هاكان جليك – صحيفة بوسطا – ترجمة وتحرير ترك برس
هناك مرض تاريخي في ألمانيا يتجسد في تحميل الآخرين مسؤولية السلبيات الحاصلة. ففي الحرب العالمية الثانية دفع اليهود ثمن الأزمات الاقتصادية، وتعرضوا لمجازر غير مسبوقة.
وحتى الأعوام القليلة الماضية، أقدمت ألمانيا على خطوات هامة من أجل إجراء محاسبة مع الذات بخصوص تلك الفترة المخزية من تاريخها، فقدمت الاعتذارات، ودفعت التعويضات، وأقامت النصب التذكارية للمجازر.
لكنني أرى أن مرض شيطنة أشخاص وحتى مجموعات دينية وعرقية آخذ في التفاقم هذه الأيام. تصب الأحزاب اليمينية المتطرفة الصاعدة بسرعة، الزيت على النار، دون الاتعاظ من آلام الماضي.
ينتشر العداء للأجانب، المكبوت داخل المجتمع، على شكل موجات متتابعة من خلال خطاب الكراهية الذي يتبناه الساسة اليمينيون المتطرفون.
***
الأتراك والمسلمون أصبحوا هدفًا رئيسيًّا للجماعات العنصرية في ألمانيا.. ما زالت مأساة من قضوا بشكل مفجع بعد إحراق منازلهم على يد جماعات عنصرية في مدينة سولينغن، ماثلة في الأذهان.
استهدفت مجموعات مشابهة الكثير من المساجد والمحلات الخاصة بالأتراك خلال الآونة الأخيرة. تقف الحكومة والقضاء الألمانيين عاجزين عن اتخاذ التدابير اللازمة..
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أضحى الهدف رقم واحد لمناهضي الأتراك في ألمانيا. بلغ العداء لأردوغان لدى الإعلام والمؤسسات والساسة في ألمانيا مرحلة مرضية إلى حد أنهم يحملونه مسؤولية كل ما يحدث.
وبلغ الأمر حد تحميل أردوغان مسؤولية خروج المنتخب الألماني من كأس العالم. من يمكنه ربط الأحداث ببعضها بهذا القدر من التفاهة لا بد أن يكون فاقد العقل.
الرئيس المشارك السابق لحزب الخضر "جم أوزدمير"، وهو من أصول تركية، زعم أن المنتخب الألماني فقد توازنه لأن لاعبيه مسعود أوزيل وإيلكاي غودوغان التقيا أردوغان.
برأيي أن من فقد توازنه في الحقيقة هو "جم أوزدمير". وإنه لأمر مأساوي فعلًا أن يشعر زعيم من أصول تركية بهذا القدر من الكراهية تجاه البلد الذي يعد وطنه الأم.
***
فضيحة أخرى مماثلة تشهدها السويد، التي تعتبر نفسها مرجعية في أوروبا عندما يتعلق الأمر بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
فالخطأ الذي ارتكبه اللاعب جيمي دورماز، وهو من أصول تركية، خلال مباراة السويد وألمانيا في كأس العالم، حُملت مسؤوليته إلى الأتراك والأجانب المقيمين في السويد.
كل هذه التطورات تشير إلى أن أوروبا تنحدر نحو ظلمات عصور وسطى جديدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس