باسل حاج جاسم - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
كثيرا ما تذبذبت شراكة روسيا وإيران بين التعاون والتنافس بسبب عدم توافق المصالح والأهداف في كثير من القضايا الإقليمية والدولية. لكن جهودهما المشتركة نجحت حتى الآن في تحقيق نتائج جوهرية في سورياا أصبحت ركيزة مهمة في السياسة الخارجية لكلا البلدين.
ولا يخفى على أحد أن إيران منافس إقليمي لروسيا ، وهي هدف رئيسي لواشنطن وتل أبيب. وتعلم موسكو جيدًا أن هذا التوتر سيتصاعد ما دامت إيران باقية في سوريا ، وهذا يعد تهديدًا كبيرًا للمصالح الروسية.
قبل عدة أشهر ، وخلال مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية تاس ، أكد مبعوث إسرائيل في موسكو أن إسرائيل راضية عن موقف روسيا من الوجود العسكري الإيراني على الحدود الإسرائيلية السورية. وأشار إلى أن إسرائيل وروسيا تجريان نقاشات مكثفة عن هذه القضية ، مؤكدا أن وجود القوات الإيرانية في المنطقة "يستهدف إسرائيل".
ووفق تقرير معهد "السياسة والاستراتيجية" الإسرائيلي ، فإن الحرب غير المعلنة بين طهران وتل أبيب ، والمستمرة منذ بداية الأزمة السورية ، لا تقلق روسيا على الأقل ، ما دامت الأطراف حذرة من الإضرار بمصالح موسكو في هذه العملية. ومع ذلك ، فإن المنافسة بين الكرملين وطهران على السيطرة والنفوذ وتحديد مستقبل سوريا تتحول بسرعة إلى معضلة.
الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المواقع الإيرانية داخل سوريا ، بالإضافة إلى ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران ، تزيد حاجة إيران إلى علاقة جيدة مع روسيا ، وهوما يجعل موسكو أقوى من ذي قبل عند مواجهة طهران في سوريا.
لا يمكن تجاهل ما قاله كثير من المراقبين ،من أن دعوة إيران للمشاركة في محادثات أستانا في عام 2017 كانت محاولة من أنقرة وموسكو لدفع طهران للوفاء بالتزاماتها لأنه من الصعب السيطرة على الجماعات التابعة لإيران في سوريا. وعلى عكس طهران ، تمكنت روسيا من بناء جسور مع المعارضة السورية السياسية والمسلحة عبر المملكة العربية السعودية وتركيا.
أربعة اختلافات
ظهرت الخلافات بين روسيا وإيران (التي لم تصل بعد إلى مستوى الأزمة) في سوريا في السنوات القليلة الماضية ويمكن تلخيصها في أربعة مواقف : الأول كان في بداية التدخل الروسي المباشر في سوريا منذ ست سنوات ، وهو ما دفع إيران إلى التراجع إلى الصف الثاني حليفا صامتا لدمشق ، في حين تبوأت موسكو زمام المبادرة حين أخفقت إيران في تغيير التوازنات العسكرية خلال سنوات التدخل. .
أعاد التدخل العسكري الروسي الذي بدأ رسميًا في أيلول 2015 ، سيطرة دمشق على معظم الأراضي السورية ، باستثناء أجزاء في الشمال الشرقي حتى الآن. ومع أن موسكو قد لا تكون راضية عن النشاط الإيراني المكثف في سوريا ،وعن الاتفاق العسكري الجديد بين دمشق وطهران أيضا ، فإنها تظل في حاجة إلى الوجود الإيراني ما دامت الحرب لم تنته. من غير المحتمل أن يتخلى أحدهما عن الآخر في سوريا في المستقبل القريب لأن كليهما قلق من أي مفاجآت أو انهيار اقتصادي.
وجاء الخلاف الثاني بين موسكو وطهران بعد الاتفاق بين تركيا وروسيا على إجلاء المدنيين والمقاتلين من المناطق الشرقية في حلب نهاية عام 2016. ورفضت إيران أي اتفاق في هذه المنطقة لأنها أرادت تنفيذ حل عسكري في حلب، وفق ما تم تداوله في تلك الفترة.
وفي السياق ذاته ، ذكر موقع الدبلوماسية الإيرانية ، المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية ، أن استعادة حلب كانت خطوة إيجابية نحو تحسين العلاقات بين روسيا وإيران. ومع ذلك ، لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن نهاية الأزمة السورية. وأضاف الموقع أن موسكو نسقت مع أنقرة أكثر بكثير من التنسيق مع طهران وأن روسيا اتصلت بالسعودية قبل الانضمام إلى طاولة المفاوضات السياسية بشأن سوريا ، مع الأخذ في الحسبان أن مثل هذا الوضع سيؤثر بشدة في العلاقات بين البلدين.
ووفقا للموقع ، ليس من الواضح ما إذا كان الروس مع إيران في سوريا ، أو إيران مع الروس هناك. وجهة النظر الروسية بشأن سوريا تكتيكية وليست استراتيجية.
مشاركة الرياض على مائدة المفاوضات السورية ستكون ضد مصلحة إيران ، إضافة إلى أن 90٪ من مسلمي روسيا تربطهم علاقات جيدة جدًا مع تركيا والسعودية ، علمًا أن موسكو تولي أهمية كبيرة لمطالب المسلمين في روسيا.
أصبح الاختلاف الثالث واضحًا خلال بدء مفاوضات أستانا، حينها أرادت إيران الانتقام ودفع واشنطن للخروج من المحادثات ، في حين دعت روسيا إلى مشاركة الولايات المتحدة كمراقب فقط.
ظهر الخلاف الرابع بعد المحادثات الثنائية في سوتشي بين أنقرة وموسكو حول مصير إدلب باستثناء طهران التي كانت لا تزال موجودة على الأرض.
ويبقى أن نرى ما إذا كان من الصعب التغلب على خسائر طهران الأخيرة من الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقعها داخل سوريا. والسؤال: هل تدفع هذا الإيرانيين إلي مغادرة بعض المناطق السورية بعد سنوات من الاستثمار في هذا البلد؟ قد يتضح الجواب إذا أبرمت إيران اتفاقًا مع واشنطن ، سواء مع ترامب أو مع شخص آخر في البيت الأبيض.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس