ترك برس
تحت هذا العنوان كتب المحلل الجيوسياسي الكندي، مارتن بيرغر، أن السلوك العدواني الواضح لواشنطن على المسرح الدولي والذي أثارته رغبتها في فرض رؤيتها الخاصة لملامح الشرق الأوسط في المستقبل قد دفع معظم حلفائها التقليديين بعيدًا عنها، وإن كانت إسرائيل ما تزال الاستثناء الوحيد في هذا الاتجاه.
وأضاف في مقاله الذي نشره موقع نيو إيسترن أوتولك، أن روسيا لم تحصل بعد على فرصة لإعادة تأسيس نفسها كلاعب إقليمي رئيسي، لكنها تواصل تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية مع معظم القوى الإقليمية، وتزويدها بالأسلحة الروسية، وهو ما يعني أن الإمكانات العسكرية المتزايدة للقوى الإقليمية تضمن أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على مراقبة العواصم المحلية لأنها عزلت نفسها بسياساتها المتهورة.
ورأى بيرغر أنه من الضروري فهم هذا السياق جيدا عند النظر إلى الصراع المستمر بين حليفي الناتو واشنطن وأنقرة اللذين تدهورت علاقتهما في الآونة الأخيرة بشكل لم يحدث من قبل.
وأوضح أن "تركيا ستظل غاضبة من الدعم الذي تواصل الولايات المتحدة تقديمه للميليشيات الكردية المتطرفة (تنظيم "ي ب ك") في المنطقة المجاورة مباشرة لحدودها. ومما زاد الطين بلة، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدد تركيا قبل بضعة أشهر بتدمير اقتصادها. لكن الأزمة الأخيرة التي أوصلت العلاقات بين البلدين إلى الصدام كانت مطالبة واشنطن بإلغاء صفقة شراء منظومة الصواريخ الروسية إس 400."
وأشار إلى أن هناك قاسما مشتركا بين هذه الأزمة الأخيرة حول الصواريخ الروسية، وأزمة نشر الصواريخ الروسية في كوبا عام 1962. ففي ذلك الوقت كانت موسكو تحتج صراحة على نشر صواريخ "جوبيتر" في تركيا، التي كانت قادرة على ضرب المراكز الصناعية السوفيتية الكبرى والمدن الكبرى.
في ذلك الوقت، هدد الاتحاد السوفييتي تركيا علانية لأول مرة. وفي هذه الأيام، تهدد الولايات المتحدة تركيا باستخدام قانون "مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات" بحق أنقرة، وذهب نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، بعيدا خلال خطابه بمناسبة الذكرى السبعين لتشكيل حلف شمال الأطلسي، حين شكك حتى في عضوية تركيا في الحلف.
ويلفت بيرغر إلى أن العالم أصبح عالما متعدد الأقطاب، بعيدا عن سيطرة الولايات المتحدة، حيث تعقد اجتماعات يوميًا بين ممثلين رفيعي المستوى من دول مختلفة، وهو ما يعني أنه يمكن للقادة الدوليين التباحث بحرية حو حالة الشؤون الدولية، دون انتظار سماع كلمة "الفتوة الأمريكي".
ويضيف في هذا الصدد أن أنقرة تبدو مصممة على أن تُظهر للولايات المتحدة أنها، كعضو حقيقي في المجتمع الدولي، ستقرر لنفسها نوع الأسلحة التي تريد أن تراها في ترساناتها، وسوف تمضي قدما في صفقة الصواريخ الروسية التي من المقرر أن تتسلم الشحنة الأولى منها في حزيران/ يونيو من هذا العام.
ويلفت إلى أن "غيرة الولايات المتحدة من هذه الحقيقة تجلت في عدد من الوسائل القبيحة التي استخدمتها ضد التقارب التركي الروسي من قبل، ويبدو أنها ستستمر في ذلك."
وبيّن أن واشنطن هي من دبرت استفزاز إسقاط الطائرة العسكرية الروسية فوق الحدود التركية السورية في عام 2015، ونفذها أتباع تنظيم فتح الله غولن الإرهابي "فيتو" في قيادة القوات الجوية التركية. ثم قامت إحدى الخلايا النائمة في التنظيم باغتيال السفير الروسي لدى أنقرة، أندريه كارلوف. وأثبتت التحقيقات التركية أن المهاجم كان عضوًا بارزًا في تنظيم غولن وأن وكالات الاستخبارات الأمريكية كانت وراء التخطيط للهجوم.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستحاول منع التقارب بين روسيا وتركيا لعقود من الزمن، لأنها لن تكون قادرة على الحفاظ على هيمنتها على المنطقة بأسرها، إذا وجدت دولة مثل تركيا مصالح مشتركة مع قوة دولية كبرى.
ويستنتج بيرغر في ختام مقاله أن من المستحيل رفض ما يقوله المسؤولون الأتراك من أن واشنطن لا تريد أن تتعاون دول الشرق الأوسط مع بعضها البعض، حيث يتعين على ترامب الوفاء بوعده بسحب القوات الأمريكية من سوريا والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وخلص إلى أن حل الأزمة الحالية ينبغي أن يستند إلى احترام واشنطن للمصالح الوطنية لتركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!