عمار الكاغدي - خاص ترك برس
باتت محورية العامل الاقتصادي في نظام حياتنا المعاصر من المسلّمات، فالاقتصاد كان وما يزال تلك العصا التي تهشّ بها الدّول العظمى على الدّول الفقيرة لتمرير سياساتها ترغيباً حيناً وترهيباً أحياناً أخرى.
ولذلك دأب الكثير من المحلّلين على تتبّع خيط المصلحة الاقتصاديّة بصفتها الدّافع الكامن وراء أي بادرة لدولة ما تجاه دولة أخرى، سياسياً كان أم عسكريّاً...
في أغلب الأحيان يفلح هذا المنهج التّحليلي ويشكّل خطوطاً عريضةً ترسم ملامح تصوّر قريب لسياسات دولٍ بعينها، فيبقى عليك فقط أن تنتظر الأيام لتتجسّد لك الحقائق المفترضة أرقاماً ذات آحاد وعشرات و....
وربّما كانت حرب الولايات المتّحدة الأمريكية الأخيرة على العراق والدّوافع المعلَنة والخفيّة من ورائها مثالاً صارخاً على صحّة ما سبق.
غير أنّ الكثير من الكتّاب يبالغ في تصوير سَطوة النّزعة الاقتصادية ويسرف في تعميمهاعلى شتّى مفاصل الحياة العامة بألوانها وأسرارها وخصوصيّاتها، مضاهياً بذلك "فرويد" ونزوعه العجيب في تفسير كل إقبالٍ أو إحجام للنّفس البشريّة على أساسٍ غريزيّ بحت!
كل ما سبق هو تفسير لمحاولة البعض ل"تسطيح" الاستحقاق المصيري الذي تتهيّأ له تركيا قريباً جدّاً، فالاستحقاق سياسيّ بالدّرجة الأولى ومع ذلك
فقد نجح أعداء تركيا بجرّ الكثير من الأقلام إلى مربّع الحوار الاقتصادي والذي يمثّل ولا شكّ نقطة أساسية لا يمكن تجاوزها بسهولة.
ولكن من قال أن تركيا خلال السنوات الماضية لم تَحُز قصب السّبق في هذا المجال؟
وما تفسير هذه الحالة العجيبة من الانسياق الأعمى وراء إثبات المُثبَت من أن تركيا قد حققت نمواً بنسبة 7.4% في 2017، لتحتل بذلك المرتبة الأولى من حيث النمو بين دول مجموعة العشرين التي تمثل 85% من الاقتصاد العالمي!!
انعدامٌ في المهنيّة يهوي بك إلى درجة الخيانة، أن تحجب عن العقول حقيقة الصّراع القِيَمي الذي تخوضه تركيا في خضمّ هذه الأيام داخليّاً و خارجيّاً وأنت تختزل كلّ العناوين الآتية بظاهرة التّراجع المرحلي للّيرة التّركيّة :
_ معارضة داخليّة رأسمالها الوحيد هو محاربة الإنجازات السّابقة والتّعهد بتدميرها حال الفوز بالانتخابات.
_ اضطلاع تركيا اليوم بالدّور الرّيادي تجاه العالم الإسلامي والتّهيّؤ للدّور القيادي في الغد القريب
_ التّصعيد السّياسي التّركي تفاعلاً مع قضية القدس وطرد السفير الاسرائيلي
_ العلاقة المتأزّمة مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة الدّاعمة للانقلاب الفاشل
_ الصراع القيمي المتجدّد على الدّوام مع دول الاتحاد الأوربي عدوّالأمس القريب، والحرب الإعلاميّة المتأججة الموجّهة ضد شخص أردوغان بالذات بالتّزامن مع اقتراب موعد الانتخابات.
_ اتّجاه تركيا علناً نحو الاكتفاء الذاتي في مجال الصّناعات العسكريّة
_ المضيّ قدماً نحو تنفيذ خطة رؤية تركيا لعام 2023 بكل تفاصيلها وبخطى ثابتة رغم كلّ الظروف القاهرة المهيمنة على المنطقة.
_ شعار "العالم أكبر من خمسة" الذي يؤسس لثورة في العلاقات الدّولية، في إشارة لاحتكار قرارات مجلس الأمن من قبل هذه الدّول، والمطالبة المتجدّدة بإشراك صوت إسلامي .
أمّا العنوان الأخير فهو بيت الدّاء كما يُقال :
_ وزير الخارجية التركي: دولتان مسلمتان وراء الحملة على الليرة التركية!!..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس