ترك برس
نشرت مجلة فورين بوليسي، اليوم، مقالا لكل من إيلان غولدنبرغ، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد وأحد المسؤولين البارزين في فريق وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري للمفاوضات، ونيكولاس هيراس، خبير شؤون الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد ، طالبا فيه الإدارة الأمريكية بالتعاون مع تركيا لتجنب كارثة إنسانية في إدلب.
وقال الباحثان إن الولايات المتحدة على الرغم من سياساتها الفاشلة خلال السنوات الماضية، ما تزال تمتلك أداوت للتخفيف من كارثة إنسانية قادمة أوسع نطاقا من تلك التي وقعت في حلب.
وأوضح الباحثان أن إدلب أصبحت مستودعا تضم جميع فصائل المعارضة المسلحة من جميع أنحاء سوريا، ولن يكون لهم مكان يفرون إليه؛ ولذلك من المرجح إن تكون المعركة في إدلب أكثر بشاعة، وهذا هو السبب في أن هناك تقارير عن أن نظام الأسد يفكر بجدية في استخدام الأسلحة الكيميائية.
وعلاوة على ذلك فإن المعركة يمكن أن تؤدي أيضًا إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى تركيا، وقد تدفع الأتراك إلى التفكير في إلغاء الاتفاق الذي وقعوه مع الاتحاد الأوروبي في عام 2016 لضيافة اللاجئين السوريين، ومنع الهجرة إلى أوروبا، الأمر الذي يجعل أوروبا تنزلق من جديد إلى الفوضى.
ومما يزيد الأمور تعقيدا، كما يقول الباحثان، أن تنظيم القاعدة الموجود في إدلب مرتبط بمجموعات معارضة أقل إيديولوجية وجميعها تعارض الأسد. ومن ثم فإن محاولة الفصل بينها والقضاء على القاعدة أمر بالغ الصعوبة، ولكن الرد لا يمكن أن يكون هجوما مدمرا يشنه الأسد والذي سيؤدي إلى أسوأ أزمة إنسانية.
ورأى الكاتبان أن الإخفاق في القيام بأي شيء لوقف الهجوم على إدلب من شأنه أن يقوض سياسة الولايات المتحدة التي تسعى، كما يقول كبار مسؤوليها، إلى إحياء وتنفيذ عملية جنيف السياسية، ويصرون على وجوب رحيل الأسد عن السلطة، وأن تنسحب إيران والقوات التابعة لها من سوريا قبل انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا.
وأوضحا أن الولايات المتحدة إذا وقفت مكتوفة الأيدي وسمحت للأسد وحلفائه الروس والإيرانيين بشن هجوم على إدلب، وتشريد مئات الآلاف، وربما استخدام الأسلحة الكيميائية، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى إضعاف نفوذ الولايات المتحدة لإنهاء الصراع السوري.
ولفت الباحثان إلى أن الولايات المتحدة ما تزال تمتلك بعض النفوذ لإثناء الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين عن شن هجوم على إدلب، حيث يستطيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يستخدم قناة الاتصال التي أنشأها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتوضيح أن الولايات المتحدة ستعرقل كل جهد روسي لإعادة إعمار سوريا، إذا منحت موسكو الضوء الأخضر للأسد لشن هجوم واسع على إدلب سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل.
وفيما يتعلق بتركيا، أشار الباحثان إلى أن أنقرة تحتفظ بوجود عسكري وإن كان محدودا في إدلب يشكل عقبة أمام الهجوم، لأن النظام السوري وروسيا وإيران لا تريد أن تدخل في مواجهة مباشرة مع تركيا. ومن ثم تتطابق مصالح تركيا مع مصالح الولايات المتحدة، حيث لا يريد البلدان هجوما جديدا يؤدي إلى كارثة إنسانية وتدفق ضخم للاجئين.
وينوه الباحثان إلى أن التعاون الأمريكي مع تركيا بشأن إدلب لن يكون سهلا، حيث ما تزال هناك توترات كبيرة مع أنقرة بسبب قرار واشنطن تسليح الميليشيات الكردية في الحرب على داعش، والعقوبات الاقتصادية والرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على تركيا.
لكنهما يستدركان بالقول إن الولايات المتحدة وتركيا تجدان أنفسهما على نفس الجانب فيما يتعلق بإدلب. وقد يكون التعاون بينهما في هذه المنطقة خطوة إيجابية نحو تحسين العلاقات الأوسع بين الولايات المتحدة وتركيا.
وخلص الباحثان إلى أنه يجب على الولايات المتحدة العمل على مسارين في إدلب: أولاً، يجب أن تستمر في خلق غطاء دبلوماسي كبير لتركيا في الوقت الذي تتفاوض فيه مع روسيا وإيران وحكومة الأسد. ثانيا، يجب على الرئيس ترامب أن يعلن صراحة أن الأسد وحلفاءه سيواجهون عواقب وحيمة إذا شنوا حربًا على إدلب.
وختم الباحثان بالإشارة إلى أن هناك تقارير بأن الإدارة الأمريكية تضع خيارات لتوجيه ضربات عسكرية لنظام الأسد، ليس بسبب استخدامه المحتمل للأسلحة الكيميائية، ولكن إذا أطلق حملة برية واسعة على إدلب من جانب واحد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!