ترك برس - الأناضول
مدت شجرة الموسيقى العربية أغصانها إلى إسطنبول، لتوفر في ظلالها لعشاق التراث العربي تواصلا مع الألحان والكلمة الجميلة، مساهمةً في التبادل الثقافي بين تركيا والعالم العربي.
وبقدر توسع الجالية العربية المقيمة في تركيا عمومًا وإسطنبول خصوصًا، بقدر تحرك أبنائها بحثًا عن الطرب الأصيل الذي عشقوها في بلدانهم، ووجدوا ضالتهم في معاهد لتدريس الموسيقى العربية بإسطنبول.
وظهرت مؤخرًا مجموعة من المعاهد لتعليم الموسيقى العربية في إسطنبول، مستفيدة من التقارب الثقافي الكبير، مع محبة الشعب التركي للاستماع للموسيقى العربية.
كما أن الموسيقى التركية تتمتع بالثراء الكبير، وآلاتها تتشابه بشكل كبير مع الآلات الموسيقية العربية.
مواهب عديدة بدأت بالظهور من خلال هذه المعاهد، شاركت بعضها في مسابقات عربية للغناء، وأخرى تحيي حفلات خاصة وتحقق شهرة كبيرة، فيما يزداد الإقبال على تعلم الموسيقى مرة بعد مرة.
المعهد العربي للموسيقى والغناء، هو أول معهد افتتح قبل أكثر من عامين في إسطنبول، ويسعى لتعليم الموسيقى لجميع عشاقها ومحبيها، وتتنوع الجنسيات العربية التي تتوافد عليه.
ورغم أن مؤسس المعهد ومديره ماهر نعناعة، سوري، إلا أن مختلف الجاليات العربية يقصدونه وبينها الجنسيات المصرية، اليمنية، والمغاربية، وحتى من الأتراك والأجانب.
ويقول طلاب يدرسون الموسيقى، للأناضول، إنهم بحثوا منذ سنوات عن مراكز تعليمية للموسيقى العربية، حتى وجدوا ضالتهم.
ويقول ماهر نعناعة، وهو من حلب (شمال)، وهو مدرس موسيقى منذ أكثر من 30 عاما، "كل إنسان لديه حب وطموح للفن، يرافقه لأي مكان يذهب إليه، وفي أي بلد".
ويضيف: "منذ عام 1985 أدرّس الموسيقى وخاصة في معاهد حلب المشهورة بالفن، وانتقلنا لإسطنبول قبل سنوات، وقلت يجب أن نسير بتراث البلاد، ففتحنا المعهد، وصار الإقبال على الموسيقى والغناء من مختلف الجنسيات".
وعن الآلات والأنواع الموسيقية التي يتم تدريسها، أوضح نعناعة: "فتحنا المجال لكل الآلات الموسيقية، مثل القانون، الغيتار، الكمان، العود، الناي، البيانو، الأورغ، والإيقاع، والتدريب على الموشحات والغناء".
ويرى أن الموسيقى لغة عالمية يفهمها الطالب، إن كان أجنبيا أو عربيا، ولكن مع الموشحات يتم التعاطي مع التراث، ويزداد الطلاب علما وثقافة وأصواتًا.
ولفت إلى أن الطالبة اليمنية سهى المصري، تعلمت "الموشحات" و"القدود" بالمعهد، وشاركت في برنامج المواهب العربي "ذا فويس"، ووصلت إلى مراحل متقدمة.
وعن قرب الموسيقى العربية والتركية، أفاد: "هناك تقارب كبير بين الاثنين، والمنهاج فيه سماعيات، هي قطع موسيقية على إيقاع 8 على 10، وأكثر هذه السماعيات هي من ألحان تركية، وأبرز مؤلفيها يوسف باشا، وتاتيوس أفندي وغيرهما".
ويتابع: "الموسيقى هي تقارب، وكل بلد له نغمة يعتمد عليها، العرب كذلك والأتراك، ووجدت الآلات في تركيا متوفرة ومناسبة للطلاب والفروقات بسيطة".
من جهته، يقول الشاب السوري محمد بنان، الطالب في المعهد يدرس آلة العود، والذي درس الإيقاع سابقا: "حبي للموسيقى دفعني للتعلم، فضلا عن واجب الحفاظ عليها، ونقلها للأجيال الأخرى".
ويضيف "بنان" وهو خريج كلية الحقوق من جامعة حلب: "لم أكن أعرف كيف أبدأ حتى تعرفت على المعهد، وهناك فوجئت بالإقبال الكبير من كافة الجاليات العربية، حتى من الأتراك"
واعتبر الطالب السوري، أن "الموسيقى العربية والتركية بمثابة توأم، ولكن في بيئة مختلفة، فاستفاد كل واحد من بيئته، ولكن يصبون في بوتقة واحدة".
بدورها تعبّر الطالبة الفلسطينية حنين شلبي، عن طموحها في التفوق الموسيقي وهو ما دفعها لدراستها كهواية وعلم.
وتوضح: "حاليًا تقدمت لدراسة الجامعة في فرعين، واحد منهما دراسة الموسيقى، والمعهد جيد، والأساتذة يتعاملون مع الطلاب حسب وضعهم، وطموحي هو العزف والغناء".
الشاب السوري أحمد حريزان (17 عامًا)، اكتشف موهبته في سن مبكرة، ويقول: "بداية كنت أسمع وأحفظ الأغاني والأناشيد، وأحببت هذا الأمر، فكنت أغني باستمرار في البيت".
ويضيف: "في إسطنبول بحثت كثيرًا عن معاهد، وفي العام 2017 سمعت عن افتتاح المعهد، كنت أشعر بالخجل من الغناء بشكل علني، وبعد التحاقي بالمعهد، تعلمت النوتة الموسيقية، والعزف، وبدأت بالعود، وبعد أشهر استفدت منها بالغناء وحفظ الموشحات".
ويأمل الشاب السوري في تطوير أدائه والمشاركة في برامج اكتشاف المواهب مثل (ذا فويس، وآراب آيدل)، ويحلم كذلك بالوصول للعالمية.
أما يمان حياقلي، وهو طبيب تخرج من جامعة إسطنبول، ويدرس آلة الكمان بالمعهد، فيقول "من حلب بدأت رحلة الموسيقى، ولكن توقفت بسبب التعليم والدراسة، وهنا أكملت في المعهد تعليمي الموسيقي، بعد أن دلني عليه أصدقائي".
ويفيد بأنه في مرحلة تعلم الكمان الغربي، ومنها الانتقال للشرقي، وهو أصعب، ومن ثم التركي المتشابه مع العربي.
ويضيف حياقلي: "حاليا أعزف كهواية، وهي فرصة للتعرف على الناس والمشاركة في نشاطات المعهد، وهناك حاجة للتواصل مع أبناء بلدي، والتواصل مع ثقافته، وهي واحدة من أبرز الأسباب التي جعلتني أتعلم هنا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!