تقرير الجزيرة نت
تحولت قضية الفتيات البريطانيات الثلاث اللاتي تمكنّ من التسلل عبر الأراضي التركية للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، إلى ملف خلافي داخلي بين الحكومة والمعارضة في تركيا، وكذلك بين أنقرة وحلفائها الغربيين في الحرب على تنظيم الدولة خصوصا بريطانيا.
وبينما تؤكد تركيا اتخاذها كافة الإجراءات اللازمة لمنع تسرب المقاتلين من أوروبا عبر أراضيها، تبدي أوساط أوروبية عدم قناعتها بجدية إجراءات أنقرة، وتطالبها بخطوات أكثر صرامة في التعامل مع هذا الملف.
ورفضت تركيا رسميا الخميس الماضي مقترحا للجنة الشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني يدعو لتوظيف عناصر من الشرطة البريطانية في مطارات إسطنبول، بهدف منع عبور بريطانيين إلى سوريا عبر الأراضي التركية للالتحاق بتنظيم الدولة. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده "لا يمكنها أن تقبل هذا الطلب أبداً".
وكانت الفتيات الثلاث -شميمة البيجوم، وأميرة عباسي، وخديجة سلطانة- قد وصلن الأراضي التركية في 17 فبراير/شباط الماضي، ونشرت السلطات التركية صورا لهن أثناء توجههن في حافلة أقلتهن من مدينة إسطنبول إلى الحدود السورية.
وتتفاوت نظرة السياسيين والمحللين الأتراك لهذا الملف تبعا لقربهم أو خلافهم مع حكومة العدالة والتنمية، فبينما يقول معارضو الحكومة إن تدفق جهاديي أوروبا -وآخرهم الفتيات البريطانيات الثلاث- يخدم نظرة حزب العدالة والتنمية للوضع في سوريا، يرى داعمون للحكومة أن ضبط الحدود بصورة مطلقة أمر غير ممكن لاعتبارات سياسية وجغرافية واقتصادية متعددة.
تحدي الحدود
وقال الباحث التركي في الشؤون الأمنية مراد يشيلتاش إن بلاده تتخذ كافة إجراءات البحث والتحري، لكن قوانينها لا تجيز طرد الزوار الذين يصلون إليها بطرق شرعية، كما كان عليه الحال مع الفتيات البريطانيات الثلاث.
وأوضح أن من بين العوامل التي تزيد من صعوبة ضبط الحدود امتدادها على مسافات طويلة مع كل من سوريا (أكثر من 820 كيلومترا) والعراق (330 كيلومترا)، وانتشار اللاجئين على طرفي الحدود مما يزيد من سهولة اختباء شبكات التهريب والتجارة بالأفراد بين اللاجئين.
ويعزو يشيلتاش إخفاق الأمن التركي في منع الفتيات البريطانيات الثلاث من التوجه إلى سوريا إلى ضعف التنسيق مع بريطانيا في هذا الشأن، موضحا أن الأمن التركي تلقى إشعارا من لندن بنية الفتيات الانضمام إلى تنظيم الدولة بعد ثلاثة أيام من وصولهن إلى تركيا، وهي الفترة التي كانت كافية لهن للتوجه إلى الأراضي السورية.
انتقادات
وعلق حميد آيور الناشط في حزب العمل اليساري التركي على القضية بقوله إن الحكومة "تغض الطرف عن تسرب المقاتلين الأجانب لأن ذلك يخدم أجندتها المبنية على إدامة الحرب على الأرض السورية ومساعيها لإضعاف النظام، والمسؤولية عن البريطانيات الثلاث تقع على كاهل الحكومة التركية ما دمن قد دخلن أراضيها".
وأضاف "من غير المعقول أن تقوم كل دولة يسافر أبناؤها حول العالم بتزويد الدول التي تستقبلهم بملفات حول خط سيرهم، والسيادة التركية تقتضي متابعة تحركات كافة المقيمين على أراضيها، وهو الأمر الذي قصرت فيه الحكومة".
وذكّر آيور بقضية اكتشاف دخول الفرنسية حياة بومدين إلى تركيا بعد قيام زوجها أميدي كوليبالي بعملية احتجاز الرهائن في متجر بباريس مطلع يناير/كانون الثاني الماضي.
يذكر أن تقارير رسمية تركية تحدثت عن استقبال البلاد أكثر من أربعين مليون سائح في عام 2014، نظرا لسهولة دخول البلاد والحصول على التأشيرة السياحية الخاصة بها.
وكانت تركيا قد أعلنت رسميا أنها اعتقلت 1100 مقاتل أجنبي، ورفعت عدد المدرجين على قائمة الممنوعين من دخول أراضيها إلى 12 ألف شخص، لتجنب توجههم للقتال في سوريا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!