ترك برس
يوما بعد يوم تتعزز الأصوات داخل الولايات المتحدة المطالبة بإصلاح العلاقات الأمريكية التركية، فقبل يومين رأت مجلة فورين بوليسي أن الولايات المتحدة وتركيا لا تستطيعان تحمل خسارة بعضهما بعضا، وأن على دول حلف الناتو العمل على تسوية الخلاف بين البلدين. واليوم دعا، ماثيو ريسنير، المحلل في مركز المصلحة القومية الأمريكي، الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ خطوات فعالة لإنقاذ التحالف.
وكتب ريسنير في" ناشونال إنترسيت" إن العلاقات بين البلدين لم تتجاوز بعد مرحلة الإنقاذ، فانتصار أردوغان في الانتخابات الأخيرة، وحالة الاقتصاد التركي، وتراجع الحاجة إلى المشاركة الأمريكية في الحرب على تنظيم داعش، تخلق فرصة حقيقية لكلا الطرفين لإصلاح تحالفهما بشكل مُجدّ قبل حدوث مزيد من التدهور.
ولفت ريسنير إلى أن علاقة تركيا الطويلة والمثمرة مع الولايات المتحدة أثبتت أنها يمكن أن تتعافى من خلاف أكثر خطورة من الخلاف الحالي. ففي عام 1975 أصدرت الولايات المتحدة حظرًا على تصدير السلاح لتركيا رداً على غزوها قبرص، وردت تركيا بحرمان أمريكا من الوصول إلى جميع القواعد العسكرية في البلاد. لكن بعد ثلاث سنوات من التوتر عملت إدارة كارتر على رفع الحظر، والاعتراف بأن المنافع الكبيرة للتحالف مع تركيا تكفي لتبرير إصلاح العلاقات.
وأضاف أن تركيا رغم أنها أصبحت في الوقت الحالي مصدر إزعاج للسياسة الخارجية الأمريكية، فإنها تبقى حليفاً عسكرياً مهماً للغاية، فلديها ثاني أكبر جيش في حلف الناتو وهي المقر الدائم للقوات البرية التابعة للحلف، علاوة على احتضانها نظام الإنذار المبكر، وقاعدة إنجيرليك الجوية التي تستضيف أسلحة نووية تكتيكية أمريكية.
وأردف أن قوة تركيا العسكرية وموقعها الجغرافي الاستراتيجي كجسر بين أوروبا وآسيا تجعل منها كنزا لا يقدر بثمن لكل من الاستراتيجية الدفاعية للولايات المتحدة وحلف الناتو. ومن ثم فإن الحفاظ على هذا الكنز هو بالتأكيد مصلحة قومية أمريكية.
وعلاوة على ذلك، من المرجح أن يؤدي الطلاق الأمريكي من تركيا إلى تعميق الصداقة المزدهرة بين تركيا وروسيا، حيث تسعى الأخيرة لتقويض قوة ونفوذ الناتو في أوروبا الشرقية وحماية الوجود والنفوذ الروسي في الشرق الأوسط. وتدرك موسكو أنها إن حلت محل الولايات المتحدة كضامن أساسي للأمن التركي سيسهم ذلك كثيرا في تحقيق هذه الأهداف.
ورأى ريسينر أن من مصلحة تركيا أيضا إصلاح علاقتها مع الولايات المتحدة، نظرا للصعوبات التي يواجهها الاقتصاد التركي، ومن ثم فإن الوقت الحالي سيكون غير مناسب لتركيا لخسارة علاقاتها مع شركائها في الناتو، لا سيما إن ثلثي تجارتها يعتمد على الاتحاد الأوروبي.
وحدد المحلل الأمريكي خطَوات إنقاذ التحالف الأمريكي التركي فيما يلي:
الخطوة الأولى هي تعيين سفير أمريكي في تركيا، وهو منصب ظل شاغرا منذ عام 2017. وقال ريسنير، إن عدم وجود سفير أمريكي في تركيا يجعل من الصعب إنشاء إطار مفيد لتسوية الخلافات، كما أن حقيقة أن أمريكا لم تملأ هذا المنصب الشاغر بعد ما يقرب من عام، توحي بأنها تقول لتركيا إن إصلاح التحالف ليس من أولويات الولايات المتحدة.
الخطوة الثانية، يجب على الولايات المتحدة أيضا أن تعالج المسألتين الكردية والسورية اللتين تمثلان السبب الرئيس في تدهور العلاقات مع تركيا، موضحا أن القضاء على تنظيم الدولة (داعش) في سوريا يقدم فرصة لتركيا وأمريكا لإعادة التفاوض حول علاقاتهما مع ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية.
وأضاف أنه في الوقت الذي يجب فيه على الولايات المتحدة الاستمرار في تعزيز الحوار والتعاون مع الجماعات الكردية السورية، يجب عليها أيضاً تسريع عملية استعادة الأسلحة الأمريكية التي قدمتها إلى وحدات حماية الشعب الكردية، كما يجب عليها أن ترهن تقديم الدعم المستقبلي لوحدات حماية الشعب بقطع علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني.
واستطرد قائلا إن واشنطن يمكن أن تعرض تعميق تعاونها الاستخباري الحالي مع تركيا للمساعدة في وقف تدفق الأموال والأسلحة إلى حزب العمال الكردستاني عبر الحدود السورية. ولأن داعش لم تعد قادرة على الحصول على الاستيلاء على أراض جديدة في سوريا أو الاحتفاظ بها، فإن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى التعامل مع وحدات حماية الشعب كقوة بديلة لتحرير المناطق المحتلة. وهذا يعني أن واشنطن يجب أن تظهر لتركيا أن الدعم الأمريكي لحماية الأكراد السوريين لا يمتد إلى دعمها لاستقلال الأكراد أو تحالف الميليشيات الكردية السورية مع حزب العمال.
ووفقال للمحلل الأمريكي، يمكن للولايات المتحدة إظهار التزامها تجاه تركيا بالمساهمة في استئناف محادثات السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، والتي انهارت في عام 2015.
وختم ريسنير مقاله بأن عملية الحفاظ على التحالف بين الولايات المتحدة وتركيا ستكون معقدة وستتطلب دبلوماسية دقيقة وماهرة. ومثلما حرصت الولايات المتحدة على إصلاح علاقاتها مع تركيا في عام 1978 يجب عليها أن تحرص على الأمر نفسه في عام 2018، لأن التحالف مع تركيا مفيد للغاية للولايات المتحدة بحيث لا تستغني عنه دون بذل كل جهد ممكن لإحيائه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!