ترك برس
أشارت صحيفة "القدس العربي"، إلى أن كبار المسؤولين الأتراك يتابعون التطورات المتعلقة بهجوم النظام السوري بدعم كامل من روسيا على درعا ومناطق أخرى في الجنوب السوري بقلق بالغ وتخوفات غير مسبوقة لمعرفتهم أن طي النظام وروسيا لملف الجنوب، سوف يفتح بشكل مباشر ملف الشمال السوري الذي تتصدره محافظة "إدلب".
وقالت الصحيفة في تقرير إنه بعد أشهر طويلة من المساعي التركية لتجنيب إدلب كارثة كبرى عبر منع هجوم عسكري كبير لروسيا والنظام على المحافظة التي يقطنها أكثر من 2.5 مليون نسمة، تجد أنقرة نفسها اليوم أمام "الاستحقاق الأكبر" المتمثل في التوصل إلى تفاهمات نهائية مع روسيا حول وضع إدلب أو مواجهة هجوم عسكري شامل عليها وهو أسوأ السيناريوهات التي لا ترغبها تركيا إطلاقاً.
وبينما اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أن "روسيا وإيران والولايات المتحدة المسؤولة عن الانتهاكات في درعا"، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية حامي أكسوي، أن "هذه الهجمات تقوض الجهود التي تبذل في إطار عمليتي أستانا وجنيف من أجل الحد من أعمال العنف على الأرض والتوصل إلى حل سياسي للأزمة".
وتقع إدلب ضمن مناطق اتفاق خفض التصعيد الذي توصلت إليه روسيا وتركيا وإيران في أستانا قبل أكثر من عام، وتتولى تركيا مهمة مراقبة الاتفاق عبر نشر 12 نقطة مراقبة في المحافظة من أصل 13 تم الاتفاق على إنشائها.
وفي هذه النقاط ينتشر مئات وربما آلاف الجنود الأتراك وهو ما يجعل من الصعب افتراض سيناريو حصول هجوم واسع لروسيا والنظام على إدلب، ويرجح خيار التوافق بين أنقرة وروسيا على حل وسط في المحافظة، أو انهيار اتفاق أستانا وسحب تركيا لقواتها من إدلب، بحسب "القدس العربي".
لكن أنقرة هددت لأول مرة، الشهر الماضي، بإنهاء مسار أستانا في حال استمرار الهجمات لا سيما الغارات الجوية التي شنتها روسيا والنظام السوري على المحافظة وأدت إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين وهو ما أحرج أنقرة بصفتها الضامن لتنفيذ اتفاق مناطق خفض التصعيد.
وقال جاووش أوغلو: "لدينا 12 نقطة مراقبة في إدلب، ونقول لروسيا وإيران إذا وقعت هجمات على هذه المنطقة فإن هذا يعني نهاية المحادثات السياسية. أنتم ضامنون للنظام، وحصول الهجمات يعني انتهاء مسار أستانا وكذلك مسار جنيف".
لكن وعلى الرغم من التهديدات التركية بإنهاء مسار أستانا، إلا أن الأروقة السياسية في أنقرة تخشى بقوة من لجوء النظام السوري وحلفائه المنتشون بتفوقهم العسكري على الأرض إلى مهاجمة إدلب حتى لو أدى ذلك إلى انهاء مسار أستانا وإغضاب تركيا.
فالهجمات الأخيرة التي شنتها روسيا على إدلب، رأى فيها المحللون الأتراك رسالة مباشرة من موسكو إلى أنقرة بضرورة تسريع العمل على إنهاء ملف إدلب، وذلك عبر إنشاء نقطة المراقبة الأخيرة في المدينة، وبدء المرحلة المقبلة من التوافقات والمتوقع أنها متعلقة بدرجة أساسية بإنهاء تواجد هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقاً" في المحافظة.
وعلى الرغم من أن توافقات المرحلة المقبلة بين تركيا وروسيا في إدلب غير واضحة أو معلنة، إلا أن التطورات تشير إلى أن أنقرة باتت اليوم أمام مواجهة خيارين كل واحد منهما أصعب من الآخر ويتمثلان في اتخاذها خطوات عملية عسكرية على الأرض لمحاربة جبهة تحرير الشام أو مواجهة هجوم عسكري روسي كبير يؤدي إلى مذابح ومئات القتلى إلى جانب خطر هروب 2.5 مليون مدني نحو الحدود التركية.
ومنذ البداية، اتفقت تركيا مع روسيا على مواجهة جبهة النصرة، وذلك عبر التأكيد مراراً على أنها تنظيم إرهابي يجب التخلص منه في أسرع وقت، إلا أن روسيا فضلت على الدوام الخيار العسكري المباشر، في حين طرحت أنقرة خيارات أخرى وطلبت الكثير من المهل من موسكو لحل القضية بشكل لم تنجح به حتى الآن.
خيار أنقرة تمثل في عدم الدخول بمواجهة عسكرية مباشرة مع جبهة النصرة، واستنزافها تدريجياً من خلال بناء تشكيلات عسكرية جديدة واستقطاب العناصر غير المتشددة من هيئة تحرير الشام وعزل التنظيم تدريجياً وصولاً لإضعافه وإنهاء تواجده بأقل الخسائر وعبر عمليات عسكرية "جراحية" لا توقع خسائر في صفوف المدنيين العزل.
لكن ومع عدم نجاح هذه الاستراتيجية بشكل كبير حتى الآن، يتوقع مراقبون أن تضطر تركيا وبضغط روسي لتسريع خطواتها في هذه الاتجاه خلال الفترة القريبة المقبلة، وربما تعزيز قواتها وبدء مهاجمة التنظيم لعدم منح روسيا مبررا لبدء الهجوم العسكري الكبير على المحافظة.
كما لا يستبعد أن يبدأ النظام السوري عقب التفرغ من درعا بحشد قواته بشكل كبير إيذاناً ببدء الهجوم على إدلب مع ضربات جوية روسية وذلك في محاولة أخيرة ربما تساعد تركيا في اللحظات الأخيرة بتجنيب إدلب هجوم كبير عبر إقناع هيئة تحرير الشام بالانسحاب من إدلب ضمن اتفاق معين يعزز سيطرة أنقرة على المدينة وربما يشمل أيضاً تسليم السلاح الثقيل من قبل فصائل المعارضة على غرار ما يجري في درعا هذه الأيام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!