إيرينا أليكسنيس - صحيفة فزغلياد - ترجمة وتحرير ترك برس
مؤخرا، تواصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان من خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين. وشدّت هذه المكالمة اهتمام وسائل الإعلام الروسية والتركية على حد السواء. وفي هذا السياق، ذكر الجانب الروسي أن نظيره التركي أساء فهمه فيما يتعلق بالنوايا والمواقف الروسية، في الوقت الذي يحرص فيه الكرملين على عدم الكشف عن نواياه الحقيقية المتعلقة بالقضية السورية ومصير الأسد. ونتيجة لذلك، شهدت العلاقات الروسية التركية مرة أخرى بعض التوتر، وقد يأخذ الأمر منعرجا خطيرا.
في الواقع، لم تتغير مواقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان فيما يخص مصير الأسد ومستقبل سوريا، منذ بداية الحرب الأهلية. وفي هذا الصدد، أورد الرئيس التركي في أحد خطاباته أن "الأسد لا يعتبر الحل الأنسب لتحقيق أية تسوية محتملة في سوريا، يجب أن تتحرر سوريا من بشار الأسد حتى تتمكن من التوصل لتسوية سلمية".
والجدير بالذكر أن هذا الخطاب لا يعتبر الأول من نوعه، فلطالما أدلى أردوغان بتصريحات مماثلة فيما يتعلق بمصير الأسد. ومن المثير للاهتمام أن أردوغان قد كشف من خلال تصريحاته الأخيرة، عن بعض تفاصيل مكالمته مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ووفقا للزعيم التركي، فقد أكد الرئيس الروسي في المحادثة التي جمعتهما "أنا لا أدافع عن الأسد، أنا لست محامي الدفاع عنه".
وعلى خلفية هذه المعطيات، أفاد الرئيس السوري، بشار الأسد أن تصريحات بوتين يمكن أن تُفسر من قبل الكثيرين على أنها دليل على تغير موقف موسكو بشأن مصيره. في المقابل، بين الكرملين أنه لم يتم فهم تصريحاته وتم تأويلها بطريقة خاطئة وأن ما فُهم من كلمات بوتين ليس المقصود. وتجدر الإشارة إلى أن تصريحات بوتين الأخيرة تتلاءم تماما مع آراء أنقرة المعلنة المناهضة للأسد.
في الحقيقة، ومنذ انطلاق الصراع السوري، أعلن الجانب الروسي أنه لا يدعم بشار الأسد على اعتباره ممثلا عن الحكومة الشرعية في دمشق، بل إن التدخل الروسي في سوريا يهدف للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وليس خدمة الأسد. ومن المنطلق، يمكن تبين مدى تناقض مواقف موسكو من القضية السورية. والجدير بالذكر، أن الرئيس الروسي قد أقر، في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2012، "نحن لسنا حماة القيادة الحالية في سوريا".
وعلى الرغم من تواتر تصريحات بوتين التي حاول من خلالها التأكيد على أنه لا يدافع عن الأسد وليس حامٍ له، إلا أن موسكو أعلنت مؤخرا، أن أردوغان قد أساء الفهم وأنها لا تنوي التخلي عن دعمها للنظام السوري.
من جهة أخرى، بين السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، أن موسكو لم تغير موقفها تجاه الأسد، ولكنها، في الوقت ذاته، لم تنصب نفسها محام له. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن روسيا تعمل إلى جانب الأسد بغية تعزيز دورها كصانع سلام في منطقة الشرق الأوسط وليس للدفاع عن مصالحه على اعتباره قائدا لسوريا.
والجدير بالذكر أن محاولة الكرملين للتلاعب بالكلمات ومغالطة الرأي العام ليست الأولى من نوعها. ففي سنة 2014، وأثناء مكالمة هاتفية جمعت بين رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صرح بوتين قائلا: "بإمكاني الاستيلاء على كييف في غضون يومين، في حال أردت ذلك"، وفقا لما أفاد به باروسو في قمة رؤساء الاتحاد الأوروبي.
وفي تلك الفترة، أحدثت هذه التصريحات ضجة كبيرة وأثارت موجة غضب عارمة بين العديد من قادة العالم، نظرا لتمادي بوتين وقتها. فقد أقر الرئيس الروسي بأن قواته بإمكانها السيطرة على عدد من دول أوروبا الشرقية.
في المقابل، ولتهدئة الأوضاع وامتصاص موجة الغضب، صرحت موسكو أن كلمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أُخرجت عن سياقها، وبادرت بنشر تسجيل صوتي للمكالمة الهاتفية.
وفي الوقت الراهن، لا تبدو العلاقات الروسية-التركية في أحسن حالاتها، إذ أنها تتطور نحو اتجاهات متضاربة. فعلاوة على التناقض في مواقف كل من موسكو وأنقرة فيما يخص بعض المسائل الجوهرية، أهمها القضية السورية ومصير الأسد، تمر العلاقات الثنائية على الصعيد الاقتصادي بوقت عصيب. ويعزى ذلك إلى قيام أنقرة بإغلاق سوق الحبوب أمام توريد القمح الروسي، في الوقت الذي تصر فيه روسيا على حظر المنتجات التركية.
وعلى الرغم من نجاح الاستفتاء، إلا أن الوضع في تركيا لا يزال مضطربا، علما وأن الاستفتاء قد كشف عن عمق الانقسام في صلب المجتمع التركي. فضلا عن ذلك، شهدت العلاقة التركية بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية توترا بليغا. ومن المرجح أن تتعمق الأزمة بين هذه الأطراف في حال أقدمت أنقرة على قطع العلاقات بصفة كلية مع أوروبا وتخلت عن رغبتها في الانضمام للاتحاد الأوروبي.
من ناحية أخرى، قد تؤدي الاشتباكات بين الجيش التركي والميليشيات الكردية في سوريا والعراق، إلى ردود فعل سلبية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. ووفقا لما ذُكر آنفا، من المتوقع أن يواجه أردوغان العديد من الصعوبات والتحديات من داخل البلاد وخارجها. والجدير بالذكر، أن المحادثة الهاتفية التي جمعته بنظيره الروسي قد تشكل منعرجا خطيرا في العلاقات التركية-الروسية، خاصة وأن بوتين قد اعتبر تصريحات أردوغان إبان هذه المكالمة بمثابة سوء فهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس