ترك برس
تشهد الكواليس الإعلامية في تركيا، منذ أسابيع، حديثاً حول وجود احتدام يرتقي إلى حد الصراع، بين كمال كليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، وبين أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الكبرى والمنتمي فعلياً إلى "الشعب الجمهوري"، حول الأحقّ بالترشّح لرئاسة البلاد في الانتخابات القادمة المزمع إجراؤها في يونيو/ حزيران 2023.
وأدى نجاح إمام أوغلو، بحصد نسبة عالية من أصوات الناخبين في الانتخابات البلدية التي أجريت صيف 2019، إلى بروز نجمه كسياسي صاعد داخل حزبه وفي أروقة الأحزاب المعارضة الأخرى أيضاً، ما دفع البعض لاعتباره "المرشّح الطبيعي بفعل الأمر الواقع"، لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة، وذلك لكونه السياسي الذي نجح في "استرداد" بلدية إسطنبول من المحافظين الذين أداروا بلديتها لقرابة ربع قرن.
كليجدار أوغلو في منعطفات عدة أوحى برغبته في أن يكون منافس أردوغان في انتخابات الرئاسة، ولكن أمام هذه الرغبة يواجه اعتراضات من داخل حزبه وحزب الجيد (حليف الشعب الجمهوري ضمن تحالف الأمة) وبعض الشخصيات المعارضة التي ترى أنه لن يستطيع تحقيق الفوز، ويميلون إلى ترشيح إمام أوغلو أو رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش.
ويبدي كليجدار أوغلو عدم رغبته في ترشيح إمام أوغلو أو ياواش بحجة رغبته في أن يستمرا في رئاسة بلدتي أنقرة وإسطنبول، لكن خلافات تسود بين الشخصين برزت على السطح في الآونة الأخيرة كما يرى مراقبون.
ولم تجتمع المعارضة بعد على مرشح مشترك ينافس الرئيس أردوغان في سباق الرئاسة بالانتخابات المقبلة، في ظل المعيقات والتصريحات التي أدلى بها كليجدار أوغلو، الذي يحاول البقاء على خط المنافسة.
ويتزعّم كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري، منذ مايو/ أيار 2010، ولم يسجّل منذ ذلك الحين أي استحقاق انتخابي ضد منافسه الأول أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، سوى الاستحقاقات الأخيرة التي تمثلت بالفوز برئاسة بلدية 11 ولاية كبرى، بينها أنقرة وإسطنبول.
بروز "الكماليين" و"الأكرميين"
وأشار محللون أتراك إلى أن الخلافات بين إمام أوغلو وكليجدار أوغلو برزت حتى في وسائل الإعلام التابعة للمعارضة، وأصبح الوضع القائم يشبه الصراع على استحواذ تلك الوسائل الإعلامية.
الكاتب التركي محمد أوفر، في تقرير على صحيفة "صباح" أشار إلى أنه على الرغم من أن كليجدار أوغلو يتجاهل ذلك، أو بالأحرى لا يريد أن يراه، فإن هناك صراعا حادا بينه وبين إمام أوغلو يتزايد بشكل كبير، وفقاً لما نقله تقرير لـ "عربي 21."
ورغم تصريحات كليجدار أوغلو بأنه "دع رؤساء البلديات يقومون بواجباتهم" أو "لا يمكننا تحمل خسارة إسطنبول"، فإن إمام أوغلو لا يستمع لذلك ويواصل مشواره، والأمر لا يتوقف عليه فقط، بل يشمل من يدعمونه أيضا، وهناك "صراع كبير" بينهما كما يرى الكاتب التركي الذي أشار إلى أنه امتد إلى وسائل الإعلام.
وبات التصنيف قائما على "الكماليين" و"الأكرميين"، وبات ذلك واضحا في وسائل الإعلام المدعومة من المعارضة التركية.
الصحفي المعارض مراد صابونجو، أعرب عن قلقه بهذا الشأن، مشيرا إلى أن هناك تباينا بين "كماليين" و"أكرميين" داخل حزب الشعب الجمهوري بسبب "المرشح الرئاسي"، وقد "بدأ ذلك يتزايد داخل المقر الرئيسي وانتقل إلى الفروع والبلديات".
ويرى الصحفي المعارض أنه "إذا ترشح كمال بيك للرئاسة، فإن السباق بشأن رئاسة الحزب سيبدأ، وستكون الانتخابات الرئاسية محفوفة بالخطر"، ويقول لكليجدار أوغلو بوضوح إن عليه أن لا يكون مرشحا.
