حمزة تكين - أخبار تركيا
طالعنا الرئيس اللبناني ميشال عون مساء أمس السبت بخطاب وتغريدات بمناسبة المئوية الأولى لتأسيس "لبنان الكبير".
لم يكن الخطاب مريحا بالنسبة لشريحة واسعة من المسلمين في لبنان، فالرئيس الذي من المفترض - كما في أي دولة بالعالم - أن يتحدث باسم الشعب لا بلسان أحقاد تاريخية، أصلا غير مثبتة إلا عند من يكره الإسلام والمسلمين، هو مسؤول لم ينتهج نهج الإنصاف والعدالة.
نهج جعله يتهجم على الدولة العثمانية التي هي آخر خلافة للمسلمين بالتاريخ، فتجرأ بطريقة بعيدة عن منطق رجل الدولة ووصفها بأنها "كانت دولة إرهابية"، مدعيا أن "اللبنانيين عانوا منها وبسببها"، وما إلى ذلك من تجن وافتراء وتحريف للتاريخ.. فقط كرها بالإسلام والمسلمين لا بالعثمانيين.
وفي هذا السياق، كان لابد من أن نرسل لفخامته رسالة "عثمانية" نعرض عليه ونذكره بما قام به العثمانيون للمناطق التي كانت ضمن أرض الخلافة، وأصبحت لاحقا بقرار من الاحتلال الفرنسي تعرف باسم "لبنان".. لبنان الذي نحب اليوم ونحترم ولا نقبل أن يساء إليه، عكس رئيسه الذي يسيء لتركيا وتاريخها.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من سنوا عام 1909 قانون الجمعيات، الذي مازال ساريا حتى اليوم في لبنان، وهو قانون يكرس حرية تكوين الجمعيات ويحترم المادة 13 من الدستور، وبالتالي هناك فضل كبير للعثمانيين بهذه النقطة.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من أنشأوا بلدية في بيروت عام 1867، الأمر الذي كان له أثر إيجابي لناحية إبراز أهمية مدينة بيروت والتي تحولت إلى عاصمة ومركز لولاية بيروت عام 1887، وبالتالي هناك فضل كبير للعثمانيين بهذه النقطة.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من أنشأوا المصارف في لبنان، فبدأ فعليا في الفترة العثمانية ظهور المصارف المحلية والأجنبية، ومن أبرز المصارف المحلية بنك شيحا وفرعون، وبالتالي هناك فضل كبير للعثمانيين بهذه النقطة.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من أنشأوا غرفة التجارة والصناعة في بيروت عام 1898، والتي مازالت قائمة حتى اليوم، وبالتالي هناك فضل كبير للعثمانيين بهذه النقطة.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من بنو الجسور والسكك الحديدية والقطارات في لبنان، بنى تحتية مازالت موجودة حتى يومنا هذا شاهدة على الحضارة والرقي، إلا أن بعضها سقط قبل أيام بسبب إهمال صيانتكم لها وكاد يقتل عددا من اللبنانيين.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من بنو أهم بناء بالدولة اللبنانية اليوم، وهو مقر رئاسة الحكومة، حيث تدار شؤون لبنان تحت القبة العثمانية حتى يومنا هذا.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من بنوا المقر الذي تستخدمونه اليوم لحماية أمن لبنان واستقراره، أي مقر وزارة الداخلية اللبنانية الحالي.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من أعطوا الامتيازات للمسيحيين والدروز في لبنان بعد كانوا مضطهدين لسنين طويلة مضت.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من سمحوا ببناء أهم مساجد لبنان، وكذلك الكنائيس التي تقيم فخامتك فيها صلواتك في زمننا الحاضر.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من بنوا مقر الجامعة التي تتغنون بها في لبنان حتى يومنا هذا، وهو مقر الجامعة الأمريكية حاليا.
فخامة الرئيس، العثمانيون وخاصة السلطان عبد الحميد الثاني، هم من ساهموا بتأسيس مؤسسة قوى الأمن الداخلي في لبنان، هذه المؤسسة التي مازالت حتى اليوم قوية متميزة بحفظ الأمن والاستقرار.
فخامة الرئيس، العثمانيون وخاصة السلطان عبد الحميد الثاني، هم من رفضوا منح أرض فلسطين للصهاينة، الصهاينة الذين تنادي فخامتك ليل نهار أنهم يهددون لبنان وأمنه واستقراره، وربما هم نفسهم الذين اجتمعت فخامتك بهم قبل نحو 30 عاما على أرض لبنان؟!
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من حافظوا على فسيفساء لبنان وطوائفه، حتى بقي لبنان حتى يومنا هذا مضرب المثل بالعيش المشترك والتآخي.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم كتبوا تاريخ لبنان الحديث لا الاحتلال الفرنسي، ولا يمكن لفخامتكم كتابة التاريخ الحقيقي والمشرق للبنان دون الرجوع للأرشيف العثماني.
فخامة الرئيس، العثمانيون هم من خصصوا للبنان وشعبه الهدايا المميزة، وذلك شاهد بالتحديد في مدينتي بيروت وطرابلس، الأمر الذي يعبر عن عمق العلاقة والمحبة والاهتمام.
فخامة الرئيس، لم نعد في زمن صعب فيه التواصل والوصول للحقيقة، وبالتالي أنتم تحرجون أنفسكم عندما تذكرون وترددون روايات تاريخية لا أساس لها ولا صحة لها ولا دليل عليها.
هذه رسالة مختصرة من التاريخ العثماني المشرف تجاه لبنان فقط، ولو اردنا ذكر المزيد لاحتجنا لصفحات كثيرة تعادل مئات المرات من حجم خطابكم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس