إحسان الفقيه - الأناضول
تسعى دول عديدة إلى التعامل مع المتغيرات في السياسية الأمريكية الجديدة، في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، من أجل إعادة صياغة علاقاتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية.
وتأتي في مقدمة هذه الدول المملكة العربية السعودية التي تستعد لاستقبال الرئيس الأمريكي جو بايدن في 16 يوليو/ تموز المقبل في أول زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط، منذ دخوله البيت الأبيض مطلع عام 2021.
ومن المقرر أن تستضيف مدينة جدة السعودية قمة أمريكية عربية دعا إليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسط مشاركة بايدن وقادة الدول الخليجية الست، وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
ويُعتقد على نطاق واسع، أن ثمة صلة ما بين جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي شملت مصر والأردن وتركيا بين 20 و22 يونيو/ حزيران الجاري، وبين زيارة بايدن المرتقبة.
وستشمل جولة بايدن إلى جانب السعودية، إسرائيل وفلسطين، وستبحث التهديدات الأمنية الإيرانية المفترضة، ومسائل أخرى تتعلق بالطاقة والاستثمار.
ووفق وسائل إعلام عربية، فإن ولي العهد السعودي بحث مع قادة الدول الثلاث، مصر والأردن وتركيا، قضايا إقليمية ودولية في مقدمتها الملف النووي الإيراني والحرب في اليمن وتبعات الحرب الروسية في أوكرانيا على اقتصاديات المنطقة وتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها في مجالات عدة اقتصادية واستثمارية وتجارية.
وفي محطته الأولى في القاهرة، ناقش ولي العهد السعودي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما يتعلق بالتصدي للمخاطر في المنطقة، والتأكيد على "الحرص المشترك على المضي قدما نحو مزيد من تعميق وتطوير علاقات البلدين"، وفق بيان مصري.
وقمة القاهرة، هي الثانية التي تجمع الجانبين خلال ثلاثة أشهر بعد القمة التي جمعتهما في الرياض في 8 مارس/آذار الماضي.
وبعد انتهاء الزيارة، أكدت مصر "موقفها الثابت تجاه أمن الخليج كامتداد للأمن القومي المصري ورفض أية ممارسات تسعى إلى زعزعة استقراره"، دون الإشارة إلى أي دولة أو منظمة أو جهة.
وتوافق الجانبان المصري والسعودي على "أهمية القمة المرتقبة التي ستستضيفها السعودية بين قادة دول المجلس ومصر والأردن والعراق والولايات المتحدة".
وفي الجانب الاقتصادي، وقعت السعودية ومصر رزمة اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع مصر بقيمة 7.73 مليارات دولار.
وفي محطته الثانية، وصل ولي العهد السعودي إلى العاصمة الأردنية، الثلاثاء، ونقلت وسائل إعلام محلية، أن الجانبين اتفقا على دعم جهود منع إيران من امتلاك السلاح النووي.
وأصدر الديوان الملكي الأردني، بيانا جاء فيه "اتفقت المملكتان الأردنية والسعودية، الأربعاء، على دعم الجهود الدولية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي وضمان سلمية برنامج طهران النووي.
واتفق الجانبان على ضرورة "دعم الجهود الدولية الهادفة لمنع امتلاك إيران سلاحاً نووياً، وضمان سلمية برنامجها، ودعم الجهود العربية لحثّ إيران على الالتزام بعدم التدخل في شؤون الدول العربية ".
وحول القضية الفلسطينية، أكد الجانبان على ضرورة "انطلاق جهد دوليّ جدّي وفاعلٍ لإيجاد أفقٍ سياسي حقيقي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين"، على اعتباره هو "السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل".
وشدد الجانبان على ضرورة أن تحترم إسرائيل "الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية، وأهمية دور الوصاية الهاشمية".
وفي الجانب الاقتصادي، أكد البلدان على أهمية "العمل المشترك لزيادة مستوى التعاون الاقتصادي والاستثماري"، وعبرا عن تطلعهما إلى "تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة والتقاط الكربون وتخزينه واستخدامه، وبناء الخبرات في هذا المجال".
وفي كل من عمّان والقاهرة كانت هناك تأكيدات على دعم جهود الأمم المتحدة الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
كما كانت هناك دعوات لتكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يحفظ وحدة البلاد وسلامة أراضيه ويعيد لها الأمن والاستقرار ويخلصها من الإرهاب، والتأكيد على تهيئة الظروف اللازمة للعودة الطوعية الآمنة لملايين اللاجئين السوريين.
واختتم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جولته من تركيا، المحطة الثالثة والأخيرة.
ويرى مراقبون، أن زيارة ولي العهد السعودي إلى أنقرة ولقاءه بالرئيس أردوغان، ستؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين في ظل متغيرات سبق أن أشرنا إليها، سواء ما يتعلق بالحرب الروسية في أوكرانيا أو المتغيرات في الاستراتيجيات الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، أو إعادة صياغة التحالفات الإقليمية والدولية.
وركز البيان التركي السعودي المشترك الصادر بنهاية الزيارة، على تأكيد عزمهما إطلاق حقبة جديدة من التعاون في العلاقات الثنائية، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، ورغبتهما في العمل على تطوير مشاريع في مجال الطاقة.
إضافة إلى إمكانات تطوير وتنويع التجارة المتبادلة وتسهيلها وتذليل العقبات أمامها، واستكشاف فرص الاستثمار، وتسهيل التجارة والبحث عن فرص الاستثمار وزيادة التواصل لتحويلها إلى شراكات ملموسة.
ومن المهم الإشارة إلى عزم البلدين على مواصلة التعاون وتطويره على أساس الاخوة التاريخية، والاتفاق على تفعيل عمل مجلس التنسيق السعودي التركي.
فضلا عن تعميق التشاور والتعاون في القضايا الإقليمية من أجل تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بينهما في مجالات التعاون الدفاعي بشكل يخدم مصالح البلدين، ويساهم في ضمان أمن واستقرار المنطقة.
وعلى هامش الزيارة، أكد رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي "DEİK" نائل أولباك، إن تركيا والسعودية تهدفان للوصول إلى حجم تبادل تجاري بقيمة 10 مليارات دولار بحلول عام 2023.
ويعتقد خبراء أن نجاح هذه الزيارة سينعكس إيجابا على عدة ملفات في المنطقة لصالح البلدين وعموم دول المنطقة من خلال رسم معادلات توازن جديدة.
لذا من المحتمل أن تكون جولة ولي العهد السعودي تمهيدا لصياغة تحالف إقليمي يحمل أبعادا سياسية وأمنية على صلة بالزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي.
وتشهد المنطقة عموما ظروفا أمنية وتحديات اقتصادية وسياسية في أكثر من دولة من بلدان الشرق الأوسط.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس