سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
كنت قد أنهيت المقالة التي كتبتها في الأسبوع الماضي بخصوص الاستراتيجية الأمريكية في سوريا بالجملة التّالية "هناك هدفان للاستراتيجية الأمريكية. ولكن في المرحلة الرّاهنة يبدو أنّ الهدف المراد تحقيقه هو القضاء على تنظيم الدّولة الإسلامية".
ومنذ ذلك اليوم صدرت عدة تصريحات من رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو ومن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونائبه. ولو نظرنا إلى هذه التّصريحات، لوجدنا للوهلة الأولى أنّ هناك تضارباً بين تلك التّصريحات.
لكن أين نحن الآن من هذه القضيّة؟
أقول بكل وضوح إنّنا مازلنا نطوف حول ما ذكرناه في المقدّمة. أي أنّ الهدف الرئيسي ما زال نفسه ألا وهو القضاء على تنظيم الدّولة الإسلامية. وما التّصريحات الأخيرة إلّا تغيّرات طفيفة في الأسلوب ونمط الخطاب.
تصريحات متناقضة
إنّ ما أثار الارتباك في الأوساط السياسية التركية حول القضية السورية منذ الأسبوع الماضي، هو الخبر الذي نشرته قناة (CNN) الأمريكية حول تغيير الرئيس الأمريكي لاستراتيجيّته في سوريا ورغبته في تنفيذ المقترحات التركية التي تنصّ على الإطاحة بنظام الأسد في سوريا.
وهذا بطبيعة الحال أدّى إلى نوعٍ من الارتياح في الأوساط السياسيّة التركيّة. فقد بدأ الإعلام التركي يقول إنّ الولايات المتّحدة الأمريكية اقتنعت أخيراً بصحّة الاقتراحات التركية وبدأت تبني استراتيجيّتها على هذا الأساس.
لكن ما إن مضت فترة طويلة على هذا الخبر، حتّى خرج وزير الدّفاع الأمريكي "تشاك هيغل" والمتحدّث الرّسمي لمجلس الأمن القومي الأمريكي ليؤكّدوا عدم صحّة هذه الأخبار وأنّ الاستراتيجيّة الأمريكية في سوريا لم تتغيّر وأنّ الأولويّة الآن هي القضاء على تنظيم داعش.
وبالتّزامن مع هذه التّصريحات، كان رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو يتحدّث مع الرئيس باراك أوباما بشأن الملف السّوري. فقد تصدّر في اليوم التّالي كلام الرئيس الأمريكي بان الوقت قد حان للإطاحة بالرئيس السوري، عناوين بعض الصّحف التركية. لا سيما أن رئيس الوزراء داوود أوغلو كان قد أدلى بتصريحات للصّحفيّين بعد اجتماعه بالرئيس اوباما، أفاد فيها بأن أوباما صرّح شخصيّاً بوجوب رحيل الأسد.
ما هو الجديد؟
في الحقيقة، إنّ تصريحات الرئيس الأمريكي أثناء لقائه مع داوود أوغلو بوجوب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، لم تأتِ بجديد حيال تغيّر الاستراتيجية الأمريكية في سوريا. فالإدارة الأمريكية تصرّح منذ بداية الأزمة السّورية بوجوب رحيل الأسد.
المهم في الاستراتيجية الأمريكية هو ترتيب الأولويّات. فهل من أولويّات الإدارة الأمريكية القضاء على تنظيم الدّولة أوّلاً، أم الإطاحة بالنّظام الأسدي.
والواضح من خلال تصريحات داوود أوغلو، أن الرئيس الأمريكي بات أكثر عزماً وإصراراً على وجوب رحيل الأسد. لكنّ هذا لا يعني أنّ هناك تغيّراً في أولويّات الإدارة الأمريكية. لا سيما أنّ أوباما أدلى بتصريحاتٍ في اليوم التّالي من لقائه مع داوود أوغلو، حيث قال: "لم يتغيّر موقفنا تجاه الأسد. إنّنا نعيد النّظر في سياساتنا حيال الأزمة السّوريّة. ولا توجد تغييراتٍ جذريّة في استراتيجيّتنا السّوريّة".
ماذا نفهم من تصريحات أوباما هذه؟
نفهم بأنّ الولايات المتّحدة الأمريكية ماضية في خطّتها التي تهدف إلى القضاء على تنظيم داعش أوّلاً وأنّها مستمرّة في الثّبات عند مواقفها المبدئيّة حيال وجوب رحيل الأسد.
ولا يخفى على أحد أنّ هناك مساعٍ على طاولة المباحثات حول كيفيّة وآليّة الإطاحة بالنّظام السّوري. وهذا يعني أنّ هذا الخيار ما زال موضع نقاشٍ في طاولة المحادثات. أمّا في الواقع وعلى السّاحة، فيبدوا أن الأولوية مازالت هي القضاء على تنظيم الدّولة الإسلامية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس