ترك برس
تواجه تركيا والهند تحديات مشتركة أمام الضغوط الأمريكية، أبرزها ملف شراء النفط الإيراني، وصفقة شراء منظومة الدفاع الصاروخي بعيدة المدى "إس 400 " من روسيا.
يأتي ذلك فيما تتجه الأنظار إلى اجتماعات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في قمة مجموعة الـ20 باليابان.
وتواصل الولايات المتحدة ممارسة الضغوط على تركيا والهند من أجل العدول عن قراراهما بشراء منظومة "إس 400" من روسيا.
وفي الوقت الراهن، تتجه الأنظار إلى قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان المقرر عقدها في الفترة من 28 إلى 29 يونيو/حزيران الجاري.
ومن المقرر أن يلتقي أردوغان ومودي بالرئيس الأمريكي على هامش الاجتماعات.
وسبق أن حذرت الولايات المتحدة كلا البلدين من أنه ستكون هناك "تداعيات خطيرة" على علاقاتهما الدفاعية والتجارية، في حال مضيهما قدمًا في صفقة شراء المنظومة.
فناريندرا مودي، الذي بدأ ولايته الثانية 30 مايو/أيار، يسعى للتعامل مع إدارة ترامب، ورغم أن بلاده تتبع سياسة خارجية ودية، إلا أن ترامب زاد من الضغوط على الهند في مسارات متعددة، كالتجارة والنفط والدفاع.
مثلما فعلت مع تركيا، عرضت إدارة ترامب مقاتلات الجيل الخامس من طراز "إف-35" على القوات الجوية والبحرية الهندية، إذا ألغت صفقة "إس 400" البالغ قيمتها 5.43 مليار دولار مع روسيا.
وكانت الهند قد وقعت الاتفاق مع روسيا أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد محادثات موسعة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومودي.
ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم اعتبارًا من أكتوبر/تشرين الأول 2020، وستكتمل بحلول أبريل/نيسان 2023.
ووفقًا لمسؤول حكومي هندي، لم تسدد نيودلهي سوى مدفوعات جزئية من ثمن الصفقة لموسكو نظرًا للعقوبات المصرفية الغربية المفروضة على التعامل مع كيانات الدفاع الروسية.
ويعتقد المسؤولون في نيودلهي أن سعي واشنطن لوضع سياسة جديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة الصين ستتيح لإدارة ترامب التفكير في تقديم تنازلات.
وتُعرف منظومة "إس-400" الروسية بأنها أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي أرض-جو بعيدة المدى تطورًا، وكانت الصين أول من اشترى هذا النظام لحماية مدنها من أية هجمات.
* التحديات المشتركة
تركيا والهند على اتصال من أجل العمل معًا، لمواجهة التحديات المشتركة مثل القرار الأمريكي بإنهاء الإعفاءات من العقوبات على واردات النفط الإيرانية.
وأجرى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الذي كان في نيودلهي الشهر الماضي، محادثات مع مستشار الأمن القومي الهندي، أجيت دوفال، ووزير الخارجية فيجاي غوخالي.
وقال إن تركيا والهند يجدان نفسيهما في "الصفحة نفسها" بالعديد من القضايا الملحة، ويشمل ذلك العقوبات الأمريكية على واردات النفط الإيراني والمعدات العسكرية الروسية، والخطة الأمريكية لإنهاء برنامج الأفضليات المعمم (جي إس بي) الذي يُعفي الدول النامية من الرسوم الجمركية.
كما أجرى وزير الشؤون الخارجية المعيّن حديثًا، إس. جيشانكار، الأحد، أول محادثة هاتفية مع نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو.
وكتب في تغريدة، على حسابه بموقع "تويتر"،: "أجريت محادثة ودية مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الذي ساعدنا في بناء رابطة شخصية ومهنية. شكرًا لك على تمنياتك الطيبة. نتطلع إلى العمل معكم بشكل وثيق".
** تهديدات أمريكية
والأسبوع الماضي، أخبر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية مجموعة من الصحفيين الهنود في واشنطن، أن قرار نيودلهي بشراء المنظومة الروسية لم يكن صفقة عادية، وسيؤثر على تعاون الهند العسكري المتنامي مع الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة الأنباء الهندية "برس ترست أوف إنديا" عن المسؤول (لم تسمه) قوله: "إن إس-400 صفقة خطيرة بسبب قانون ’مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات‘ (كاتسا). إنها خطيرة أيضًا بسبب العوائق التي ستشكلها، فيما يتعلق بالتعاون في مجال التكنولوجيا فائقة التطور في المستقبل".
وحذر من أن الصفقة يمكن أن تؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية بموجب "كاتسا"، يفرضها الكونغرس الأمريكي على شراء الأسلحة من روسيا.
وتابع المسؤول: "يمكنكم النظر إلى المحادثات الجادة للغاية التي تجري مع تركيا شريكنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وسنثير نفس المخاوف إذا ما استمرت الهند في صفقة شراء إس-400".
و تدرك الولايات المتحدة أن نظام الرادار المرتبط بمنظومة "إس-400"، سيزود روسيا بمعلومات حساسة حول مقاتلة الجيل الخامس الأمريكية طراز "إف-35".
وتابع المسؤول: "نحن لا نخلط بين أعلى الأنظمة التكنولوجية. ثمة تهديدات تمثلت في شراء إس-400. لذلك، فإن المحادثات بدأت في تركيا الآن" حول هذا الشأن.
وقال البنتاغون إنه سينهي مشاركة تركيا في أنشطة الإدارة والتصنيع المتعلقة ببرنامج المقاتلة "إف-35"؛ حيث يُقال إن الشركات التركية تنتج حاليًا نحو 1000 جزء من "إف-35"، تشمل معدات هبوط ومكونات جسم الطائرة.
وكان وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة، باتريك شاناهان، قال في رسالة إلى نظيره التركي خلوصي أكار "بينما نسعى للحفاظ على علاقتنا القيمة، لن تتسلّم تركيا مقاتلات إف-35 إذا تسلمت إس-400".
** الهند تراقب تحركات الولايات المتحدة بشأن تركيا
وقال مسؤولون كبار في الحكومة الهندية، فضلوا عدم كشف هويتهم، لوكالة الأناضول، إنهم يراقبون عن كثب التطورات المتعلقة بتركيا.
وأوفدت إدارة ترامب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية العسكرية، آر كلارك كوبر، إلى نيودلهي لتسوية قضية "إس-400".
من جانبه، قال براهما تشيلاني، المفكر الاستراتيجي في "مركز أبحاث السياسة" وهو مؤسسة فكرية رائدة مقرها نيودلهي، إنه لم يكن من قبيل الصدفة، أن يعلن ترامب في اليوم الأول من ولاية مودي الثانية، إنهاء وصول الهند، وفق معايير "تفضيلية"، إلى السوق الأمريكية.
وفي ما بدا أنه كان من أجل تهدئة الولايات المتحدة وتجنب العقوبات، شرعت الهند في عملية شراء منظومة الصواريخ الأمريكية "NASAMS II" (نظام الصواريخ سطح – جو المتقدم الوطني) بقيمة مليار دولار، قبل توقيع الاتفاق مع روسيا لشراء "إس-400".
كما عرضت الولايات المتحدة على الهند، تزويدها بمنظومة الدفاع المتقدمة في المناطق ذات الارتفاعات العالية (ثاد)، ومنظومة الصواريخ "باتريوت" المتقدمة "باك 3" لثنيها عن شراء "إس-400".
لكن المسؤولين الهنود قالوا إن المنظومة الأمريكية تأتي بسعر أعلى من منظومة "إس-400" الروسية.
ومع ذلك، أكدوا أنه في أيام الحرب الإلكترونية والسبيرانية، سيحتاجون إلى كل من "NASAMS II" و"إس-400" مع أنظمة تشفير مختلفة، لمواجهة التهديدات المستجدة.
** الهند تقترح الحصول على المنظومتين
من جهته، اتفق خبير الدفاع الشهير، برافين ساوني، مع هذا الرأي، وقال إن استخدام منظومة "إس-400" الغالية ضد طائرة واردة أو جسم غير مأهول مثل طائرة بدون طيار، ليست فكرة جيدة.
ودافع عن فكرته قائلًا إن الغرض من منظومة الصواريخ الروسية هو الحماية ضد الصواريخ الباليستية، مشيرًا أنه لا ينفع استخدامها ضد أهداف صغيرة.
وأوضح أن "إس-400 تستخدم على أفضل وجه لحماية المدن الكبرى والأهداف ذات القيمة العالية ضد الصواريخ الباليستية، التي تخرج من الغلاف الجوي ثم تعاود الدخول إلى الهدف العالي".
في المقابل، "NASAMS"، لديها مدى محدود ومصممة لتدمير الطائرات الهجومية وغيرها من المركبات الجوية بما في ذلك صواريخ كروز التي تحلق على ارتفاع منخفض.
وأضاف ساوني: "كانت الهند تخطط لتوظيف إس-400 للدفاع الجوي الهجومي، وNASAM للدفاع الجوي الدفاعي".
ويعتقد الخبراء أنه بينما كان الهدف من "إس-400" هو توفير الحماية من الصواريخ الصينية، فإن "NASAMS" الأمريكية تمنع أي اختراق محتمل لطائرات هجومية من باكستان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!