سينيم جينغيز - آراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس
عززت تركيا علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقد الماضي فى مختلف المجالات، بما فيها السياسة والتجارة والطاقة. وفي مقدمة هذا التعزيز للعلاقات انتقلت أنقرة إلى تنويع علاقاتها العسكرية الإقليمية مع تلك البلدان من خلال صفقات التسليح التي وقعتها مع كل دولة من دول المجلس على حدة.
وقبل بضعة أيام أعلن وزير الدفاع التركي فكري إيشيك أن تركيا تأمل في التوقيع على اتفاق تصدير كبير للدفاع مع السعودية في وقت قريب، لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل، ونوه إلى أن الصفقة المحتملة ستكون "أكبر صفقة تصدير لصناعة الدفاع التركية".
في العام الماضي أسست شركة أسلسان أكبر شركة دفاعية في تركيا، ونظيرتها السعودية "تقنية للدفاع" المتخصصة في الصناعات الإلكترونية والدفاعية، شركة دفاعية مشتركة. وتملك السعودية ثالث أعلى ميزانية دفاعية بعد الولايات المتحدة والصين، وهو مؤشر مهم على احتياجاتها.
كما أكد لوطفو أوز جاكير، نائب الرئيس التنفيذي لشركة هافلسان التركية المتخصصة في البرمجيات والأنظمة، أخيرا أن الشركة سوف تفتتح قريبا أول مكتب لها في الشرق الأوسط في قطر. وسيطور هذا المكتب الذي يعمل فيه ما بين 15 و20 مهندسا وفنيا، الأعمال، وسيقدم خدمات إدارة المشاريع في دول الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والكويت، وسلطنة عمان، والبحرين، والأردن، والإمارات العربية المتحدة. وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعاون فيها شركة هافلسان مع الشركاء الخليجيين لأنها وقعت في وقت سابق صفقات مع شركات في المملكة العربية السعودية.
تعد قطر من الشركاء الاستراتيجيين لتركيا في الخليج، حيث وقع البلدان العديد من الاتفاقيات، فضلا عن العلاقة الوثيقة بين زعيمي البلدين. والأهم من ذلك أن تركيا ستقيم أول قاعدة عسكرية أجنبية لها في الشرق الأوسط في قطر.
منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015، كان ما يقرب من 150 من أفراد الجيش التركي والبحرية والقوات الخاصة يتمركزون بصفة مؤقتة في قاعدة عسكرية قطرية، ويتوقع أن تستوعب القاعدة بمجرد الانتهاء منها أكثر من 3000 فرد. ووفقا لتصريحات المسؤولين الأتراك والقطريين، فإن القاعدة ستستخدم لمواجهة "التهديدات المشتركة".
وغني عن البيان أن قطر، من بين دول مجلس التعاون الخليجي، تتمتع بعلاقة خاصة مع تركيا، بيد أن تركيا تشارك أيضا فى التعاون الدفاعي مع دول الخليج الأخرى. فعلى سبيل المثال، وقعت شركة أوتوكار التركية صفقة بقيمة 661 مليون دولار مع شركة توازن القابضة الإماراتية لتزويد الجيش الإماراتي بمركبات مشاة مدرعة برمائية ثمانية الدفع أرما. كما باعت تركيا أخيرا 80 ناقلة جنود مدرعة و12 مدفعا مائيا لمكافحة الشغب إلى الكويت، ووقعت عدة صفقات في المجال العسكري. وتبدي الكويت أيضا اهتماما بالتعاون مع تركيا في مجال التدريب التجريبي. من جانبها وقعت البحرين على عدة صفقات مع تركيا بهدف تعميق التعاون فى صناعة الأسلحة.
أهمية الزيارات الدولية
في العلاقات الدولية، تلعب الزيارات المتبادلة بين قادة الدول دورا حاسما يحسن العلاقات السياسية، ويؤدي إلى توقيع صفقات. ويبدو أن زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للسعودية وقطر والبحرين في شباط/ فبراير الماضي مهدت الطريق لمزيد من التعاون فى مجال الدفاع.
من طبيعة التعاون الدفاعي أن توجه البلدان علاقاتها العسكرية على أساس مصالحها الوطنية واستراتيجياتها الإقليمية للحفاظ على موقفها. ويستند التعاون الدفاعي لدول الخليج مع تركيا إلى هذا الفهم. وعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي مصممة على الحفاظ على تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وعلى الرغم من عدم اليقين من سياسات إدارة دونالد ترامب، فإنها تسعى أيضا إلى اتباع استراتيجيات الدفاع الخاصة بها لضمان أمنها في المستقبل.
وفي هذا الصدد فإن تركيا، وهي عضو في حلف الناتو لديها خبرة طويلة في التدريب العسكري، تبدو شريكا محتملا. وعلاوة على ذلك، تواجه تركيا والخليج معضلات أمنية مماثلة تدفع الجانبين إلى التقارب، ومع كل يوم يمر تبرز تهديدات جديدة من المنطقة، ومن بينها إدراك الجانبين لتهديد داعش.
إن القضاء على هذه المنظمة الإرهابية التي نفذت سلسلة من الهجمات لا في تركيا فحسب، بل في بعض دول الخليج أيضا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والكويت هو الأولوية. لذلك، فإن مكافحة الإرهاب الذي يعد أهم مصدر لعدم الاستقرار في المنطقة، هي إحدى الأسباب الرئيسة وراء هذا التعاون الدفاعي. كما أن التأثير المتزايد لإيران في المنطقة، من خلال وكلائها وميليشياتها المسلحة، هو مصدر قلق مشترك آخر. وعلى الرغم من أن تركيا ودول الخليج لا تنظران إلى إيران على نحو مماثل، فإن سياسات طهران في سوريا والعراق ولبنان واليمن وبرنامجها النووي هي من الأمور التي تهم كلا الجانبين.
وأخيرا، فإن سياسات الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، لم تجلب عدم الاستقرار إلى الشرق الأوسط فحسب، بل أصابت حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، أي تركيا ودول الخليج بخيبة أمل. أدت سياسات أوباما المترددة في سوريا إلى ظهور العديد من التهديدات في البلد الذي مزقته الحرب التي باتت تضر الآن بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الولايات المتحدة والإرهاب والتوسع الإيراني والاستقرار الإقليمي والأمن القومي، فإن تركيا والخليج يفهمان بعضهما بعضا الآن أكثر من أي وقت مضى، وأهم بُعد في هذا الفهم هو التعاون الدفاعي. وهذا يعني أنه من المرجح أن نرى تحالفا دفاعيا أوثق بين تركيا والخليج في المستقبل ما دامت التهديدات الإقليمية السالفة الذكر قائمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس