أحمد طاش غاتيران – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

خلال الأسبوع الماضي، ظهر وبشكلٍ فجائي "محمد علي أقجة" في العاصمة الإيطالية روما. هذا الشّخص كان قد قام بمحاولة اغتيال البابا الذي يُعدّ أحد رموز العالم المسيحي.

والسّؤال المحيّر الذي لم يلقَ جواباً مُقنعاً حتّى الأن، هو من كان يقف ويدعم هذا الرّجل الذي أقدم على مثل هذه المحاولة؟

لكن الجميع يؤمن بأنّ محاولة محمد علي أقجة، اغتيال البابا لم تكن نابعة من ملئ إرادته. فهناك من حرّضه على ذلك. وإنّ الظّهور المفاجئ لهذا الرّجل في العاصمة الإيطالية، لا بُدّ أنّه مرتبط بتلك المحاولة. لأن ظهور أقجة في روما تزامن مع تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا (العداء للاسلام) في القارة الأوروبية.

بالأمس تعرّضت مجلّة "تشارلي إيبدو" وسط العاصمة الفرنسية باريس، المعروفة بمنشوراتها السّاخرة والتي قامت بنشر صورٍ كاريكاتورية مسيئة للرسول "محمد" (ص) لهجوم مسلّح راح ضحيّته اثنا عشر شخصاً. فجميع المختصّين قاموا بتحليل هذه الحادثة على أنّها بمثابة أحداث 11 أيلول/ سبتمبر للقارة الأوروبية وإن كانت أقل دمويّة من تلك التي حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001.

فنحن الآن نعيش فترة تعاظم ظاهرة الإسلاموفويبا التي بدأت في ألمانيا تحت اسم (PEGIDA). وهذه الظّاهرة عبارة عن حركة عدائية للأجانب المتواجدين في القارة الأوروبية وبخاصّة المسلمين منهم. فهذه الحركة ومنذ انطلاقتها تحاول زرع الفكر العدائي للإسلام داخل المجتمع الأوروبي. ولا أحد يستطيع أن ينكر امتداد هذا الفكر إلى داخل المجتمع الفرنسي.

ومع ظهور تنظيم الدّولة الإسلامية في منطقة الشّرق الأوسط وانضمام المسلمين الأوروبيّين إلى هذا التنظيم، بدأت هذه الحركة بإرداف كلمة الإرهاب إلى جانب كلمة الإسلام. أي عملت على إيهام المجتمع الغربي بأنّ الإسلام والإرهاب رديفان ولا يتجزّآن عن بعضهما البعض، وذلك عبر وسائلهم الإعلاميّة.

وبالتّزامن مع هذه النّشاطات العدائية ضدّ الإسلام والمسلمين في العالم بشكل عام وفي القارة الأوروبية على وجه التّحديد، تحدث مثل هذه الحوادث الدّموية التي من خلالها يتمّ توجيه أصابع الاتّهام نحو المسلمين.

من المعروف أنّ مجلّة تشارلي إيبدوا محصّنة من قِبل أجهزة الشّرطة الفرنسية لاحتمال تعرّضها لهجومٍ مسلّح لِما تقوم به هذه المجلّة من نشر صور كاريكاتوريّة ساخرة.

وإذا ما قُمنا بالتّدقيق في مجريات الحادثة، نجد أنّ الأشخاص الذين قاموا بهذا العمل قَدِموا إلى منطقة الجريمة بكلّ أريحيّة، حيث قاموا بإطلاق النّار على الحرّاس ومن ثمّ قتلوا عشرة موظّفين داخل مبنى المجلّة ومن ثمّ غادروا المكان من دون أن يتعرّضوا لأيّة مُضايقاتٍ تُذكر.

من هؤلاء؟

هل هم عناصر تنظيم الدّولة الإسلامية؟

إذا كانوا من أتباع تنظيم الدّولة الإسلامية بالفعل، فمن هو تنظيم الدّولة الاسلامية إذاً؟

والحقيقة أنّ العالم الإسلامي حتّى هذه اللحظة، لم يستطع معرفة حقيقة هذا التّنظيم ومن أجل ماذا يحارب هنا وهناك. كما أنّ العالم الاسلامي يرفض فكرة صبغ تنظيم الدّولة الإسلامية بالصبغة الإسلامية. فالعالم الإسلامي لا يؤمن بأنّ تنظيم الدّولة الإسلامية يحارب من أجل الدّين الإسلامي.

لكنّ هناك واقعاً لا يمكن إنكاره. وهو أنّه في حال ثبوت قيام أنصار تنظيم الدّولة الإسلامية بهذه الجريمة، فإنّ العداء الغربي للإسلام سوف يزداد لا محال. فالذين ارتكبوا هذه الجريمة، ساهموا وبلا أدنى شك في زيادة حدّة العداء الغربي ضدّ الإسلام والمسلمين.

قرار القتل

قرار الحرب

إنّ اتّخاذ مثل هذه القرارات ليس بالأمر السّهل في الدّين الإسلامي. فمثل هذه المسائل تستحوذ على أهميّة بالغة لدى الدّين الإسلامي وتتمتّع بخصوصية وحساسيّة كبيرتين. لكنّنا في الوقت نفسه نجد أنّ هناك حالات من القتل التّعسّفي في التّاريخ الإسلامي. كما أنّنا نجد أيضاً أن مثل هذه الحالات التّعسّفية منتشرة وبكثرة في كل الأماكن التي يعيش فيها البشر. لأنّ حبّ الفساد وإراقة الدّماء موجودٌ في فِطرة الإنسان. فهذا الأمر لا يعود للمسلمين وحدهم بل يشمل كلّ البشريّة.

فقد أبدى المسلمون الذين يعيشون في العالم الغربي استياءهم من هذه الهجمات. وهذه هي ردّة الفعل الصّحيحة برأيي.

وعقب الحادثة، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى عدم إلقاء التّهم على المسلمين ودعا الشّعب الفرنسي إلى التّحلّي بضبط النّفس والتّحلّي بالاعتدال. وهذا أيضاً شيء مهم.

وعلى مجلّة تشارلي إيبدو ومثيلاتها الامتناع بعد الآن عن التّلاعب بمقدّسات النّاس، لأنّ مثل هذه المنشورات تُشكّل مشكلة إنسانية وأخلاقية كبيرة للعالم الغربي.

عن الكاتب

أحمد تاشكاتيران

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس