فؤاد بول - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس
لم يكن الهدف الأساسي لجبهة المعارضة الموحدة التي تشكلت ضد أردوغان الفوز في الانتخابات. فهم يدركون جيدا أن هذا لا يمكن حصوله.
تطوّر السياسة في دولتنا ولو كان يسير ببطء إلا أنه في الاتجاه الصحيح. قناعتنا أن النظام السياسي الأفضل لنا هو النظام الرئاسي أو نصف الرئاسي. والمثال النموذجي على ذلك موجود في الولايات المتحدة الأمريكية.
من المعلوم أن أول خطوة من أجل تحقيق النظام الرئاسي هو اختيار الشعب المباشر لرئيس الجمهورية وهذا ما فعلته تركيا. حتى هذا الحين نماذج الحُكم كانت تفرض علينا من الخارج. النماذج تلك كلها كانت مصممة حسب مصالح الدول التي فرضتها. أما الآن فنحن كدولة لأول مرة استطعنا بواسطة حُكم العدالة والتنمية من اتخاذ قراراتنا بأنفسنا. وهذا ما أزعج بشدة الدول الخارجية والمتعاونين معها من الداخل.
كل أعمال الشغب التي بدأت منذ أحداث "غزي بارك"، استمرت وبطرق عديدة ومختلفة خلال الانتخابات المحلية وانتخابات رئاسة الجمهورية. ثم اتحدت الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، صغيرها وكبيرها لتُخرج مرشحا مشتركا لما يقارب 14 حزب. كان هدفهم الأساسي رجب طيب أردوغان.
رجب طيب أردوغان كان وحده يحارب كل المتآمرين الذي توحدوا ضده سواء من الداخل أو الخارج ليخوض معهم "معركة ضارية". استمرت الحرب بين رأيين: هل كان علينا كدولة وشعب أن نتخذ بأنفسنا القرارات المتعلقة بنا أم كان علينا أن نستمر كما الماضي باتخاذ غيرنا القرارات الخاصة بنا؟
النضال الوطني ممثلا بـ "رجل الأمة" رجب طيب أردوغان هو من انتصر. كانت استطلاعات الرأي تشير إلى أن النسبة التي سيحصل عليها أردوغان تتراوح بين 55%-58% حتى وصلت بعضها الى 59%. لكن بعد إعلان نتائج الانتخابات نستنتج أن كل مؤسسات استطلاع الرأي هذه تلاعبت بتلك الأرقام. وهدفهم من ذلك كان محاولة إظهار أن أردوغان سيفوز بنسبة كاسحة للتأثير على ناخبي حزب العدالة والتنمية ليشعروا بثقة زائدة تحول دون ذهابهم إلى صناديق الاقتراع. وهذا ما حدث، فبعد تقييم الحزب لنسبة مشاركة المنتمين إليه تبيّن أن نسبة مشاركة قاعدة حزب العدالة والتنمية كانت متدنية وهذا ما يؤكد تلك الحقيقة المتعلقة بمؤسسات استطلاع الرأي.
لم يكن الهدف الأساسي لجبهة المعارضة الموحدة التي تشكلت ضد أردوغان الفوز في الانتخابات. فهم يدركون جيدا أن هذا لا يمكن حصوله. كان كل طموحهم الإحالة دون فوز أردوغان من الجولة الأولى ومحاولة كسر هيبته ولو بشكل جزئي. وهذا يعني أن هدفهم الأساسي انتخابات عام 2015 لأن أردوغان في تلك الانتخابات لن يكون على رأس حزب العدالة والتنمية. كانت محاولتهم كسر هيبته ليحتلوا ميادين الانتخابات التي سيطر عليها أردوغان طيلة الأعوام الماضية. لهذا كانت عقدتهم الكبرى ليس حزب العدالة والتنمية وإنما طيب أردوغان. لكنهم لم ينجحوا في ذلك، أردوغان انتصر بهذه المعركة التاسعة.
نلاحظ أن الأمور تسير في نطاقها الصحيح، السياسة التركية بديمقراطيتها السليمة تتجه نحو ديمقراطية "حزبين ونصف". وهذا ما عبّر عنه المرحوم "تورغوت أوزال" عندما قال: " الاستقرار السياسي بحاجة إلى ديمقراطية حزبين ونصف". وفعليا نحن دخلنا انتخابات رئاسة الجمهورية بحزبين ونصف.*
لا بدّ أن نشير هنا إلى حزب الشعب الديمقراطي الذي دخل الانتخابات لوحده كحزب مستقل وحصل على نسبة 10% وهذا ما يثبت لنا أنه حزب تركيا وأنه منحنا أملا مستقبليا. هذا الأمل مهم جدا للحزب نفسه وللدولة بشكل عام.
* الكاتب يقصد هنا: الحزب الأول: حزب العدالة والتنمية، الحزب الثاني: جبهة المعارضة المكونة من اتحاد 14 حزب. نصف الحزب المتبقي هو: حزب الشعب الديمقراطي المتمثل بصلاح الدين دميرطاش.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس