ترك برس
إذا كانت سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها تركيا تجاه أزمة اللاجئين قد غيرت الوضع الراهن، يقول خبراء إن تعديل اتفاقية الهجرة بين أنقرة وبروكسل أصبح ضروري، مؤكدين أن الاتفاقية السابقة لم تعد فعالة بسبب فشل الاتحاد الأوروبي في الوفاء بالتزاماته.
وقال إمرة غونين، وهو أكاديمي من جامعة إسطنبول بيلغي، إن الاتحاد الأوروبي قد أنهى الصفقة بالفعل بعدم الوفاء بالتزاماته.
وأضاف غونين لصحيفة صباح أنه كان على الاتحاد الأوروبي حتى نهاية عام 2018 الوفاء بالتزاماته المالية القائمة على المشاريع، ولكن لم يتم تحويل سوى نصف المساعدات المالية الموعودة حتى الآن.
ووفقًا للأكاديمي التركي، كان من المتوقع أيضًا أن يصبح تحرير التأشيرة ساري المفعول بحلول نهاية عام 2016، وكانت هناك بعض الفصول الجديدة في عملية انضمام تركيا التي كان من المقرر افتتاحها، ولكن الاتحاد الأوروبي لم يحترم أيًا من هذه الالتزامات.
بدورها أكدت فاليريا جيانوتا، الخبيرة الأكاديمية في السياسة التركية والعلاقات الدولية، على نقطة مماثلة، قائلة: "أعتقد من الناحية القانونية أن أي اتفاق يستند إلى مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين". وفيما يتعلق باتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، فقد أوفت تركيا بالتزامها بينما لم يف الاتحاد الأوروبي بواجباته التي تعهد بها".
وفي آذار/ مارس 2016، وقعت أنقرة وبروكسل اتفاقية لخفض عدد المهاجرين عبر بحر إيجة، ولإيجاد حل لتدفق اللاجئين المتجهين إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا للاتفاقية، منحت تركيا مساعدات مالية بقيمة 6 مليارات يورو (6.77 مليار دولار)، بحيث تتسلمها الحكومة التركية على مرحلتين لتمويل مشاريع للاجئين السوريين. وكان إعفاء المواطنين الأتراك من التأشيرة إلى دول الاتحاد من أهم مزايا الاتفاقية، إلى جانب تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي.
وأوضحت جيانوتا أن تركيا أوفت بالتزاماتها في الاتفاقية لدرجة أن الأمم المتحدة اعترفت بانخفاض كبير في عدد اللاجئين الذين يحاولون عبور الحدود باتجاه أوروبا. ومن ناحية أخرى لم تتلق تركيا جميع الأموال التي وعد بها الاتحاد الأوروبي إلا 2 مليار دولار للاستثمار في برنامج ESNN (شبكة الأمان الاجتماعي للطوارئ) بينما تم توجيه 1.7 مليار أخرى إلى بعض البرامج الأخرى. لذلك، من بين 6 مليارات، تم صرف 3.7 مليار فقط".
وأضافت أنه: "لم يتم إعفاء المواطنين الأتراك من التأشيرة، كما تنص الاتفاقية، ولم تشهد عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي برمّتها أي تحسن، ولم يتم فتح أي فصل جديد. بالإضافة إلى ذلك تبنت المؤسسات الأوروبية نهجًا سلبيًا تجاه تركيا إلى حد أن بعض ممثلي الاتحاد الأوروبي يهدفون إلى تجميد كامل لمفاوضات العضوية الكاملة".
وتعليقًا على تغيير السياسة التركية الأخيرة بشأن السماح للمهاجرين بعبور الحدود في اتجاه أوروبا، قال غونين: "إن تركيا أوفت بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق حتى الآن. لكنها غيرت سياستها. المساعدات المالية القادمة من الكتلة مهمة جدًا. إذا تم إيقاف المساعدات المالية من قبل الاتحاد الأوروبي، فسيكون ذلك سيئًا بالنسبة لتركيا وخاصة بالنسبة للاجئين".
وبالنظر إلى جميع العوامل والتطورات، رأت جيانوتا أن تركيا لها الحق في إلغاء الاتفاقية، لكنها أشارت إلى أن هناك مجالًا لإعادة التفاوض بشأن الشروط ومناقشة تنقيح الاتفاقية. وهذا يتطلب تحمل مسؤولية مشتركة.
اتفاقية جديدة على الطاولة
وحول إمكانية توقيع اتفاق هجرة جديدة بين أنقرة وبروكسل، قال غونين: "قد تكون الاتفاقية الجديدة ضرورية أو قد تستمر الاتفاقية القديمة. الحديث عن اتفاقية جديدة سيكون تخمينات. ألقى الاتحاد الأوروبي باللوم على تركيا في إصلاحات ديمقراطية وقانونية لفشلها في الوفاء بالتزاماتها؛ ومع ذلك، كان يتعين على الاتحاد الأوروبي الوفاء بمسؤولياته الخاصة المنصوص عليها في الصفقة".
من جانبها رأت جيانوتا أن هناك حاجة إلى اتفاقية جديدة، حيث يتعين على الاتحاد الأوروبي تحمل المسؤولية وترك معاييره المزدوجة وراءه.
وقالت: "لسوء الحظ يختلف الاتحاد الأوروبي الحالي عما كان عليه في عام 2016. وظهرت مقاربات قومية وتعززت المشاعر المتطرفة، وتميل الدول الأعضاء إلى اعتماد المزيد من التدابير الوقائية. الاتحاد الأوروبي يعيش أزمة هوية عميقة".
وتوقعت جيانوتا أن يطرح عرض جديد مستند إلى بعض الموارد المالية الجديدة والوعود الأخرى المماثلة لعام 2016، بما في ذلك تحديث الاتحاد الجمركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!