلية، حتى أولئك الذين يحملون جوازات سفر هولندية، وذلك في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، علما وأن الأمر لم يتجاوز مجرد المشاركة في مظاهرة غير مرخص فيها.
اختبار صعب قبل الانتخابات
وفي شأن ذي صلة، تستعد هولندا، يوم الأربعاء المقبل، لخوض غمار الانتخابات البرلمانية. وفي الأثناء، توجد أمام الناخب الهولندي العديد من الخيارات المطروحة على رأسها حزب الحرية الذي يقوده فيلدرز والذي يعد الحزب الأقوى في البلاد والأقرب للفوز. وبالتالي، قد يكون هذا المرشح المثير للجدل رئيس وزراء في أسوأ الأحوال.
ومن المحتمل أن يختار الهولنديون أحد المرشحين الوسطيين الذين يتجنبون الفضائح وشتم الآخرين، إذ يسعون إلى ضمن التعايش السلمي بين أطياف المجتمع على أساس المساواة بين الجميع. وتجدر الإشارة إلى أن هولندا كانت ولعقود طويلة نموذجا للبلد الذي يعيش داخله الجميع على الرغم من اختلافاتهم في كنف التسامح والمساواة.
وفي الوقت الراهن، قد تصبح هولندا رمزا للتطرف في ظل تنامي شعبية شخص معروف بكرهه للإسلام على شاكلة فيلدرز، الذي يعيش منذ سنوات تحت الحراسة الأمنية المشددة بحجة أنه مهدد بالقتل من طرف المسلمين. في حقيقة الأمر، يجب أن نشفق على هذا الرجل، ولكن لا يجب أن نصوت لصالحه مهما كانت الظروف.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس