ترك برس
يعدّ بن علي يلدريم، أحد أبرز الساسة في تاريخ تركيا الحديث، حيث أنه أحد رفاق الدرب المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان، وآخر رئيس وزراء في البلاد عندما كانت تحكم بالنظام البرلماني.
وخلال استضافته في برنامج "المقابلة" على شاشة الجزيرة القطرية، تحدث يلدريم عن مسيرته في دخول عالم السياسة والتدرج في المناصب المختلفة بدءاً من مسؤول عن النقل البحري في بلدية إسطنبول، مروراً باستلامه وزارة النقل والمواصلات، ووصولاً إلى تولية رئاسة الوزراء ومن ثم رئاسة البرلمان في تركيا.
ونشأ بن علي يلدرم في عائلة محافظة تولي الدين أهمية بالغة، وتدرس المبادئ الدينية في أوقات مبكرة لأبنائها، وقد درس بن علي يلدرم المسائل الدينية وحفظ القرآن على يد شيخ القرية بجانب دراسته في المدرسة.
وولد بن علي يلدرم في 20 ديسمبر/كانون الأول 1955 في قرية كاي التابعة لمنطقة الرفاهية بولاية أرزينجان على هضبة الأناضول، في عائلة كبيرة تتكون من 10 من الإخوة.
وبدأ بن علي يلدرم العمل مع الرئيس رجب طيب أردوغان عندما كان رئيسا لبلدية إسطنبول في تسعينيات القرن الماضي، وكان يلدرم يعمل في حوض السفن هناك، وقاما بتحويل شركة النقل البحري التابعة لبلدية إسطنبول من حافة الإفلاس إلى أكبر شركة نقل بحري سريع في العالم خلال 4 سنوات.
ويضيف يلدرم أنه عند تسلم أردوغان رئاسة البلدية من حزب الشعب الجمهوري كانت المدينة تعاني من شح في المياه، وتلوث الهواء، ومليئة بالوحل والحفر، وتفوح من منطقة القرن الذهبي روائح كريهة، وهي التي تعد من أجمل المناطق في إسطنبول، لكن أردوغان استطاع نقل المدينة إلى أمر آخر.
وتابع أن أردوغان عمل خلال 4 سنوات من تسلم بلدية إسطنبول على حل مشاكل المدينة الأساسية، مثل: المياه، وتلوث الهواء، وتلوث مياه البحر، والأوضاع المتردية للطرق، ومشاكل البنية التحتية، ومشكلة النقل البري والبحري والسكك الحديدية، وبعد أن حقق نجاحات كبرى انتشر صيته في كل الأناضول.
وزارة النقل والاتصالات
وحول تولي بن علي يلدرم وزارة النقل والنهوض بها لتدخل قائمة المنافسة العالمية، أكد وزير النقل السابق أنهم سعوا من أجل تقدم تركيا عالميا، ونفذوا المشاريع التي كانت على جدول تركيا منذ تأسيسها ولم تنفذه الحكومات التي أسماها "قصيرة الأمد"، حيث كانت تستمر 8 أشهر فقط.
وأضاف يلدرم أنه عند توليه منصب وزير المواصلات قام بعمل نقلة نوعية في مجال الاتصالات والإنترنت، والإنترنت واسع النطاق، وعالي السرعة وتقنية المعلومات، منوها إلى أن تركيا في عام 2003 احتلت المركز 39 على مستوى العالم من حيث البنية التحتية في مجال النقل والطرق البرية والبحرية، والسكك الحديدية، والاتصالات والإنترنت.
لكن تركيا اليوم وصلت إلى المركز التاسع على مستوى العالم في التقييم ذاته، وخلال 12 عاما تمكنت من اجتياز 30 بلدا يمتلك بنية تحية متطورة، وتحقق ذلك عبر الطرق السريعة والمقسمة، والقطارات عالية السرعة، والمطارات الحديثة، والترسانات وموانئ اليخوت والشحن، فضلا عن خدمات الإنترنت واسعة النطاق، والمشاريع المتعلقة بتقنية المعلومات.
الوضع الاقتصادي
وحول قروض تركيا بزعامة أردوغان وتأثيرها على الوضع الاقتصادي، أكد بن علي يلدرم أن من الصعب العمل من أجل تحقيق طموح تركيا بموارد محدودة، خاصة أن ميزانية الدولة كانت مقتصرة على مجالات معينة، مثل التعليم والطب، لذا لم يكن هناك أي مجال للاستثمار، وهو الأمر الذي دفع الحكومة إلى القروض من أجل تحقيق قفزة تنموية في البلاد.
وأكد أن القروض موّلت إنشاء البنية التحتية التي أوصلت تركيا لأماكن مرموقة في العالم، وأسهمت في تحريك العجلة الاقتصادية في البلاد، منوها إلى أن الديون ستنتهي خلال 20 عاما في أعلى تقدير، وحينها يحق للدولة وضع هذه الخدمات بشكل مجاني إذا أرادت، والأهم أن هذه القروض لا تُسدد من ميزانية الدولة في الوقت الحالي، وإنما عبر تشغيل المشاريع، الأمر الذي يدر ربحا على الدولة.
الحياة السياسية
وأرجع رئيس الوزراء التركي السابق بدء الحياة السياسية في تركيا إلى عام 1950 عندما بدأت التعددية السياسية في البلاد، ولكن قبلها منذ 1923 فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك بدأ الاستثمار في مشاريع السكة الحديدية، وكانت من الاستثمارات الجيدة في تاريخ البلاد.
وبالنسبة لبن علي يلدرم، فقد مثّل أتاتورك رمز الدولة التركية وزعيمها، وهو من تأثر به في شبابه، لأنه حقق الاستقلال لتركيا، مشيرا إلى أن الأتراك يحبون عدنان مندريس لأنه قام ببناء الطرق والسدود ولا يستحق النهاية التي حلّت به، ولم يخف تأثره بنجم الدين أربكان لقوة الأفكار السياسية التي كان يطرحها، كما يقول.
كما عبر بن علي يلدرم عن إعجابه الشديد بالرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال الذي أظهر تركيا للعالم عبر الانفتاح الاقتصادي، ويضيف أن "الأهم من كل من ذكرتهم هو الرئيس القائد رجب طيب أردوغان الذي قدم لتركيا العديد من الأمور الجيدة".
حزب العدالة والتنمية
وعن تأسيس حزب العدالة والتنمية قال بن علي يلدرم إنه في 14 أغسطس/آب 2001 تم إنشاء حزب العدالة والتنمية، وكان عضوا مشاركا في تأسيسه، مؤكدا أن الفشل في إدارة البلاد من قبل الحزب الحاكم حينها، والنجاح في إسطنبول كان دافعا قويا لأردوغان ورفاقه من أجل الوصول إلى الحكم، بحزب يجمع كل أطياف الشعب التركي من دون التفريق بينهم.
وحول التباس الإسلام والعلمانية في الهوية التركية، أكد يلدرم أنه لا التباس أو تداخل بين النهج العلماني للدولة والدين الإسلامي، إذ إن العلمانية هي تصريف شؤون الدولة وفقا لقوانين على نحو مقبول من دون إدخال الشريعة الإسلامية فيها، والناس أحرار في معتقداتهم.
ومن المقرر أن تبث قناة الجزيرة في وقت لاحق، الأجزاء التالية من المقابلة التي أجرتها مع بن علي يلدريم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!