مصطفى كارت أوغلو – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

"في الأيام الأخيرة شهدت عملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد تطورات هامة وإيجابية جدا"، هذه الجملة ليست مجرد أمنية وطموح، وإنما جملة تصف ما حصل خلال الأيام الماضية.

اللقاءات الثنائية بين الدولة التركية وحزب الشعوب الديمقراطي مع سجن إمرالي ازدادت وتيرتها في الأيام الأخيرة، أضف إلى ذلك الحراك على طريق جبل قنديل أيضا، فهناك حقيقة أنّ "الأمر المنتظر من قبل سجن إمرالي قد وصل".

قام حزب الشعوب الديمقراطي بزيارة سجن إمرالي بتاريخ 4 شباط، وأخذ الرسالة المنتظرة من أوجلان، ليقوم "بمشاركة الرسالة المنتظرة مع الحكومة أولا، ثم مع جبل قنديل".

إلا أنّ أحدا لم يُطلع الجمهور على فحوى هذه الرسالة، وذلك لأن كلا من الحكومة وحزب الشعوب الديمقراطي كانا قد اتفقنا منذ زمن على عدم تبادل الرسائل عبر الإعلام، وهذا الأمر مستمرون به إلى الآن، ولم يتغير بعد زيارة 4 شباط.

لكن كلا من الحكومة ورئاسة حزب الشعوب الديمقراطي قد أفادوا وأشاروا إلى أنّ عملية السلام تشهد الانتقال إلى مرحلة إيجابية من خلال الرسالة التي حصلوا عليها، دون "الدخول في تفاصيلها ومحتواها".

ما محتوى الرسالة؟

كيف سيكون الانتقال إلى المرحلة الجديدة؟

بالإمكان إيجاد إجابة هذين السؤالين من خلال النظر إلى الخلف فيما يتعلق بعملية السلام، ونستطيع توقع أنْ يكون محتوى الرسالة بالشكل التالي:

تجميد كل العمليات ضد تركيا.
إنهاء كل حراك الشارع الذي يخل بالنظام العام
ترك السلاح والانسحاب خارج الحدود

وللانتقال إلى المرحلة الجديدة سيعمل جبل قنديل على الاجتماع من أجل إصدار قرار يتعلق بالثلاثة مواضيع الرئيسة التي ذكرتها.

وباختصار، نستطيع أن نقول أنّ الرسالة تحتوي على "إنهاء الكفاح المسلح ضد تركيا، وإيقاف كل الأعمال التي تخل بالنظام العام في تركيا، والالتزام بالعمل السياسي الديمقراطي"، وطلب "عقد مؤتمر للمنظمة من أجل إقرار ذلك".

هناك أحاديث عن أنّ الكشف عن محتوى الرسالة سيكون من خلال مؤتمر صحفي مشترك بين الحكومة وحزب الشعوب الديمقراطي، والتسريبات تشير إلى أنّ هذا المؤتمر من الممكن أنْ يُعقد حتى قبل عيد النوروز في 21 آذار.

***

المشكلة الوحيدة التي تؤرقنا، هي عدم اتخاذ جبل قنديل لأي قرار حتى الآن، برغم إثبات إرادة الحكومة من أجل تحقيق السلام، وبرغم السلوك الواضح لعبد الله أوجلان تجاه هذه المسألة.

والسبب في ذلك يكمن في "اختلاف مراكز القوى داخل منظمة حزب العمال الكردستاني"، لكن الأخبار تشير إلى أنّ الخلاف لا يرتكز على محتوى الرسالة بقدر ما يرتكز على شكل وطريقة الإفصاح عنها.

لهذا فإنّ جبل قنديل يتناقش هذه الأيام حول عقد المؤتمر المشترك بين الحكومة وحزب الشعوب الديمقراطي، ومن المنتظر أنْ يُتخذ القرار خلال الأيام القادمة، دون الحاجة حتى إلى تدخل سجن إمرالي مجددا.

باختصار، ربما تعيش تركيا خلال فترة قصيرة يوما تاريخيا، ويقف خلف هذا التطور الهام إصرار الحكومة على إنهاء هذا الملف، فمثل هذه التطورات حصلت في الماضي مع حزب العمال الكردستاني، لكن وجود طرف ثالث أو دولة ثالثة لم يكن يجد نفعا، برغم تجربة حزب العدالة والتنمية لهذه الطريقة، إلا أنه لم يحصل على نتيجة.

استطاع حزب العدالة والتنمية أنْ ينتقل إلى خطوة هامة على صعيد عملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد دون الحاجة إلى طرف ثالث، لهذا بالإمكان تسميتها "عملية محلية"، وهكذا تم الانتقال إلى "مرحلة الحل" التحضيرية وأعلن أوجلان "الانسحاب" خلال عيد النوروز عام 2013، إلا أنّ بعض الدول الخارجية وضعت العصي في الدواليب، من خلال أحداث غزي بارك، وحوادث باريس، ثم عملية 17-25 ديسمبر، فأحداث كوباني وأخيرا أحداث 6-7 أوكتوبر الماضي.

استخدمت القيادة في جبل قنديل هذه الأحداث كذرائع وأوقفت انسحابها، وأثارت الشغب في الشارع ونقلت الفوضى إلى المدن، لتضع قفلا محكم الإغلاق على عملية السلام والمصالحة الوطنية.

إلا أنّ الإرادة الراسخة حطمت هذا القفل، وذلك من خلال عقد اللقاءات بين الحكومة وحزب الشعوب الديمقراطي رغم أحداث 6-7 اكتوبر، ليطلق الطرفان رسائل إيجابية مطمئنة، واليوم وصلنا إلى نقطة ومرحلة كان المفروض أن نصلها قبل عامين.

تركيا فقدت عامين، وربما هذا الثمن الأخير التي يجب على تركيا أنْ تدفعه من أجل أنْ تضمن مستقبلها، لأننا أصبحنا اليوم ننتظر اليوم التاريخي لإنهاء ألم ومعاناة 30 عاما.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس