مولود جاويش أوغلو - سودان تريبيون - ترجمة وتحرير ترك برس
أود أن أغتنم فرصة احتفال تركيا بيوم أفريقيا، للإشادة بالإنجازات التي حققتها القارة، والابتهاج بشراكتنا المتطورة. إن المكانة العالية التي حققتها أفريقيا موضع فخر للأتراك جميعا، وهي تحفزنا على الانخراط في علاقات وتعاون أوثق. تشهد المؤسسات السياسية في أنحاء أفريقيا تطورا ، حيث نشهد ظهور طبقة متوسطة قوية في كثير من دول القارة. وتتطلع القارة أيضا إلى اتخاذ خطوات واسعة في اتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولا تشمل طموحات أفريقيا القضاء على الفقر المدقع فحسب، بل تشمل أيضا الحد من عدم المساواة، وتوفير فرص التعليم القيمة للجميع، وتعزيز الحكم الرشيد كقاعدة. تعمل أفريقيا بشكل متزايد كوحدة متماسكة، وكان اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية معلما مهما في تشكيل مستقبل القارة.
لدينا من الأسباب ما يجعلنا فخورين بشراكة الدول الأفريقية، إذ ترتكز تركيا على بناء علاقات دائمة، وهدفنا الرئيسي هو إقامة تعاون عميق الجذور مع نظرائنا الأفارقة بطريقة مستدامة ومنتجة للجانبين. لقد كان أمرا مشجعا لي أن أسمع في كثير من المناسبات أن نوايا تركيا الحسنة، وتصميمها على التواصل يجد صدى طيبا لدى شركائنا الأفارقة. تنظر أفريقيا إلى تركيا بوصفها شريكا نشطا في توجه القارة نحو التنمية الشاملة والمستدامة وما يترتب عليها من تأثير في الشؤون العالمية.
وقد تجسد اهتمامنا بأفريقيا من خلال الاتصالات السياسية المكثفة على أعلى مستوى، حيث أجرى الرئيس أردوغان زيارات رسمية إلى 26 دولة أفريقية منذ توليه منصب رئاسة الوزراء. وقد فتحت هذه الزيارات سبلا جديدة للتعاون. وتظهر الاتفاقيات الموقعة بين تركيا ودول القارة أن تركيا ملتزمة بفتح مجالات جديدة للتعاون مع الدول الأفريقية.
إن تواصل تركيا مع أفريقيا بني على أسس واضحة وملموسة تعود بالنفع المتبادل. تمتلك تركيا حاليا سفارات في 41 دولة أفريقية بعد افتتاح سفاراتيها في سيراليون وغينيا الاستوائية. وسنرفع هذا العدد إلى 50 سفارة على المدى المتوسط، على أن يكون الهدف النهائي وجود ممثلية دبلوماسية تركي في جميع الدول الأفريقية.
يصادف عام 2018 الذكرى العاشرة لشراكتنا الاستراتيجية مع الاتحاد الأفريقي. وقد كان من دوافع سروي في الآونة الأخيرة، استضافة مسؤولين رفيعي المستوى من الاتحاد الأفريقي ووزراء خارجية أفارقة في إسطنبول خلال مؤتمر وزاري لاستعراض التعاون المؤسساتي. وقد وضعنا أهدافًا جديدة لعلاقة أكثر إنتاجية. وكخطوة أولى، سننظم منتدى الأعمال الثاني لتركيا وأفريقيا في تشرين الأول/ أكتوبر القادم في إسطنبول. وسنعقد في العام القادم القمة الثالثة بين تركيا وأفريقيا، وهي قمة نعلق عليها أهمية كبيرة، وسنعمل على ضمان نجاحها.
تجاوز حجم التجارة بين تركيا وأفريقيا في الوقت الحالي 20 مليار دولار أمريكي، ويمثل هذا زيادة تقارب خمسة أضعاف مقارنة بعام 2003. كما يظهر هذا الرقم أن أفريقيا وتركيا تستفيدان من علاقة تجارية عادلة. ندرك الدور المهم الذي تلعبه المجتمعات الاقتصادية الإقليمية في مستقبل أفريقيا. ومن هذا المنطلق، نظمنا في فبراير/ شباط الماضي المنتدى الاقتصادي والتجاري الأول بين تركيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بهدف تعميق الشراكة الاقتصادية بين تركيا والمجموعة.
أشعر بفخر خاص حين أؤكد أن شركة الخطوط الجوية التركية تواصل توسيع وجودها في القارة بإضافة وجهات جديدة لشبكة رحلاتها. وفي الوقت الحالي تسير الخطوط الجوية التركية رحلات إلى 52 وجهة في 34 دولة في إفريقيا. وكانت آخر إضافة تسيير رحلات إلى فريتاون عاصمة سيراليون. وسوف تبدأ الشركة في تسيير رحلات إلى جزر القمر في شهر حزيران/ يونيو. تساعد شركة الطيران الوطنية التركية الأفارقة في السفر إلى تركيا وبقية العالم.
تساهم تركيا بنشاط في تحقيق السلام والأمن في القارة، كما تشارك في الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. وخلال مؤتمر بروكسل الأخير، تعهدت تركيا بتقديم 5 ملايين دولار أمريكي لدعم قوة مجموعة بلدان الساحل الخمس.
كانت الشراكة الإنسانية والإنمائية عناصر قوية في التواصل الشامل لتركيا مع القارة، حيث تشارك كثير من الوزارات والوكالات والمنظمات غير الحكومية في تركيا في هذا الجهد المشترك. معيارنا للنجاح هو الاستجابة للاحتياجات المحلية بطريقة سريعة. ونذكر في هذا الصدد أن وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" أنفقت خلال المدة من 2004 حتى 2016، 1.43 مليار دولار أمريكي لدعم جهود التنمية المستدامة في القارة.
أود أن أؤكد مرة أخرى أننا نقدر تقديرا عاليا ما قامت به كثير من البلدان الأفريقية من اتخاذ إجراءات سريعة ضد مختلف المنظمات التابعة لمنظمة فيتو الإرهابية التي دبرت محاولة الانقلاب الدموي في تركيا.
بدأت مؤسسة معارف التركية، وهي مؤسسة حكومية، في إدارة المدارس في إفريقيا، بهدف تقديم دعم قوي للجهود التي تبذلها الحكومات الأفريقية لتوفير تعليم جيد وبأسعار معقولة في جميع أنحاء القارة. وإنني على ثقة من أن الطلاب الذين يتلقون تعليماً في مدارس معارف سيكونون على أتم الاستعداد لمواجهة تحديات المستقبل. إن توفير فرص التعليم العالي للطلاب الأفارقة المؤهلين في تركيا من خلال المنح الدراسية هو جزء من تعاوننا الواعد أيضا. وفي كل عام يفد إلى تركيا أكثر من 1.000 طالب من أفريقيا لتلقي تعليمهم العالي من خلال برامج المنح الدراسية التي تقدمها الحكومة التركية، حيث يحظون بالترحيب. وسنستمر في أن نكون مركز تفوق للطلاب الأفارقة.
يقوم نهجنا تجاه أفريقيا على شراكة شفافة واستراتيجية طويلة الأجل. ونحن على ثقة من أن هذه الشراكة تعد بمستقبل مشرق لتركيا ولشركائنا في أفريقيا.
وإذ أحيي بابتهاج يوم أفريقيا، أؤكد التزام تركيا بشراكتنا مع أفريقيا على أساس مبادئ المساواة والشراكة والتضامن والدعم والاحترام المتبادل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس