ترك برس
يشهد الشارع التركي مؤخراً، حديثاً عن احتمال تقديدم الحكومة للبرلمان مشروع قرار لتحويل مقاطعات معينة إلى ولايات ليرتفع عددها من 81 إلى 100 ولاية، وسط تساؤلات عن التداعيات الإدارية والاقتصادية لهذه الخطوة المحتملة.
ويتزامن هذا الجدل مع اقتراب الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في مارس/آذار 2024، حيث لوح تحالف الجمهور الحاكم في تركيا بإمكانية تحويل 19 منطقة إدارية إلى ولايات جديدة.
قرار تحويل 19 منطقة إلى ولايات جديدة يرى خبراء أنه يمنح سكان الولايات الجديدة مزايا كبرى قادرة على إعادة تشكيل خارطة البلاد، ليس إداريا فحسب بل اقتصاديا أيضا، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".
وأثار المسألة رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي، حليف حزب العدالة والتنمية الحاكم، في كلمة أمام كتلة حزبه البرلمانية الثلاثاء الماضي، متحدثا عن إمكانية "بناء وإحياء تركيا القوية وتعزيزها بهيكل إداري مكون من مئة محافظة وألف منطقة"، وذلك بالتزامن مع حلول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية.
وكشفت تقارير صحفية محلية عن معلومات تفيد بأن حزب العدالة والتنمية ينظر إلى مقترح حزب الحركة القومية بإيجابية، كما أنه كان قد بدأ التحضيرات المطلوبة في هذا الصدد قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو/أيار الماضي.
ووفقًا لقناة "إن تي في" (NTV) المحلي، فقد تقدم حزب الحركة القومية بمقترحه خطيا لحزب العدالة والتنمية قبل الانتخابات. وبحسب المصدر ذاته، فقد قام الحزب الحاكم بدراسة الموضوع قبل الانتخابات، لكن تم تأجيل العمل مع اقتراب موعد الانتخابات.
معايير التحول
وبحسب الدستور التركي، فإن تحويل القرى إلى مناطق والمناطق إلى ولايات جديدة يتطلب تشريعا صادرا عن البرلمان. ويشترط القانون استيفاء المناطق المرشحة للتحول إلى ولايات 8 معايير، مثل: عدد السكان، والمساحة، والتوسع الحضري الحالي، وحالة النقل، والأراضي النائية، والتنوع الاقتصادي، والحالة التعليمية، والحالة الصحية.
فينبغي أن يكون عدد سكان المنطقة المرشحة لتتحول إلى ولاية 100 ألف نسمة على الأقل، كما ينبغي أن تمتد مساحتها بحيث تبتعد حدودها 30 كيلومترًا على الأقل عن مركز المنطقة.
وبحسب تقارير، فإن عدد سكان بعض هذه المناطق يفوق بالفعل عدد سكان عدد من الولايات الـ81، مما يجعل ملف تحويلها إلى ولايات قضية تشغل سكانها، كما أنه بات مطلبا لهم عند كل انتخابات أملا في الحصول على مزايا كفيلة بتغيير البنية الاقتصادية والإدارية لهذه المناطق، وزيادة الميزانية المرصودة لقطاعات حيوية مثل التعليم والصحة.
وبدأ تحويل المناطق إلى ولايات في عهد الجمهورية عام 1989، عندما أصبحت مدينة أكسراي الواقعة في وسط البلاد الولاية الـ68. واستمر الأمر حتى عام 1999، ليصل عدد الولايات إلى 81.
عملية طويلة وممتدة
وبالنظر إلى المعايير المطلوب استيفاؤها كشرط لتحويل المناطق إلى ولايات، فإن تحويل 19 منطقة إلى ولايات جديدة ستكون عملية طويلة وممتدة بحسب المحلل السياسي والباحث المختص بالشأن التركي علي أسمر.
يقول أسمر إن الأمر يتطلب دراسة شاملة من كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية، لأنه ثمة اختلافات بين المنطقة والولاية. فعلى سبيل المثال، الولاية تتم إدارتها من الوالي ورئيس البلدية، أما المنطقة فيديرها القائم مقام، بحسب "الجزيرة نت".
ويضيف أن الولاية تتطلب بنية تحتية أضخم من المنطقة. ومن الناحية الصحية، فإن المناطق تضمّ مراكز صحية، أما الولايات فثمة مشاف كبيرة متخصصة. ومن الناحية الاقتصادية، تتطلب الولاية مشاريع صناعية وتجارية أكبر من تلك التي توجد عادة في المنطقة.
وبناء على ما سبق، يرى الباحث التركي أن تحويل 19 منطقة إلى ولايات هي "خطوة إستراتيجية" للتنمية والتطوير في تركيا، ونتائج هذه الخطوة ستنعكس إيجابا على الدولة وعلى المواطن أيضا، حيث من الممكن أن تصبح هذه الولايات الجديدة نقطة جذب للسياح الذين لم يسمعوا بهذه المناطق من قبل، بسبب ضعف الترويج لبعض المناطق الصغيرة في تركيا.
وأشار أسمر إلى أن تلك الخطوة ستستوجب تعيين عدد كبير من موظفي الدولة في الولايات الجديدة، سواء كانوا معلمين أو قوات أمنية أو موظفين حكوميين في دوائر الدولة، مشددا على أن "كل هذا يتطلب ميزانية مالية ضخمة خاصة لهذه المناطق".
المناطق المرشحة
وبحسب الإعلام التركي، فإن من أبرز المناطق المرشحة للتحول إلى ولايات هي: بولاتلي في أنقرة، وإرغاني في ديار بكر، وجيزرة في شرناق، وإلبيستان في كهرمان مرعش، وفتحية في موغلا، ومانافغات في أنطاليا، وإسكندرون في هاتاي، وإنيغول في بورصة، وألانيا في أنطاليا، وطرسوس في مرسين، وغبزة في كوجالي.
واستبعد الباحث علي أسمر أن يتم إنجاز هذه الخطوة قبل الانتخابات البلدية لأسباب كثيرة، مضيفا "هذه الخطوة تتطلب تخصيص ميزانية كبيرة لتطوير البنية التحتية والخدمات وزيادة عدد الموظفين الحكوميين، في وقت تركيز الحكومة التركية فيه على ملف تأهيل المدن التي ضربها الزلزال" في 6 فبراير/شباط الماضي، والذي تضررت منه 11 ولاية وتسبب بخسائر بمليارات الدولارات.
ولفت إلى أن المناطق المتضررة من الزلزال تحتاج أيضا إلى بنية تحتية وبناء مساكن جديدة، مذكرا بتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمنكوبي الزلزال بتسليمهم منازلهم الجديدة خلال عام واحد، واعتبر أسمر أن تحقيق هذا التعهد يعد تحديا مهما للحكومة التركية.
وبينما أكد -في ضوء ما سبق- أن الأولوية ستكون لإعادة المناطق المتضررة، رجّح الباحث التركي أن يتم إنجاز خطوة تحويل الـ19 منطقة إلى ولايات بعد الانتخابات البلدية المقبلة، معبرا عن اعتقاده -رغم ذلك- بأن يكون للولايات الجديدة تأثير كبير في نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة بعد 5 سنوات
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!