ترك برس

وقع وزراء الطاقة في قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا إعلاناً مشتركاً يؤكد دعمهم للتنفيذ السريع لمشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي "شرق المتوسط/ عبر المتوسط"، بحضور المفوض الأوروبي "ميغيل أرياس كانيتي" الذي شارك في القمة الوزارية.

يختلف مشروع أنابيب الغاز الطبيعي "عبر المتوسط" عن خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي "العابر للمتوسط" الحالي الذي ينقل الغاز الجزائري الى البر الإيطالي ماراً بتونس وصقلية وسلوفينيا عبر التمديدات.

صمم مشروع "شرق المتوسط" بالأساس على أنه خط أنابيب أقصر من قبرص الى غرب اليونان عبر كريت، ويعتبر الاتحاد الأوروبي هذا الخط مشروع ممر الغاز الجنوبي.

ويتم الآن العمل على مشروع توسعة الخط من كلا الاتجاهين، شرقاً إلى المصادر البحرية الإسرائيلية، وغرباً تحت البحر الأيوني في اليونان ثم الى إيطاليا، هذا هو خط أنابيب نقل الغاز "عبر المتوسط"، بالرغم من أن الخط "شرق المتوسط" قد يستخدم بشكل مشوش لهذا الغرض أحيانا.

ينتظر من التصميم الحالي للمشروع "عبر المتوسط" الذي يعد في المرحلة الأولى أن ينقل 10 مليار متر مكعب في العام، من المخازن البحرية للغاز في قبرص وإسرائيل إلى اليونان ثم بشكل مباشر الى إيطاليا وجنوب شرق أوروبا، ويمكن تخصيص مليار متر مكعب سنوياً للاستهلاك المحلي القبرصي، ويمكن أن تشهد المرحلة الثانية للمشروع مضاعفة لهذا الحجم.

وقد يعيد مشروع خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي "عبر المتوسط" تنشيط مشروع خط نقل الغاز "بوسيدون" من غرب اليونان تحت البحر الأيوني الذي يعرف أيضاً بالخط "الواصل بين اليونان وإيطاليا".

وفي الواقع إن متعهد خط الأنابيب "بوسيدون (IGI)" وهو مشروع مشترك بين شركات إيطالية ويونانية، هو نفسه الذي يقود مبادرة خط أنابيب نقل الغاز "عبر المتوسط". ويأمل المتعهد في اتخاذ القرار الاستثماري بحلول عام 2020، كما أن هناك إمكانية أن يتدفق الغاز من إسرائيل وقبرص خلال اليونان عبر خط الأنابيب "الواصل بين اليونان وبلغاريا  (IGB)" والذي بإمكانه تزويد تزويد أجزاء من جنوب شرق أوروبا.

وتقف الشركة المسؤولة عن خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي "الرابط بين اليونان وإيطاليا (بوسيدون)" نفسها وراء مشروع خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي "الرابط بين اليونان وبلغاريا (IGB)"، والذي من المقرر أن يدخل الخدمة في النصف الثاني من عام 2018، ويفترض أن تنقل الغاز الذي تصدره تركيا من خط "أنابيب الغاز عبر الأناضول (TANAP)" إلى اليونان.

يعتبر خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي "شرق المتوسط" مشروعاً لافتاً للاتحاد الأوروبي، حيث أن الاتحاد الأوروبي شارك في تمويل دراسة الجدوى الخاصة به. وهذا المشروع من شأنه تجنب الجزء البري لخط الأنابيب "الرابط بين تركيا واليونان وإيطاليا (ITGI)" الذي يمر عبر شمال اليونان والتي تحاول روسيا إعادة تفعيله ربما كقناة مقبلة لتصدير مبيعاتها الخاصة من الغاز خلال مشروع خط أنابيب "السيل التركي".

تزعم روسيا أن المرحلة الثانية من مشروع خط نقل الغاز الطبيعي "السيل التركي" ربما يصل إلى جنوب شرق أوروبا من خلال خط أنابيب "تيسلا (اليونان - مقدونيا - صربيا - المجر)" المقترح.

وتُعد مشاريع خطوط الأنابيب "تيسلا" وخط الربط بين "بوسيدون" والخط الرابط بين تركيا واليونان وإيطاليا (ITGI) إنما هي مجرد فروع بديلة لمشروع "السيل الجنوبي" ولم يتم عمل المسح والدراسة لهذه الطرق.

يعد مشروع خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي "شرق المتوسط/ عبر المتوسط" منافساً واضحاً لخط أنابيب نقل الغاز عبر الأناضول TANAP في السوق الجنوبية الأوروبية (وبالتحديد إيطاليا التي تربط النمسا وبقية أوروبا الوسطى) وكذلك سوق جنوب شرق أوروبا.

ومن المقرر أن تتدفق 10 مليارات متر مكعب سنوياً من خط أنابيب الغاز العابر للأناضول TANAP الى إيطاليا عبر خط أنابيب "العابر للأدرياتي (TAP)" الذي لا يزال قيد الإنشاء كما يمكن مضاعفة الحجم لاحقاً.

وبالتالي فإن خط أنابيب "عبر المتوسط" لن ينافس فقط خط أنابيب الغاز عبر الأناضول TANAP وإنما سينافس أيضاً خط "السيل التركي" في الأسواق الأوروبية.

وبطبيعة الحال فإن توقيع الإعلان المشترك بشأن مشروع "عبر المتوسط" لا يعني أن خط الأنابيب سوف يتم إنشاؤه، حيث أن هناك مسائل تقنية، ومسائل تمويل، وقضايا سياسية وقضايا قانونية قد تتدخل بشكل أساسي، لكن من المؤكد أن الغاز يجب أن يفي بمتطلبات حزمة الطاقة الثلاثية للاتحاد الأوروبي، كما أن تركيا ستكون مستفيدة حتى لو لم يتم بناء خط أنابيب "عبر المتوسط".

لا تزال المحادثات المتعلقة بإمكانية استيراد الغاز التركي من إسرائيل مستمرة منذ فترة، وبالرغم من أن خط أنابيب الغاز من قبرص إلى تركيا لربما يحمل الغاز الإسرائيلي، فقد تطور هذا المشروع ليصبح منفصلاً عن مشروع خط أنابيب "شرق المتوسط/ عبر المتوسط".

وتشير التصريحات الأخيرة إلى أن من المقرر أن يصدر بيان حول اتفاق حكومي في أواخر الصيف يحدد إطار العمل، ومن المخطط أن يتدفق الغاز الإسرائيلي إلى تركيا لمدة ثلاث سنوات في حين أن مشروع "عبر المتوسط" قد يستغرق ست سنوات لاتخاذ القرار النهائي للاستثمار قبل بدء عملية الإنشاء.

وفي سياق المفاوضات الشعبية بين قبرص والمجتمع الدولي (أمريكا والمملكة المتحدة كمثال) يتوقع أن تتقاسم كلتا المجموعتين القبرصيتين الإيرادات الهيدروكربونية، في سياق تسوية عامة شاملة في المستقبل.

وتجدر الإشارة إلى أن اعتماد تركيا الكبير على الغاز الطبيعي من روسيا لم ينمُ الا في السنوات الأخيرة، وأن خط أنابيب نقل الغاز "السيل التركي" لن يقدم شيئاً للتقليل من هذا الاعتماد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!