ترك برس
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مراسم الإعلان عن اكتشاف أكبر حقل غاز طبيعي في تاريخ البلاد، أن المؤشرات الأولية لاكتشاف الحقل المذكور والذي تقدر احتياطياته بنحو 320 مليار متر مكعب؛ تشير إلى احتمال كبير بوجود حقول أخرى في المنطقة نفسها، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن الآفاق التي يمكن أن يفتحها هذا الاكتشاف أمام أنقرة في مختلف المجالات ذات الصلة.
وعقب الاكتشاف المذكور، قال وزير الطاقة والموارد التركي فاتح دونماز إنه من المتوقع أن تُكتشف في أقرب وقت آبار وحقول جديدة في منطقة حقل الغاز المكتشف.
وأشار إلى أن بلاده تواصل العمل على مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع في المنطقة المذكورة، وأنهم سيواصلون "أعمال التنقيب والمسح بإمكانيات محلية، كما سيُنشأ خط أنابيب لنقل الغاز".
وأضاف الوزير التركي أن دراسات المسح الزلزالي في المنطقة بدأت قبل 14 شهرا، مشيرا إلى أن مساحة المنطقة التي اكتشف فيها الغاز تبلغ 250 كيلومترا مربعا.
ولفت إلى أن حقل الغاز الجديد سيسد حاجة البلاد لنحو 7 إلى 8 أعوام، لكن مع استمرار أعمال التنقيب واحتمال العثور على حقول إضافية، قد تمتد هذه الفترة لسنوات أطول، موضحا أنهم يهدفون إلى نقل أول دفعة من الغاز إلى البر عام 2023.
وبحسب خبراء، فإن أهمية الاكتشافات التركية الأخيرة لكميات الغاز الطبيعي الكبيرة في البحر الأسود لا تقتصر على القيمة المادية فقط، وإنما يمتد الأثر الإيجابي لها إلى فتح الآفاق لاكتشافات أخرى أوسع، سواء في منطقة البحر الأسود أو شرق المتوسط.
ويقترب حجم الاحتياطي المكتشف في البحر الأسود من نصف حجم احتياطي حقل ظهر الضخم في مصر، الذي وصفته القاهرة والشركات العالمية، التي تعمل فيه بأنه أكبر حقل في البحر المتوسط.
وأرجع خبراء في الطاقة إمكانية اكتشاف حقول غاز جديدة إلى عاملين، الأول هو إثبات الإمكانات التركية الوطنية قدرتها على البحث والتنقيب واكتشاف حقول ضخمة، وثانيهما العامل البيئي، إذ تشير الدراسات إلى خصوبة المنطقة وغناها بالموارد الطبيعية.
ويعزز العامل الثاني تصريح وزير الطاقة التركي أن ما أظهرته الاختبارات والتحاليل بخصوص جودة الغاز المكتشف، سينعكس بشكل إيجابي على تكلفة استخراجه.
مركز "وود مكنزي" العالمي للاستشارات، قال في تقرير له إن "هذا أكبر كشف لتركيا على الإطلاق وبفارق كبير، وأحد أكبر الاكتشافات عالميا في 2020".
وحذر مسؤولون ومحللون من أن بدء الإنتاج من أي كشف للغاز في البحر الأسود قد يستغرق ما يصل إلى 10 سنوات، وسيحتاج إلى استثمار مليارات الدولارات لتشييد بنية تحتية للإنتاج والإمدادات؛ لكن مرصد المتوسط للطاقة بباريس، أكد أن تركيا قد تمضي قدما في قرارات استثمارية بشكل سريع.
وقال المرصد في تقرير له إن "العملية ستمضي بسرعة شديدة من حيث التمويل والوقت والإجراءات، وربما تكون هناك حاجة لمساعدة من شركات أجنبية من الناحية التقنية"، ورأى أن 2023 هدف معقول.
من جانبه، رأى أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة "أرتوكلو" التركية، متين أرول، أن الكشف المذكور سيساهم في جلب مزيد من الاستثمارات إلى تركيا، مؤكدا أن هناك إمكانية لتطوير اكتشافات أخرى.
ويرى أن هذا الاكتشاف الكبير سينقل تركيا إلى مرحلة مهمة على المستويين الإقليمي والدولي، ويجعلها مرشحة لأن تكون بين الدول الـ10 الكبرى، بحسب تقرير نشره موقع "الجزيرة نت".
وقال أرول إن تركيا تحتاج إلى الطاقة كونها بلدا صناعيا ناهضا، وستصبح منتجة ومصدرة للغاز، وهذا سيمكنها من تطوير صناعات كبيرة داخل تركيا، الأمر الذي سينعكس على مكانتها السياسية والاقتصادية.
وأوضح أنه "عندما تكون احتياجات تركيا من الطاقة غير مرتبطة بالأسواق العالمية والأسعار المتغيرة يوميا، سيمنح البلاد مزيدا من الاستقلالية الذاتية".
وأضاف أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة "أرتوكلو": "سيمنح الاكتشاف العملة المحلية (الليرة) مزيدا من الاستقرار، وسيخفض من فاتورة العملة الصعبة التي تدفعها تركيا لتغطية احتياجاتها من الطاقة".
وتنفق تركيا -حاليا- نحو 50 مليار دولار سنويا على الغاز.
وتابع أيرول أن تركيا ستصبح بفضل هذا الاكتشاف -الذي تم بإمكانيات محلية بحتة- أكثر خبرة في ميدان التنقيب عن الطاقة، وربما يجلب لها عقود استكشاف للخام في دول أخرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!