خلود الخميس - الأنباء
تأثر الأدب التركي بدخول الأتراك الإسلام، لأن اللغة التركية ذاتها تغيرت جذرياً بعد ذاك، والأبجدية أيضاً، حيث استخدموا مفردات الأنساب والفقه وتاريخ الأنبياء، بينما الأدب الشعبي ارتكز على الحب و«التكايا - أو ما يسمى بأدب المناجاة» بالإضافة إلى الأساطير والحكايات الخيالية.
ويقترب عمر الأدب التركي من 1500 عام، بينما لم يبدأ الأدب القومي، إن صح التعبير، إلا في القرن الثامن عشر، حيث نشطت الترجمات لأدب الغرب ورافق ذلك التأليف «القومي» أو كما يسمى «أدب الأناضوليين» ومن رواده خالدة أديب ويعقوب قدري قرة عثمان أوغلو.
ولكن ما بعد الحرب العالمية الثانية، تأثر الأدب التركي بالواقعية الاجتماعية النقدية، وفي هذا الفن برز رشاد نوري كنتكين (1889-1956)، وهو الروائي الذي ألّف أشهر رواية وقتذاك، وكانت بعنوان «طائر النمنمة» التي تحولت إلى فيلم ومسلسل، وأُعيد إنتاج المسلسل في العام 2013. ولاقى العرض أعلى نسبة مشاهدة في القناة وكذلك طار النقاد نمنمة بها.
مازال رأيي أن الأدب أفضل وسيلة لتوثيق التاريخ، والسياسة محور التغير في تاريخ الأمم.
Çalikusu أو «طائر النمنمة» نشرت عام 1922، أي في عنق زجاجة التحول من الخلافة العثمانية الى الجمهورية التركية، غوص في الواقع لفترة حساسة سياسياً، وانعكس ذلك على الحياة الاجتماعية، وكانت قضية انفتاح المرأة العثمانية في الملابس وتغيير أسلوب أزيائها، وكفاحها لخوض التعليم والعمل، ركز الكاتب على أن اسطنبول كانت مدينة آمنة بذاتها بينما ما حولها يغلي مُنبئاً بحرب، وكان كذلك.
«كنتكين» يعتبر رائد الواقعية النقدية في الرواية التركية المعاصرة، وفي زمن التقلبات السياسية يلجأ الكاتب للكتابات الساخرة تجنباً للملاحقات، أظنه السبب الذي أدى بكاتب مثل «كنتكين» الى الإسهام في إصدار مجلة «الفراشة» الساخرة، على جرف التحول للجمهورية بين (1923 و1924)، بينما قبلها تشكلت لديه النقدية الاجتماعية والسياسية في الرؤى الروائية مع دخوله البرلمان عضواً عن «جناق قلعة».
وكل مهتم بالتاريخ العثماني يعلم ماذا تعني هذه الحرب أو الاسم بالنسبة للنضال التركي ضد حملة الدردنيل بقيادة الانجليز والفرنسيين وتتويجه بنصر بازغ، وأثر هذا النصر، الذي جاء على دماء 90 ألفاً من العثمانيين غير الجرحى، في حرب الاستقلال الكبرى، تلك التجربة بالطبع أكسبته ريادة في الأدب الاجتماعي السياسي.
ظروف كتابة الرواية التركية في زمن الحرب لها نظرية نقدية خاصة، لأن الدولة العثمانية منذ - بل وقبل - تأسيسها الحروب جزء من مسيرتها، ولا تكفيها مساحة مقال لتناول إرهاصات الأدب اجتماعياً وسياسياً في التجربة التركية، الذي كان مقسماً لما قبل دخول الأتراك الإسلام، عبر ما يسمى «الأحجار الأبدية» وأشهرها لأورخون، فلم تكن هناك أوراق مكتوبة حتى عهد الاويغور، بينما يعتبر أول إنتاج متطور للأدب التركي بعد إسلامهم في عهد السلاجقة.
والموضوع يطول، لكنني هنا أطرح أنموذجاً عبر رواية «طائر النمنمة - أو طائر الحب» كأدب الحب في الحرب، وبيان أسباب شهرة تلك الأعمال، سواء ككتاب أو كعمل درامي يوثق المرحلة، هو ضمن اهتماماتي الأدبية في الكتابة الروائية، حيث جاءت روايتي «الغُسْل الأخير» في السياق ذاته، أعني الحب والحرب.
الأدب السياسي يعتبر الوسيلة الأكثر تأثيراً في الجماهير، خصوصاً إذا تحول إلى دراما سينمائية أو تلفزيونية، ومن يتابع الأعمال الدرامية «قيامة أرطغرل» و«السلطان عبدالحميد» و«أنت وطني» من الدراما التركية سيعي ما أشير إليه بدقة وتفصيل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس