ترك برس
شهد المؤتمر الصحفي المشترك لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس، في العاصمة أنقرة، سجالًا بعد أن وجه الأخير اتهامات إلى تركيا خلال زيارة كان من المفترض أنها تهدف لتخفيف التوتر بين البلدين.
أكد تشاووش أوغلو أنه لم يدل بأي اتهام لليونان خلال خطابه، مضيفا "كنا نرغب باستمرار أول لقاء في أجواء إيجابية، لكن ديندياس وجه خلال كلمته اتهامات لا يمكن القبول بها بتاتا ضد بلدي".
واستطرد: "بداية قال إن تركيا انتهكت الحقوق السيادية لليونان؛ لا يمكننا القبول بذلك، فتركيا تواصل أنشطتها في جرفها القاري الخاص بشرق المتوسط الذي حددته وسجلته لدى الأمم المتحدة"
وأضاف: "تركيا أظهرت ما يمكنها فعله إزاء إقصائها وتجاهل حقوق القبارصة الأتراك، ولديها القدرة على الدفاع عن حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في شرق البحر المتوسط".
وقال موجها كلامه لديندياس: "لدينا خلافات في وجهات النظر حول هذا الموضوع، إذا وجهت اتهامات لتركيا رغم اتفاقنا مسبقا على إجراء مباحثات ثنائية حول هذه القضايا، فإنني سأضطر للرد". وفق ما نقلت وكالة الأناضول.
وأردف: "نحن في تركيا نعترف بالروم الأرثوذكس كأقلية، لكن وصفكم للأتراك (في اليونان) بالمسلمين فقط (دون الاعتراف بأنهم قومية) ليس إنسانيا ولا يتناسب مع القانون الدولي".
وأضاف: "قد يكون لديكم مقاربة إنسانية مختلفة، لكن هناك 3 قرارات حقوق إنسان أوروبية، ومع ذلك لا تسمحون للأقلية التركية باستخدام أسماء تركية".
وأشار إلى أن تركيا لم تستخدم بتاتا قضية الهجرة ضد الاتحاد الأوروبي واليونان، وأنها تصرفت بشكل إنساني في هذه القضية وطبقت اتفاق 18 مارس بحذافيره.
وشدد أن القضايا العالقة بين البلدين لا يمكن حلها إلى عبر نهج وتفاهم متبادلين، وليس عبر إملاءات أحادية.
وأضاف: "كبلدين جارين يمكننا إيجاد حلول لتلك القضايا، ولن تفيدنا أطراف أخرى، وإنما ستكتفي ببيع السلاح، وتسعى لمآرب أخرى".
وكان ديندياس، وصل تركيا الأربعاء، والتقى في وقت سابق الرئيس رجب طيب أردوغان، بحضور الوزير تشاووش أوغلو.
وقال تشاووش أوغلو: "نستقبل بمنتهى الإيجابية إعادة إحياء قنوات الحوار مع اليونان، وزيارة الوزير اليوناني الحالية مهمة جدا في هذا الصدد".
وأضاف: "نعتقد بأن المشاكل (مع اليونان) يمكن حلها عبر حوار بناء بين حليفين جارين"، مؤكدا أنه ليس من الصواب البحث عن حلول للقضايا عبر طرف ثالث.
وشدد الوزير التركي على ضرورة "الابتعاد عن سياسة فرض الأمر الواقع والاستفزازات" في العلاقات بين تركيا واليونان.
وأشار إلى أنه تناول مع نظيره اليوناني العلاقات بين البلدين بكافة أبعادها، فضلا عن التطرق إلى القضايا العالقة بخصوص بحر إيجة وشرق المتوسط.
ولفت إلى وجود خلافات في وجهات النظر بين البلدين بشأن قضية بحر إيجة، مشيرا إلى أن المحادثات الاستشارية بين البلدين تناولت هذه القضية في السابق.
وأكد أن تركيا أيدت دائما تقاسم الثروات في شرق المتوسط بشكل عادل، وأن الرئيس رجب طيب أردوغان تقدم بمقترح إلى الاتحاد الأوروبي بعقد مؤتمر متعدد الأطراف حول شرق المتوسط.
وأضاف أن البلدين يوليان أهمية لعلاقتهما التجارية والاقتصادية، وأنهما سيواصلان العمل معا على تطوير العلاقات بينهما.
وأوضح أن مباحثاته مع الوزير اليوناني تناولت أيضا ملف مكافحة الإرهاب، مضيفا أن بلاده ترغب بتعاون أوثق مع اليونان بشأن مكافحة التنظيمات الإرهابية.
وحول قضية الهجرة غير الشرعية، أكد تشاووش أوغلو أن قضية الهجرة تهم تركيا واليونان وأوروبا، مشيرا إلى أن مشكلة الهجرة ستسمر لسنوات مقبلة.
وأضاف أن تحديث اتفاق 18 مارس/ آذار 2016 الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة، سيوفر فرصا أفضل للتعاون بين تركيا واليونان في مسألة الهجرة.
وشدد على رغبة بلاده بمواصلة الحوار مع اليونان دون شروط مسبقة، وتطوير العلاقات الثنائية معها كبلدين جارين وحليفين.
وأشار إلى أن بلاده تولي أهمية لزيارة الوزير اليوناني لإبقاء قنوات الحوار مفتوحة باستمرار، ولتعزيز العلاقات الثنائية والعمل على إيجاد حلول للخلافات الحالية عن طريق الحوار وليس النزاع والتوتر.
من ناحيته أعرب وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، عن اعتقاده بإمكانية "وضع أجندة إيجابية مع تركيا في المجال الاقتصادي".
وقال ديندياس إن رئيس الحكومة اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس يولي أهمية خاصة لحرية الأديان.
وذكر أنه أجرى مباحثات صريحة وصادقة مع الجانب التركي في أنقرة، وناقش القضايا العالقة، مؤكدًا ضرورة الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة بين البلدين.
وأضاف قائلًا: "هدفنا الأساسي هو إرساء التعايش السلمي على أساس القانون الدولي".
وشدد على ضرورة استمرار تعايش البلدين الجارين في إطار القواعد الأساسية لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ الاتحاد الأوروبي.
وأشار أن تركيا أكدت مرات عديدة بأن هدفها الاستراتيجي نيل عضوية الاتحاد الأوروبي، فيما رحّب بانطلاق المباحثات الاستكشافية بين أنقرة وأثينا، والسياسية بين وزيري الخارجية لمناقشة المسائل العالقة.
وانطلقت الجولة الأولى من المحادثات الاستكشافية في 2002، من أجل تحضير أرضية لحل "عادل ودائم وشامل" يقبله الطرفان لمعالجة خلافاتهما حول البحرين المتوسط وإيجة، وانعقدت آخر جولة (61)، أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي في إسطنبول.
وأضاف ديندياس أنه اتفق مع تشاووش أوغلو على تطوير تعاون البلدين في مختلف المجالات، معربا عن أمله في تطوير العلاقات الاقتصادية.
وقال بهذا الشأن: "نعتقد أنه يمكننا وضع أجندة إيجابية مع تركيا في مجال الاقتصاد، وبهذه الطريقة يمكننا تحسين علاقاتنا".
وبيّن ديندياس أنه من خلال تحسين التعاون الاقتصادي، يمكن تغيير المناخ الحالي في العلاقات التركية اليونانية إلى الأفضل.
كما أعرب ديندياس عن دعم اليونان لنيل تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي، قائلا "باعتبارنا بلدين جارين، فإن كلا الطرفين يمكن أن يكسبا الكثير من عضوية تركيا في الاتحاد؛ ومع هذا، فنحن لسنا من نقرر ذلك، كما أن الغالبية العظمى من الشعب التركي تدعم دخول بلادها إلى الاتحاد الأوروبي".
وشدد على ضرورة تجنب الخطابات والأفعال الاستفزازية في العلاقات الثنائية، واعتبر أن "تركيا زادت بشكل كبير من انتهاكاتها (ببحري المتوسط وإيجة) في الفترة الأخيرة، وتلك الأعمال تشكل عقبة أمام خلق مناخ الثقة بين البلدين"، وفق رأيه.
واتهم تركيا بشكل مبطن بانتهاك سيادة وحقوق ما سماه "جمهورية قبرص"، قائلا: "ينبغي التخلي عن الإجراءات والسلوكيات التي تنتهك سيادة جمهورية قبرص وحقوقها السيادية".
واعتبر أن المجتمع الدولي يدعم الحل الفيدرالي في جزيرة قبرص، قائلا: "كما تعلمون، فإن الحل الوحيد المستند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي، وبما يتماشى مع المكتسبات الأوروبية، والتي يقبلها المجتمع الدولي باستثناء دولة واحدة (يقصد تركيا)، هو حل فيدرالي".
وتؤكد تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية، على ضرورة التفاوض على أساس حل الدولتين في قبرص من الآن فصاعدا، بعد فشل مفاوضات الحل الفيدرالي، طوال نصف قرن.
ومنذ انهيار محادثات إعادة توحيد الجزيرة التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا في يوليو/تموز 2017، لم تجرَ أي مفاوضات رسمية بوساطة أممية لتسوية النزاع في قبرص.
وتعاني جزيرة قبرص منذ عام 1974 من انقسام بين شطرين، تركي في الشمال ورومي في الجنوب، وفي 2004 رفض القبارصة الروم خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد الشطرين.
وأشار الوزير اليوناني إلى أنه التقى الأربعاء في مدينة إسطنبول، بطريرك الروم الأرثوذكس بارثولوميوس، واستمع منه إلى مشاكل الأقلية الرومية في تركيا.
وفي معرض حديثه في هذا الإطار، تجاهل ديندياس، الوجود التركي في بلاده، قائلا "هنا أتيحت لي الفرصة لأقول ذلك، نعم هناك أقلية مسلمة في اليونان، وفقًا لمعاهدة لوزان، فإن الأقلية هنا مسلمة".
وبموجب اتفاقية التبادل السكاني الموقعة بين اليونان وتركيا في 30 يناير/ كانون الثاني 1923، جرى استثناء المسلمين الأتراك الذين يسكنون ما بين نهر مريج (إيفروس) الذي يفصل بين حدود البلدين، حتى مدينة "قوله" ونهر "قره صو" في اليونان من التبادل، ليكتسبوا صفة "أقلية" بموجب اتفاقية لوزان (1923).
ويبلغ عدد أبناء الأقلية التركية في منطقة تراقيا الغربية في اليونان نحو 150 ألف نسمة، يعانون من مشاكل اجتماعية وحقوقية جراء تعرضهم لمجموعة من الانتهاكات.
وأضاف ديندياس أن اليونان تواجه "خطر الحرب" لممارسة حقوقها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والقانون الدولي.
وأردف متهما تركيا في هذا الشأن "هذا بالطبع لا يتوافق مع علاقات حسن الجوار ولا مع اتفاقية الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي، فتركيا لا تقر بهذه الاتفاقية، ومع ذلك، وبما أن هذه الاتفاقية قد تم التصديق عليها من قبل الاتحاد الأوروبي، فهي الآن جزء من المكتسبات الأوروبية".
وتطرق إلى اتفاقية تحديد الصلاحية البحرية بين تركيا وليبيا أواخر 2019، مبينا أن "مجلس أوروبا أدان المذكرة الموقعة بين تركيا وليبيا، لأن هذه المذكرة تنتهك الحقوق السيادية للدول الأخرى ولا تتوافق مع القانون الدولي"، وفق رأيه.
وردا على نظيره التركي حول تسليح الجزر ببحر إيجة، قال ديندياس: "لقد تحدثت عن نزع السلاح من الجزر، ولكن لماذا هؤلاء الجنود (اليونانيون) في تلك الجزر؟ لأن هناك تهديد".
وأضاف متسائلا: "هل يستطيع أحد أن يقول إنه لا يوجد تهديد من الجانب الآخر (التركي) للجزر اليوم؟"، مشددا على ضرورة إيجاد حل لأزمة تلك الجزر.
وتريد اليونان زيادة رقعة مياهها الإقليمية إلى 12 ميلًا عن طريق التذرع ببعض الجزر وحتى الجزر الصغيرة وغير المأهولة الموجودة في المنطقة.
والجزر التي تتذرع بها اليونان في الغالب، قريبة من السواحل التركية ويمكن مشاهدتها من تلك السواحل بالعين المجردة، فضلًا عن أن المطالب اليونانية المطروحة مؤخرًا ستؤدي لتقليص مناطق الصلاحية البحرية التركية وتضر بمصالحها وحقوقها القانونية.
وعليه، أعلنت تركيا منذ عام 1995، أن تطبيق مثل هذه الخطوات سيكون سببًا لبدء حرب بين الجانبين، لاسيما وأن المطالب اليونانية لم تقتصر على المجالات البحرية، حيث أعلنت أثينا رغبتها في توسيع مناطق صلاحياتها الجوية في بحر إيجة من 6 أميال حاليًا، إلى 10.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!