برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
كما كان منتظرًا، أقال ترامب مستشار الأمن القومي هربرت مكماستر، وعين مكانه جون بولتون، المعروف بأنه محافظ متشدد.
برز بولتون في عهد بوش الابن، وهو من مؤيدي استخدام القوة العسكرية في الخارج، واتباع سياسات متشددة تجاه كوريا الشمالية وإيران وروسيا. وأهم في الأمر أنه مقرب جدًّا من إسرائيل.
وبذلك استكمل ترامب تكوين طاقم من الصقور على الصعيدين الدبلوماسي- الأمني، والاقتصادي.
أول الإجراءات الهامة لهذه الإدارة كان إطلاق حرب تجارية مع الصين، وسيتبعه الثاني، وهو عزل إيران في الشرق الأوسط وتعزيز المحور الإسرائيلي السعودي الإماراتي.
يتضح مما سبق أن الولايات المتحدة ستصيغ سياستها في الشرق الأوسط في ضوء المصالح الإسرائيلية على نحو أكبر. وهذا مؤشر على حدوث فراغ جيوسياسي جديد في المنطقة.
ينبغي على تركيا أن تكون مستعدة لحماية نفسها من أضرار هذا الفراغ الجديد والاستفادة من فرصه.
تخلق التغييرات في السياسة الأمريكية الشرق أوسطية منذ الحادي عشر من سبتمبر فراغات جيوسياسية تزيد من حدة التنافس بين القوى الإقليمية.
ملأت إيران الفراغ الناجم عن الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، كما استغلت أخطاء إدارة أوباما، التي فشلت في التعامل مع ثورات الربيع العربي، وحولت تمددها الإقليمي إلى إمبراطورية شيعية. أما دول الخليج فاكتفت بالتفرج على انتشار النفوذ الإيراني من اليمن حتى فلسطين.
من جانبها، استلمت روسيا زمام المبادرة في سوريا اعتبارًا من 2015، وزادت نفوذها لدى دول المنطقة. اعتقد أوباما أن بوتين سقط في المستنقع السوري، لكن روسيا أقامت تعاونًا مع إيران وتركيا.
اعتمدت الولايات التحدة في سياستها بسوريا على وحدات حماية الشعب وتخلت عن حليفتها تركيا، التي واجهت تهديدات الوحدات على حدودها الجنوبية.
وبالنتيجة، أصبح الفراغ الإقليمي، الذي تسبب به أوباما، في غير صالح تركيا، واضطرت أنقرة اعتبارا من 2016 إلى اتباع سياسة جديدة ترتكر على مفهوم أمني احترازي.
أظهرت تركيا قوتها الخشنة من خلال عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، ووقفت إلى جانب قطر لتضع مسافة بينها وبين الاستقطاب الإيراني الخليجي.
تتشكل السياسة التركية الإقلمية من محورين. الأول هو السعي لتفادي أضرار السياسات الأمريكية الخاطئة، والثاني هو محاولة ملء الفراغ الجيوسياسي الذي شكلته واشنطن.
يقف وراء نجاح أنقرة حتى اليوم التقارب مع روسيا والمهارة في إدارة التوتر مع واشنطن.
وعزز موقف أنقرة جرأتها على دخول الميدان من أجل استغلال الخلافات بين القوى العالمية.
يمكن لتركيا، البعيدة عن التكتلات الإقليمية، أن تكون القوة الرئيسية المستفيدة من هذا الفراغ إذا استطاعت اتخاذ موقف قادر على التعاون مع الأطراف المختلفة.
واشنطن مجبرة على التعاون مع أنقرة. حتى لو لم تتوصل العاصمتان إلى اتفاق بخصوص وحدات حماية الشعب فإن فرصًا جديدة خلال هذه المرحلة ستسنح أمام تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس