ترك برس
عقب معارك ضارية استمرت لنحو 4 أسابيع، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إقليم "قره باغ" ، ينص على استعادة أذربيجان السيطرة على محافظات كانت محتلة قبل نهاية العام الحالي.
ومن بين ما ينص عليه الاتفاق المذكور، نشر قوات حفظ سلام روسية وتركية في مناطق معينة في الإقليم، وإنشاء مراكز مراقبة وقف إطلاق النار بين البلدين.
وعقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قدمت الرئاسة التركية مذكرة للبرلمان تتعلق بإرسال جنود أتراك لأذربيجان، للمشاركة في الدوريات المشتركة لمراقبة تطبيق بنود الاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا، وهو ما وافق عليه البرلمان.
وإثر الإعلان عن الاتفاق، علقت صحيفة "لوتان" السويسرية، بالقول إن أنقرة موسكو هما الرابحان الأكبر من وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في القوقاز، في حين انحسر دور الأميركيين والأوروبيين في مجرد التفرج على الوضع.
ووسط الجدال الدائر حول حجم القوات التي سترسلها أنقرة وموسكو إلى "قره باغ"، يبرز سؤال حول طبيعة الوجود التركي والروسي في الإقليم، هل هو تنافس بينهما أم تحالف وفق مصالح مشتركة؟
الخبير العسكري والإستراتيجي، مأمون أبو نوار رأى أن يؤدي التنافس والتوتر في العلاقات بين تركيا وروسيا إلى إفشال تفاهم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في إقليم قرة باغ للسنوات الخمس المقبلة.
ورأى أبو نوار خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر" على شاشة قناة الجزيرة القطرية، أن حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التوصل لتفاهم شامل ودائم بين أذربيجان وأرمينيا بشأن إقليم قره باغ هو أمر مفرط في التفاؤل، وأنه من الأجدى الآن بحث إمكانية صمود التفاهم الأخير، الذي تم التوصل إليه بين الطرفين برعاية موسكو، وأدى إلى وقف الحرب بين البلدين.
وحسب الخبير العسكري، فإن مشكلة صمود الاتفاق واستمراريته تتعلق بالدرجة الأولى بالطبيعة التنافسية للعلاقات التركية الروسية؛ ففي الوقت الذي ترى فيه تركيا أن انتصار حليفتها أذربيجان في الحرب يشكل بوابة لها للانفتاح على الكثير من مناطق العالم، فإن موسكو لها مطامع سياسية ووجودية في هذه المنطقة.
ومع أن تركيا كان لها دور كبير في انتصار أذربيجان بالحرب، فإن موسكو -وفقا لوجهة نظر أبو نوار- استطاعت أن تسوّق نفسها أمام العالم بأنها الراعية السياسية للاتفاق والتفاهم بين البلدين المتحاربين، وأنها تطمح بعد نشر قواتها لحفظ الأمن بين البلدين إلى الحصول على مباركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لوجودها العسكري في هذه المنطقة، الأمر الذي يفتح لها الباب واسعا للقيام بعملية قضم للأراضي، كما فعلت بدول سابقة في القرم وجورجيا.
كما تحدث أبو نوار عن تنافس البلدين في قضايا الطاقة والغاز، وقضايا تجارية أخرى، وهي أمور من شأنها أن تهدد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن الإقليم.
ومع أن الباحث في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية سيرغي ماركيدنوف أقر بوجود خلافات سياسية كثيرة بين موسكو وأنقرة في العديد من مناطق العالم، فإنه أكد أن البلدين تربطهما مصالح كبرى، وأنهما يدركان الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها من قبل أي طرف منهما.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية يوسف الأباردا قناعته بإمكانية نجاح وديمومة الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين أرمينيا وأذربيجان، إذا التزم كلا الطرفين ببنود الاتفاق.
وأعرب عن قناعته بالتزام الطرفين، كون الاتفاق أنصف أذربيجان في معظم بنوده، وأعاد لها أراضيها المحتلة منذ نحو 3 عقود، كما أن أرمينيا خسرت كثيرا على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسبب الحرب؛ وبالتالي هي لا تريد أن تعيد الكرة.
وفي ما يتعلق بعلاقات موسكو وأنقرة، فأكد أن الطرفين حريصان على عدم تجاوز الخطوط الحمراء في ما بينهما؛ حفاظا على مصالحهما العليا المشتركة، رغم وجود خلافات سياسية في مواقفهما من الكثير من القضايا الدولية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!