تنافس على وسائل الإعلام المعارضة
الكاتب التركي أوفر، أشار إلى تزايد الصراع داخل وسائل الإعلام المعارضة، لافتا إلى تفوق "الأكرميين" على "الكماليين" بهذا الشأن، لأنه "بعد فوزه برئاسة البلدية بدلا من التركيز على تنظيف المدينة والاستعداد للزلازل، ركز إمام أوغلو على الاستيلاء على وسائل الإعلام وإنشاء قنوات إعلامية جديدة، كما أنه استخدم موارد البلدية للدعاية والإعلام".
وتابع بأن هناك استراتيجية قائمة من خلال فريق لإمام أوغلو يدعمه، ولهذا الغرض فإنه يتم نقل موارد هائلة إلى قنوات التلفزة والصحف والمواقع الإخبارية وقنوات التواصل الاجتماعي.
ويتبع كليجدار أوغلو الاستراتيجية ذاتها من خلال شخصيات إعلامية مقربة له وقناة "HALKTV" كما يقول الكاتب التركي، لافتا إلى ما ذكره محام سابق لزعيم حزب الشعب الجمهوري وهو مصطفى كمال تشيشيك، الذي ترك الحزب وانضم إلى حزب محرمه إنجه، أنه تم إنفاق أموال هائلة بهذا الشأن.
وأشار تشيشيك إلى أنه خلال الثلاث سنوات الماضية تم صرف 650 مليون ليرة تركية، وإهدارها على وسائل إعلام وشركات استطلاع.
ورأى الكاتب أوفر، أن الجهد الذي بذله كليجدار أوغلو لم ينجح، حيث إن وسائل الإعلام إلى حد كبير تدعم إمام أوغلو، وليس هو، لا سيما صحيفة "Sözcü" وقناة " Fox TV" و"Tele 1" و"Odatv"، بالإضافة إلى برامج تبثها "Halk TV" التي ترغب في أن يكون إمام أوغلو هو المرشح الرئاسي.
وفي المقابل لا يوجد دعم كبير لكليجدار أوغلو سوى من بعض الصحفيين وقناة "KRT TV".
وأضاف أن هناك معركة جادة بين إمام أوغلو وكليجدار أوغلو بشأن صحيفة "جمهورييت"،وعلى الرغم من أن رئيس بلدية إسطنبول يدعمها، إلا أن الصحيفة لم تتخذ موقفها بشكل واضح.
الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، في تقرير على صحيفة "حرييت" تطرق إلى اهتمام الإعلام المعارض هذه المرة بمسألة تصريحات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، بشأن تواصل جرى بين كليجدار أوغلو وفتح الله غولن قبل محاولة الانقلاب بالبلاد في 15 تموز/ يوليو 2016.
وتساءل الكاتب: "لماذا أبدت بعض وسائل الإعلام التابعة لحزب الشعب الجمهوري اهتماما غير عادي بشأن الاتهامات الموجة لكليجدار أوغلو؟".. مبينا بحسب الكواليس داخل الحزب المعارض، أن هناك صراعا حادا بين إمام أوغلو وكليجدار أوغلو على الترشح للرئاسة.
وأوضح أنه رغم اللقاء الذي جرى بينهما، فإن إمام أوغلو من الواضح أنه مصمم على الترشح للرئاسة، ومع اقتراب موعد الانتخابات فإنه يتزايد هذا الصراع بشكل كبير.
وأضاف أن إمام أوغلو انتقل إلى مرحلة جديدة في مواجهة كليجدار أوغلو، وبرز داخل الحزب تيارا "الكماليين" و"الأكرميين".
وأشار إلى أن مسألة الانتخابات ليست السبب الوحيد في تأجيل المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري، بل إنه من أجل منع الصراع بين كليجدار أوغلو وإمام أوغلو وتحوله إلى "معركة شرسة" خلال فترة المؤتمر العام، فقد تم التأجيل.
وتابع، بأن حزب الشعب الجمهوري بدأ يشهد انقساما بين رؤساء البلديات والفروع والنواب يتمحور بين "الكماليين" و"الأكرميين"، لكن الصراع الحقيقي يدور بين وسائل الإعلام الداعمة لإمام أوغلو والصحفيين الداعمين لكليجدار أوغلو.
ورأى الكاتب سيلفي، أن إمام أوغلو باستخدام إمكانيات البلدية، يبدو أنه قد أخذ زمام المبادرة في هذا السباق.
وأضاف أنه تجلى الصراع بين الشخصين، في أن وسائل الإعلام المعارضة التي لم تبد اهتماما بشأن تواصل كليجدار أوغلو مع ولاية بنسلفانيا (غولن)، قد أصبح ذلك على أجندتهما، كما أن فريقي "الكماليين" و"الأكرميين" بدأا بالاحتفاظ بملفات بعضهما البعض لاستخدامها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!