ترك برس
رأت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، بورجو أوزتشيليك، من جامعة كامبرديج، أن فرص تعاون تركيا مع إسرائيل في مجال الطاقة في شرق البحر المتوسط ما تزال ضئيلة، على الرغم من وجود عدة عوامل تدفع إلى البدء في هذا التعاون.
وتوضح أوزتشيليك في مقال نشره موقع "Syndication Bureau" أن أنقرة وتل أبيب بدأتا في أعقاب المصالحة بينها في عام 2016 مفاوضات بشأن شروط تصدير الغاز من حقل ليفياثان إلى تركيا عبر خط أنابيب رئيسي جديد.
وتشير إلى أن العداء المتبادل بين حكومتي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب الوضع في غزة، كان السبب الرئيسي لانهيار مفاوضات تصدير الغاز، وليس الخلاف بشأن الأسعار وطرق الإمداد.
وتضيف أن التحالف بين إسرائيل واليونان وقبرص أثار نقطة خلاف جديّة أخرى، إذ سعت إسرائيل إلى إقامة تحالف أوثق مع جارتي شرق البحر المتوسط ، قبرص واليونان، ووقعت الدول الثلاث على عقود واتفاقيات تصدير. وفي آذار/ مارس من هذا العام اتفقت على مزيد من التعاون في مجال أمن الطاقة الإقليمي.
وتعترض تركيا على المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ) التي تطالب بها قبرص من جانب واحد، وتحتج بأن جمهورية شمال قبرص تتمتع بنفس حقوق استكشاف الطاقة مثل النصف اليوناني من الجزيرة الذي عرضت حكومته منحًا لشركات دولية للتنقيب في مياهها.
كما قامت السلطات القبرصية التركية بترخيص عمليات التنقيب البحرية لسفينتي حفر تركيتين. وفي العام الماضي طاردت سفن عسكرية تركية سفينة إيطالية كانت تقوم ببعمليات التنقيب في منطقة تعدها أنقرة داخل مياه قبرص التركية.
ولكن أوزتشيليك تستدرك بالقول إن هناك عوامل أخرى لا يمكن لأي من الطرفين تجاهلها على المدى الطويل، وتدفعهما إلى البدء في التعاون في مجال الطاقة.
أولًا، تحتاج إسرائيل بشدة إلى وسيلة لتصدير الغاز الطبيعي، في الوقت الذي ما زال فيه المستثمرون يحجمون عن المشاركة في مشروع أنابيب "إيست ميد" عبر قبرص واليونان، والذي يتكلف نحو 7 مليارات دولار أمريكي.
وعلاوة على التكلفة المرتفعة للمشروع، فإنه يواجه صعوبات تقنية، واعتراضات من لبنان لأنه سيمتد عبر البحر على مساحة 850 كم مربع في منطقة محل نزاع بين لبنان وإسرائيل.
الخيار الأكثر واقعية هو أن ترسل إسرائيل الغاز إلى منشآت الغاز الطبيعي المسال المصرية. ولكن في أعقاب الاكتشافات الكبيرة للغاز في مصر التي تريد حماية قدراتها التنافسية، بالإضافة إلى المخاوف الأمنية المتزايدة في شبه جزيرة سيناء تدفع إلى إرجاء هذه الفكرة.
ووفقًا لجون بولس الخبير في مركز الطاقة والتنمية المستدامة بجامعة قادر هاس في إسطنبول، فإن البديل الأكثر جدوى لتصدير الغاز من الحقول الإسرائيلية هو تركيا، الدولة الوحيدة القادرة على تخزين كميات كبيرة من الغاز من حقل ليفياثان ونقلها إلى أوروبا.
وسيكون التفاوض بشأن أسعار الغاز طويلة الأجل من إسرائيل أكثر اقتصاداً بالنسبة لتركيا من الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال الذي تشتريه من الولايات المتحدة وقطر. كما تريد تركيا بشدة أن تتجنب الخسارة أمام مصر كمركز رئيسي للطاقة في المنطقة.
ثانيًا، أن إسرائيل تتجنب حتى الآن اتخاذ موقف قوي بشأن المستقبل السياسي لقبرص أو إعادة توحيد الجزيرة. وهذه السياسة الإسرائيلية تبقي الباب مفتوحًا لإجراء محادثات جديدة مع تركيا حول التعاون في مجال الطاقة، رغم أن هذا قد يتغير مع وجود حكومة جديدة في إسرائيل.
وأخيرًا، في مواجهة ضغوط الدول الأوروبية المؤيدة لقبرص، يمكن أن تلجأ تركيا إلى روسيا طلبًا للمساعدة. طرحت أنقرة بالفعل فكرة منتدى شرق المتوسط للطاقة بالشراكة مع لبنان وليبيا وسوريا، مع روسيا بصفة مراقب. ومع وجود روابط خاصة طويلة الأمد بموسكو، قد ترى إسرائيل عرضًا لإنتاج الغاز بشكل مشترك كخطوة عملية.
وتخلص الخبيرة إلى أن أي تعاون بين الجانبين في مجال الطاقة، يوجب عليهما إعادة بناء الثقة السياسية وإحياء الواقعية التي طالما كانت السمة المميزة لعلاقتهما، وهو أمر ما يزال مستبعدا حاليا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!