ترك برس

تتجه تركيا يوم 14 مايو/ أيار الجاري، إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، في ظل تعديلات جديدة في قانون الانتخابات. فما هي تأثيرات هذه التعديلات على الانتخابات المقبلة وما هي تفاصيلها؟

 وسيتوافد الناخبون الأتراك على صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى 600 عضو في البرلمان لـ5 سنوات قادمة، وسيكون ذلك وفق قانون انتخابات معدل دخلت تعديلاته حيز التنفيذ في السادس من أبريل/نيسان الماضي، بعدما أُقرت قبل ذلك التاريخ بعام، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".

وجرت انتخابات 2018 المبكرة في ظل قانون انتخابات معدل ونظام حكم رئاسي لأول مرة في البلاد، وأسفرت عن فوز الرئيس رجب طيب أردوغان وتحالف حزبه العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية بالأغلبية النيابية.

لكن الانتخابات هذه المرة قد تنطوي على مفاجآت، ليس بسبب تراجع شعبية حزب أو تقدم شعبية آخر فحسب، بل نتيجة التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات، الأمر الذي يرجح مراقبون أن تكون له انعكاسات غير متوقعة على توزيع مقاعد البرلمان.

وبلغ عدد بنود تعديل قانون الانتخابات 14 بندا، تتيح بعضها فرصًا أكثر أمام الأحزاب الصغيرة عبر خفض العتبة الانتخابية، في حين يضيّق بعضها الآخر على هذه الأحزاب من خلال حرمانها من بعض مزايا الدخول ضمن تحالفات انتخابية.

وقال التحالف الحاكم -الذي أعد مشروع القانون- إنه يهدف إلى إصلاح النظام الانتخابي، وإعادة ضبط تأثير التحالفات على توزيع النواب ليصبح أكثر عدالة، وإكساب التحالفات الانتخابية طابعًا إستراتيجيًا بدلًا من تحولها إلى تجمع لأحزاب هامشية قادرة على فرض رؤاها على الأحزاب الأكبر من خلال المساومة على أصواتها. في حين رأت المعارضة أن القانون يهدف إلى تلافي تراجع شعبية الحزب الحاكم وشريكه، وإضعاف التحالفات المعارضة.

وفي ما يلي نتعرف على أبرز التعديلات في قانون الانتخابات الجديد، الذي رأى معلقون أنه يغيّر قواعد اللعبة الانتخابية في البلاد.

خفض العتبة الانتخابية

تضمن قانون الانتخابات الجديد خفض العتبة الانتخابية من 10 إلى 7%؛ إذ إنه يتعين على أي حزب سياسي يخوض الانتخابات الحصول على هذه النسبة لدخول البرلمان.

وضمنت عتبة 10% طيلة عقود بقاء البرلمان مكونا من 4 إلى 5 أحزاب كبيرة فقط، وكانت تهدف إلى منع دخول الأحزاب الصغيرة والهامشية وبما يؤدي إلى تشتت الكتل البرلمانية. وبينما تتفق الآراء على ضرورة خفضها، فإن الخلاف قائم على النسبة الأمثل. وبشكل عام سيؤدي خفضها إلى 7% إلى تمكين عدد أكبر من الأحزاب الصغيرة من خوض الانتخابات ودخول البرلمان.

العتبة الانتخابية للحزب وليس للتحالف

القانون الجديد أصبح يشترط على الحزب لدخول البرلمان أن يحقق العتبة الانتخابية بأصواته هو في كل دائرة انتخابية على حدة، ولم يعد كافيًا لدخوله البرلمان تجاوز تحالفه العتبة.

هذا يعني أن فرص الأحزاب الصغيرة لدخول البرلمان تراجعت بشكل كبير، مما قلل من أهمية التحالفات الانتخابية بشكل ملحوظ.

منع انتقال النواب وإلغاء شرط الكتلة النيابية

شملت التعديلات أيضًا منع انتقال النواب من حزب لآخر، وإلغاء اعتبار وجود كتلة برلمانية لدى الحزب المشكل حديثًا مؤهلًا لخوض الانتخابات حتى في حال لم يستوف الشروط التنظيمية.

ولتسهيل فهم مغزى هذا التعديل المزدوج، فإن المثال الأكثر طرحا في هذا الصدد هو المناورة التي أقدم عليها حزب الشعب الجمهوري عام 2018 عندما منح 15 نائبا لحزب الجيد، بعدما انشق عن الحركة القومية وخرج منه بـ5 نواب آنذاك، وكان ذلك بهدف تلبيته شرط امتلاك 20 نائبا من أجل خوض الانتخابات.

ومن دون استعارته النواب من حزب الشعب الجمهوري كان سيتوجب على حزب الجيد أن يكون قد عقد مؤتمرا عاما واحدا على الأقل وشكل هيكلًا تنظيميًا في نصف المحافظات التركية قبل 6 أشهر على موعد التصويت، وهو ما لم يكن الحزب قادرًا على توفيره إثر الإعلان عن تبكير الانتخابات.

استكمال الشروط التنظيمية للأحزاب المؤهلة

يتكامل هذا التعديل مع الذي سبقه، إذ يهدف إلى تشديد شروط مشاركة الأحزاب الجديدة في الانتخابات، ما لم تستكمل هيكلها التنظيمي وتعقد مؤتمراتها الدورية وفق مدد وشروط محددة في القانون.

فبعد إلغاء اعتبار الكتلة النيابية شرطا كافيا لخوض الانتخابات، اشترطت التعديلات على الحزب الحاصل على أهلية المشاركة في الانتخابات أن يعقد مؤتمراته على مستوى الدوائر والمحافظات والهيئات الكبرى مرتين متتاليتين في آخر 6 أشهر قبل الانتخابات. وكان القانون السابق يكتفي بعقد المؤتمرات التنظيمية مرة واحدة في المدة ذاتها.

من المستفيد من التعديلات؟

يرجح الباحث المتخصص في الشأن التركي سعيد الحاج أن القانون الجديد يستهدف أولا الأحزاب الصغيرة المؤسسة حديثًا، لا سيما حزبي المستقبل والديمقراطية والتقدم، بجانب حزب الشعوب الديمقراطية.

وفي مقال سابق له في الجزيرة نت، رأى الحاج أن القانون يقلل فرص الأحزاب الصغيرة المتحالفة مع أخرى كبيرة، بحيث يصعب عليها الفوز خارج الدوائر الانتخابية التي تملك فيها شعبية طاغية، حتى لو تحالفت مع أقوى الأحزاب القائمة.

ومع ذلك، يعتقد رئيس مركز متروبول لاستطلاعات الرأي أوزر سنجر -في تعليق سابق له- أن معظم التغييرات التي تم إجراؤها هي تعديلات فنية، لكن التحالف الحاكم يهدف منها بشكل أساسي إلى تقليل تأثير التحالفات، ومع ذلك قد تكون هذه التعديلات لصالح كلّ من التحالف الحاكم ومعارضته أيضا.

وخلص بحث لمركز سيتا للدراسات في أنقرة إلى أن خفض العتبة الانتخابية في التعديل الأخير ليس ضد الأحزاب الصغيرة، ولكنه لصالحها، وأن التحالفات لا تزال إلزامية للأحزاب الصغيرة لعبور العتبة.

يذكر أن الأحزاب الصغيرة المنضوية في تحالف الطاولة السداسية قررت خوض الانتخابات ضمن قائمة مشتركة موحدة مع حزب الشعب الجمهوري، في حين فضل حزب الجيد خوض الانتخابات بقوائمه الخاصة مع التعاون مع "الشعب الجمهوري" في بعض الدوائر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!