ترك برس
يجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، لديها الكثير من البدائل والخيارات للتعامل مع الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية عليها في الآونة الأخيرة، تحت ذرائع مختلفة.
الكاتب ريك نواك، قال في تقرير بصحيفة "واشنطن بوست"، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يخادع مثل الاتحاد الأوروبي عندما يكتب في "نيويورك تايمز" أن لبلاده بدائل حقيقية عن الولايات المتحدة.
ورأى نواك، وفق موقع "الجزيرة نت"، أن الشرخ في العلاقات التركية الأميركية كان متوقعا بعد الاختلافات التي استمرت سنوات حول سوريا، والتحولات الديمقراطية والسياسات الاقتصادية، مضيفا أن أنقرة عملت على تعزيز علاقاتها -خلال خلافاتها مع أوروبا وأميركا- مع كل من روسيا وقطر والصين.
وأشار الكاتب إلى أن علاقات تركيا بروسيا لم تعد سرا بدوائر السياسة الخارجية الأميركية. فمنذ الانقلاب الفاشل في تركيا 2016 صعّد أردوغان خطابه ضد أميركا والغرب واتهم الأولى مرارا بالتآمر في تلك المحاولة الانقلابية، وعمل مع روسيا وإيران لتنسيق السياسات تجاه سوريا، الأمر الذي يوضح حجم الشقة بين حليفي الناتو.
ولفت الكاتب الانتباه إلى ما قاله البرلماني التركي السابق أيكان إرديمير في 2016 من أن أميركا لم تعد موضع اهتمام لأردوغان، لأن بالشرق الأوسط هناك أهمية للأعمال وليس الخطب، وأن أنقرة تعتبر أميركا تتكلم ولا تفعل شيئا.
وعلق على إعلان تركيا أنها تخطط لتطويق الرسوم الأميركية بالتخلي عن الدولار في تعاملها التجاري مع الصين وروسيا، قائلا إن الصعوبة التي تواجه ذلك هي أن التحوّل من الدولار إلى آلية مالية أخرى بحاجة لوقت طويل.
ولقطر علاقات عميقة بتركيا، فهناك قوات تركية بقطر، واتفق الجانبان على تنظيم تدريبات عسكرية مشتركة. وفور بدء الحصار ضد قطر من قبل الدول العربية الأربع، والذي أسفر فقط عن نتائج عكس ما ترغب دول الحصار حتى الآن، أرسلت تركيا طائرات نقل لقطر في خطوة ذكرت البعض بالجسر الجوي الذي أنقذ برلين أيام حصارها من موسكو في الأربعينيات. وبالمقابل زادت قطر استثماراتها في تركيا.
وبالنسبة للصين، فمن النظرة السريعة الأولى لا تبدو بكين أنها ستكون الشريك النموذجي لتركيا ذات الأغلبية المسلمة بسبب اضطهاد أقلية الإيغور المسلمة بالصين، لكن الصين تعد تركيا بتحقيق ما رغبت فيه طويلا ولم تنجح في الحصول عليه من الغرب وهو الانضمام لتكتل دولي كبير. فقد أشارت الصين إلى أن تركيا بإمكانها الانضمام إلى منظمة التعاون بشنغهاي.
وأعلنت الصين وتركيا الأسبوع الماضي تعزيز علاقاتهما العسكرية في وقت يبدو فيه مستقبل "حلف الناتو" غير مطمئن أكثر من أي وقت مضى، كما أن التجارة بين البلدين زادت 27 ضعفا لتصل إلى حوالي 27 مليار دولار خلال الأعوام الـ15 الماضية.
في السياق، قال الكاتب أنطون تشابلين، في تقرير بصحيفة "سفوبودنايا بريسا" الروسية، إن الولايات المتحدة أطلقت في السنوات الأخيرة حروبًا مالية ضد الدول التي تجرأت على المطالبة بسياسات اقتصادية مستقلة. واليوم، في واشنطن، يفرضون عقوبات لا نهاية لها ضد روسيا، ورسوما ضخمة على الواردات التركية.
وأضاف تشابلين: "لقد عانت تركيا بشكل خطير من حرب التجارة الأمريكية ضدها: فمنذ بداية العام، انخفضت قيمة عملتها الوطنية بنسبة 20%. والآن القيمة الحقيقية لليرة التركية في أدنى مستوياتها في التاريخ"، وفق وكالة "RT".
وتابع: "إنما أردوغان يقود السياسة الأكثر اتساقا وصلابة في المواجهة مع الولايات المتحدة. ففي شهر مايو الماضي، ناشد الأمة، مطالبا بالتخلص من الدولار الأمريكي، والتحول إلى العملة الوطنية - الليرة التركية.
تريد تركيا نقل العمليات التجارية مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين (بما في ذلك روسيا والصين) إلى العملات الوطنية. هذا، وفقا لأردوغان، سيخلصهم من ضغط الولايات المتحدة الاقتصادي والسياسي".
وفي مؤتمر صحافي عقد بعد قمة مجموعة بريكس في جنوب إفريقيا، وعد أردوغان بإصدار سندات حكومية مقومة باليوان، لتجنب تأثير "التقارير المتحيزة" لوكالات التصنيف الغربية وتنويع مصادر تمويل الاقتصاد الوطني.
في الصدد، قال كبير الباحثين في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ميخائيل روشين، في الإجابة عن سؤال عما إذا كانت الضغوط الأمريكية ستقرب بين موسكو وأنقرة:
"من الواضح أن سياسة ترامب "تفجر" التوازن السياسي الذي تطور في المجتمع الدولي. نحن نرى ذلك في تشكيل علاقات أمريكية جديدة مع الحلفاء الأوروبيين وفي مراجعة علاقاتنا مع تركيا.
وأنا على ثقة بأن تركيا، في ظل الظروف الجديدة، ستزداد قربا من روسيا، ومع إيران تدريجيا. وفي الوقت نفسه، ما يقربنا من تركيا ليس فقط التفاعل السياسي المتنامي، إنما والمصالح الاقتصادية المشتركة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!