ترك برس
تتابع وسائل الإعلام العالمية عن كثب الجهود الحثيثة التي تبذلها تركيا منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد فيما يتعلق بإرسال المساعدات الطبية إلى كبرى الدول حول العالم، وخاصة الغربية.
وفي هذا الصدد، نشرت وكالة رويترز تقريرًا أشارت فيه إلى أن العمل يتواصل في تحميل صناديق تتكدس فيها المعدات الطبية مزينة بالأعلام التركية وشعار الرئاسة على طائرات في إطار حملة مساعدات كبرى تنفذها أنقرة أرسلت من خلالها مساعدات لعشرات الدول منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
وتطرق التقرير إلى الرسالة المدونة على كل شحنة مساعدات تركية، والتي تقول "إن بعد اليأس أمل وبعد الظلمة شموس كثيرة"، اقتباسا لبيت من قصائد الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي الذي عاش في القرن الثالث عشر.
وترى الوكالة إن "تلك الرسالة تتطلع إلى أيام أفضل لا في المعركة مع جائحة كوفيد-19 فحسب بل للدبلوماسية التركية المنهكة".
ففي الوقت الذي ساءت فيه العلاقات التركية مع شركائها في حلف شمال الأطلسي في أوروبا والولايات المتحدة بفعل خلافات على نظم دفاع صاروخية روسية وحقوق الإنسان والعقوبات الغربية على إيران، تأمل تركيا أن تكون أزمة الفيروس فرصة لتهدئة التوترات الأخيرة.
ورغم أن تركيا واجهت انتشار فيروس كورونا على نطاق كبير في أراضيها، حيث تجاوز عدد الوفيات الآن 3700 حالة، فقد أرسلت مساعدات طبية إلى 61 دولة من بينها الولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا.
وطبقا لحسابات أنقرة فإن تركيا هي ثالث أكبر موزع للمساعدات على مستوى العالم خلال الجائحة وشملت المساعدات كمامات وبذلات واقية وأدوات للاختبارات ومطهرات وأجهزة تنفس.
وفي رسالة إلى الرئيس دونالد ترامب مع إحدى الشحنات قال الرئيس رجب طيب أردوغان إنه يأمل أن تساعد "روح التضامن" التي أبدتها تركيا الساسة الأمريكيين على ”فهم أفضل للأهمية الاستراتيجية لعلاقاتنا“.
وتواجه أنقرة احتمال فرض عقوبات أمريكية عليها بسبب شرائها نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400 الذي تسلمته في العام الماضي لكنها لم تشغله بالكامل حتى الآن. ورغم خطر العقوبات فإن تركيا تقول إنه سيتم تشغيل النظام في النهاية.
ويوم السبت دعا أردوغان الاتحاد الأوروبي إلى زيادة تعاونه مع تركيا في ضوء الدعم الذي أبدته أنقرة لعدد من الدول الأعضاء خلال الجائحة. وقال "أرجو أن يتفهم الاتحاد الأوروبي الآن أننا جميعا في قارب واحد".
ولا تزال تركيا مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي لكن هذه العملية تعثرت منذ فترة طويلة وسط خلافات على سجل تركيا في حقوق الانسان والتعامل مع اللاجئين السوريين والتنقيب عن الغاز حول قبرص وفي شرق البحر المتوسط.
وأكد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن مبادرة المساعدات أدت إلى تحسن الجو في واشنطن.
وقال "هل طرأ جو إيجابي بعد المساعدات الأخيرة التي أرسلتها تركيا؟ نعم. وثمة جو إيجابي في عيون الشعب (الأمريكي) أيضا"، لكنه أضاف أن "المشاكل الأساسية مع الولايات المتحدة لا تزال قائمة".
كما أرسلت تركيا مساعدات إلى ليبيا والعراق وإيران والسلطة الفلسطينية وروسيا والبلقان والصين التي نشأ فيها الفيروس المستجد.
وتقول تركيا إنها أرسلت مساعدات أيضا إلى إسرائيل رغم التوتر بسبب بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ووضع القدس. وقد تبادلت الدولتان طرد أرفع الدبلوماسيين فيهما في 2018.
وأرسلت تركيا مساعدات إلى 15 دولة في افريقيا حيث تسعى لتوسيع نفوذها وعلاقاتها التجارية.
ورغم احتمال أن تكون هذه الحملة الدبلوماسية قد أدت إلى تغير ما في بعض العلاقات الدولية المتعثرة فإن المحللين يقولون إن من المستبعد أن يكون لها نتائج دائمة دون خطوات ملموسة لمعالجة الخلافات الجوهرية.
وقال فادي هاكورا الزميل بالمعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن "مهما كان حسن النية ومهما كانت الدبلوماسية الطبية فلن تغير التداعيات السلبية التي ولّدها في واشنطن نشر تركيا نظام إس-400".
وأضاف "إذا كانت تركيا تريد أن تصنع معروفا لواشنطن فعليها أن توقف النظام إس-400".
وقالت جونل تول مؤسسة ومديرة مركز الدراسات التركية بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن إن خلافات تركيا مع الاتحاد الأوروبي لن تحل أيضا بين عشية وضحاها.
وتابعت "في حين رحبت بعض الدول بالمساعدات التركية فإن مشاكل أنقرة مع جيرانها وحلفائها الغربيين أخطر من أن تحل ببضع خطوات رمزية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!