ترك برس
رأى خبير قانوني تركي أن جثة الصحفي السعودي البارز، جمال خاشقجي، الذي قُتل داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، "باتت اليوم بالغة الأهمية".
وقال المحامي التركي يلماز أوزديل، في حديث لشبكة الجزيرة القطرية، إن قيمة جثة خاشقجي باتت اليوم بالغة الأهمية "لإثبات التنكيل به وإظهار كيفية ارتكاب الجريمة، ولحرمان القتلة من المساومة أو التراجع عن اعترافهم، إضافة لقيمتها الإنسانية لعائلة الضحية وأهله".
وحسب تقرير للجزيرة، فإن المعطيات التي كشفت عنها التحقيقات التركية في قضية قتل خاشقجي، تشير إلى أن من خطط لقتله عول بشكل كبير على قاعدة أنه "لا جريمة قتل دون جثة"، وعليه فقد قرر التخلص من الجثة بطرق وحشية لم تبق منها أثرا.
غير أن هذه القاعدة – حسب التقرير – لا يعتد بها في كل الأحوال بقدر ما هي "معيار" يستخدم بكثرة من قبل الدفاع في الجنايات على اعتبار أن إثبات حالة القتل دون العثور على جثة يصبح أمرا صعبا.
ويرى خبراء قانونيون أتراك أن التحقيقات الجنائية في جرائم القتل تتخذ مسارين، أولهما مسار القرائن المادية الملموسة وتشمل الجثة والأدوات المستخدمة في القتل وما يتم التحفظ عليه من آثار في موقع الجريمة كالبصمات والأنسجة الحية كالشعر والأظافر.
أما المسار الثاني فيتتبع الدوافع المسببة للجريمة والقرائن غير الفيزيائية المرتبطة بها، وهي قرائن قد تحمل طابعا سياسيا أو اقتصاديا أو جهويا أو ثأريا.
ووفقا لهذه الاعتبارات فإن المحامي أوزديل يعتبر الجثة عنصرا واحدا لكنه ليس "كل عناصر مسرح الجريمة، ويرى أن تحقيق السلطات التركية في جريمة قتل خاشقجي يتخذ في بعده الجنائي الإجراءات السابقة ذاتها.
أما في البعد العام السياسي، فيؤكد أوزديل أن التحقيق يوظف إمكانات الدولة الكبيرة من استخبارات وأدوات تنصت ومراقبة وغيرها من وسائل لا تدخل في العمل الجنائي التقليدي.
وقال أوزديل إن العثور على جثة خاشقجي لم يعد أمرا حاسما لإثبات وقوع الجريمة خاصة بعد اعتراف السعودية بقتله رسميا بغض النظر عن تفاصيل الرواية، موضحا أن القاعدة القانونية الأهم في الجنايات تقول إن "الاعتراف سيد الأدلة".
وقلل من أهمية الاتكاء على عبارة "لا جريمة قتل دون جثة"، قائلا "بالعكس من ذلك أحيانا وجود الجثة ينفي الصفة الجنائية عن الحدث كالقتل الخطأ أو في حالات الدفاع عن النفس وفي هذه الحالات تكون الجثة قرينة دفاع عن القاتل لا دليل إدانة له".
وبعد أكثر من أربعين يوما على مقتله داخل قنصلية الرياض في مدينة إسطنبول التركية، ما زال لغز اختفاء جثة خاشقجي عصيا.
والثابت الوحيد بخصوص جثة خاشقجي هو تقطيعها بعد قتله في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لكن ما جرى بعد ذلك ما زال مجهولا بين سيناريوهات الإذابة والدفن وحتى النقل خارج البلاد.
نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ياسين أقطاي، قال بدوره إن إخفاء جثة خاشقجي هدف بالأساس إلى إخفاء الجريمة ومنع ظهورها للعلن.
وأضاف أن إخفاء الجثة تحول إلى جريمة ثالثة في سلسلة الجرائم التي ارتكبها قتلة خاشقجي بعد جريمة قتله أولا ثم تقطيعه والتنكيل به، وضاعف بالتالي من جرم ارتكابها.
وأوضح أقطاي أن تركيا لا تعلم إلى اليوم أي شيء عن مكان الجثة، وأن عائلة خاشقجي لم تبلغ كذلك بشيء عنها، موضحا أن التوصل إلى تلك المعلومات يبدو صعبا الآن على الأقل.
والأربعاء، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أن بلاده ترى أن إجراء تحقيق دولي بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بات شرطًا.
وخلال مناقشة موازنة وزارة الخارجية للعام 2019 في مقر البرلمان التركي بأنقرة، أشار تشاووش أوغلو إلى أن تركيا قادت المرحلة بشكل شفاف بخصوص مقتل خاشقجي.
وقال الوزير التركي: "في البداية شكلنا مجموعة عمل مع السعودية، وقلنا إننا لا نفكر في إحالة المسألة لمحكمة دولية، ولكن في هذه المرحلة نرى أن إجراء تحقيق دولي بات شرطًا".
وأضاف: "مهما حصل فإننا سنقوم بما يلزم من أجل الكشف عن الجريمة بكافة جوانبها".
وبعد إنكارٍ دام لـ18 يوما، أقرت الرياض رسميا، في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول إثر ما قالت إنه "شجار"، وأعلنت توقيف 18 سعوديا للتحقيق معهم، بينما لم تكشف عن مكان الجثة.
وقوبلت هذه الرواية بتشكيك واسع، بينما أكدت النيابة العامة التركية أن خاشقجي قتل خنقا فور دخوله مبنى القنصلية لإجراء معاملة زواج، "وفقا لخطة كانت معدة مسبقا"، وأكدت أن الجثة "جرى التخلص منها عبر تقطيعها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!