حليمة كوكتشة - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
أجرى أوباما أول زيارة له عابرة للمحيط إلى تركيا، أتبعها بزيارة إلى مصر. رائعة كانت رسائل أوباما للعالم الإسلامي والشارع العربي. كلمته التاريخية في جامعة القاهرة بدأها بالبسملة، وتعهد بمسح ذكريات بوش السيئة.
وفي أرض الكنانة قال إن ضغوطه ستتواصل بشأن إقامة الدولة الفلسطينية، وإن على إسرائيل أن تعترف بحق فلسطين في الوجود. كما دعا إيران إلى إقامة تعاون وأكد أنه سيغلق سجن غوانتانامو.
وصدر بيان عن البيت الأبيض آنذاك أوضح أن علاقات الولايات المتحدة والعالم الإسلامي ستصاغ من جديد بعد هذه الزيارة.
وفي خطابه بمصر تحدث أوباما عن تركيا، التي قال رئيسها آنذاك عبد الله غُل إن الزعيم الأمريكي ينشئ برسائله "جوًّا من التفاؤل".
أزهر الربيع العربي في هذا الجو من "التفاؤل الليبرالي"، لكن للأسف سددت الشعوب المسلمة، وما زالت تسدد ثمن جائزة نوبل التي مُنحت مقدمًا لأوباما.
تبدد جو التفاؤل خلال فترة وجيزة، واصطدمت المسيرة المنطلقة مع الربيع العربي بانقلاب السيسي، ثم تحولت مع الحرب السورية إلى مصدر لزعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها.
رحل أوباما وجاء ترامب، الذي أجرى أول زيارة خارجية له إلى السعودية. قال ترامب إنه على عكس أوباما، الذي أتاح لإيران التمدد، سيتبع سياسة تمنح الأولوية للسعودية وعزل إيران.
وبعد الرقصة المحلية بالسيوف وصورة الكرة الزجاجية بدأت مقاطعة وحصار كبيران لقطر من جانب دول الخليج.
يمكننا القول إن قطر هي البلد الوحيد الداعم للربيع العربي والإخوان المسلمين وحركة حماس والمعارضة السورية، والمنسجم في مواقفه المتعلقة بكل هذه القضايا مع تركيا.
لنعد إلى حيث بدأنا. دعمت الدول المُقاطِعة انقلاب السيسي في مصر، وعملت على إبعاد النهضة عن الحكم في تونس، وتظاهرت بدعم المعارضة في الثورة السورية إلا أنها بثت الفرقة بينها.
من المحتمل جدًّا أن سيناريو الربيع العربي كُتب من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة. كان من المضمون أن تندفع الشعوب المحرومة من الحكم تحت تسلط الأنظمة المستبدة، مع تيار التحول الديمقراطي هذا. لأن تفاؤلًا ليبراليًّا ساد في كل مكان وتزايد الاعتقاد من خلاله بأن الزعامات القوية قادرة على حل المشاكل الهيكلية. كانت صور أردوغان وأوباما ومرسي تُعلق في شوارع البلدان العربية.
وبالتزامن تقريبًا مع الانقلاب في مصر اندلعت في تركيا أحداث منتزه "غيزي"، أعقبتها عمليات 17-25 كانون الأول/ ديسمبر التي أقدمت عليها جماعة غولن، ثم أحداث كوباني، وهجمات حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش، وأخيرا محاولة جماعة غولن الانقلابية..
والآن، هناك مساعٍ لـ "بحرنة" قطر بحجة تقديمها الدعم للإخوان وحماس. وحتى لو نجحت هذه المساعي، إلا أنها ستفشل في تبديد الطاقة السياسية والاجتماعية التي أفرزها الربيع العربي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس