سنان أولغان - الإندبندنت البريطانية - ترجمة وتحرير ترك برس
أمضيت ثلاثة عقود بوصفي دبلوماسيا أولا، ثم رئيسا لمركز الفكر الليبرالي في إسطنبول، في محاولة تعزيز علاقات تركيا مع أوروبا. واعتقدت على مدى سنوات أن تركيا يجب أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي لتعزيز مكانتها بين الديمقراطيات الغربية. وقد حان الوقت الآن للإقرار بأن هذا المسار قد وصل إلى طريق مسدود.
إن المأساة هي أن هذه النتيجة لم تكن محددة سلفا على الإطلاق، ذلك أن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي كانت دائما مسعى صعبا، وكان علينا أن نواجه التحيزات الراسخة لدى الجانبين. ولكن على الرغم من كل الخلافات كانت تركيا ما تزال قادرة على الوصول إلى خط البداية لمفاوضات الانضمام في عام 2005. وكان ذلك بفضل موجة ديمقراطية بدأها ائتلاف من الأحزاب السياسية في عام 1999 وأعاد تنشيطها حزب العدالة والتنمية عندما وصل إلى السلطة في عام 2002.
حصل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي على دعم 74% من الأتراك في عام 2005، وقيل إن هذا سيثبت أخيرا أن الإسلام والديمقراطية والحداثة يمكن أن يتعايشوا، وأن تركيا والاتحاد الأوروبي سيدحضان بحزم ادعاءات صراع الحضارات التي طرحها بعض الكتاب، مثل صموئيل هنتنغتون.
كان قرار قادة الاتحاد الأوروبي فى كانون الأول/ ديسمبر الماضي بتجميد محادثات الانضمام بشكل غير رسمي معلما بارزا فى هذه المسيرة المتعرجة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها هذا الإجراء ضد بلد مرشح. إن تصويت الهيئة البرلمانية للبرلمان الأوروبي على تدهور وضع تركيا بسبب الانتهاكات المستمرة للحريات الأساسية هو الإشارة النهائية إلى أن عضوية الاتحاد الأوروبي لم تعد في الأفق لأنقرة.
إن المسؤولية عن هذا الإخفاق التاريخي هي مسؤولية مشتركة. علينا أولا أن نشكر نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق، على عرقلة رغبة الشعب التركي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فبين عامي 2007 و2012 استخدم ساركوزي معارضة انضمام تركيا ورقة رابحة في أجندته الشعبوية في الداخل الفرنسي، وقد منع من جانب واحد عدة مسارات مهمة في عملية التفاوض، الأمر الذي أثار الشكوك بين الشعب التركي حول صدق العرض الأوروبي الذي يستمر اليوم. كما ساهم الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه الاتحاد الأوروبي بقبول عضوية قبرص، وهي جزيرة مقسمة، في تآكل الثقة. وقد ساعد تباطؤ وتيرة الإصلاح المحلي في تركيا على التعجيل بالوصول إلى تلك النهاية.
ما المتوقع في الوقت الحالي؟ من المرجح أن تؤدي النهاية الرسمية لهذه الرحلة السياسية التي بدأت في عام 1963 إلى تصعيد التوتر بين أنقرة وبروكسل على المدى القصير. إن اتفاق اللاجئين الذي وقع في مارس/ آذار 2016 - الذي التزمت فيه تركيا بوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا مقابل وعود بالمساعدة المالية وإعادة التوطين وتحرير التأشيرات - على وشك الانهيار. على أنه سيتعين على تركيا والاتحاد الأوروبي إنشاء إطار جديد لعلاقتهما بطريقة أو بأخرى.
إذا كان الاتحاد الأوروبي يأمل في الاستمرار في ممارسة نفوذه على تركيا، فإن هذا الإطار ينبغي له أن يعكس مجموعة منقحة من شروط الحكم الرشيد المرتبطة ببرنامج تحرير التجارة الشامل. ويتيح التحديث المقترح للاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي مثل هذه الفرصة.
بيد أن بداية هذه الجولة من المحادثات لا ينبغي أن تكون مرتبطة بحقوق الإنسان، وبدلا من ذلك ينبغي أن تكون نتيجة المناقشات مشروطة بتحسين سيادة القانون وتنفيذ الإصلاحات المؤيدة للسوق التي من شأنها أن تؤدي إلى بيئة اقتصادية أكثر شفافية ونزاهة.
بسبب العمى الاستراتيجي الذي أصاب أوروبا على مدى العقد الماضي، فقد فقدت القارة القدرة على التأثير في مسار تركيا السياسي، كما تخلت عن أي دور مستقبلي في مساعدة الأتراك على بناء نسخة أكثر ليبرالية من ديمقراطيتهم. إن أكثر ما يمكن أن نأمله هو أن تحتفظ ببعض التأثير في مستقبل تركيا الاقتصادي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس