علي بيرام أوغلو - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
تشتعل النيران في المنطقة لتحولها إلى جهنم تأكل الأخضر واليابس، وتعصف الرياح لتجر الحريق إلى تركيا التي عانت ومن فترة طويلة من هذه التهديدات، وذلك لثلاث أسباب:
الأول: هو وجود داعش وما يقوم به من أفعال، فقد رأينا ماذا يستطيع أن يفعل في سوروج وديار بكر وأنقرة وباريس، كما نرى اليوم محاولات أتباع التنظيم للانتشار والتجذر في ديار بكر وغازي عنتاب، فتركيا التي تُعتبر مكان مغلقًا أمام الفكر السلفي نراها اليوم وقد بدأت تتأثر به، ولأن القادمين إلى داعش من كل أصقاع الارض يمرون عبر تركيا فإن حملا ثقيلا يزيد على أنقرة. يسيطر داعش على مناطق تبعد 90 كلم عن كيليس التي يتواجد فيها معبر للحدود، ولهذا كانت وما تزال تركيا تطالب بإنشاء منطقة عازلة في تلك المناطق، لكنها لم تجد آذانا صاغية من دول التحالف.
ثانيا: التهديد الناتج عن تواجد وحدات حماية الشعب الكردي على الحدود الجنوبية لتركيا، فالأكراد يسعون إلى ربط مناطق سيطرتهم الحالية بعفرين لتكون بعد ذلك نواة لدولتهم بقيادة حزب العمال الكردستاني.
ثالثا: التهديد الناتج عن موجات هجرة جديدة، فمناطق سوريا الشمالية الغربية في حلب وكيليس مع خط الحسكة ومارع تعد ذات كثافة سكانية عالية، وفي حال حصلت موجات هجرة من تلك المناطق ستعيش تركيا لحظات حرجة، وسيكون ما يقارب 4 مليون يعيشون في ذلك الخط تحن تهديد التهجير إن استطاع داعش دخولها، ولمنع ذلك تسعى تركيا لإنشاء تفاهمات وتعاون يمنع تجاوز داعش لذلك الخط. كما بدأ يتسع تهديد موجات الهجرة مع دخول روسيا خط المواجهة، فنظام الأسد يسعى للسيطرة على مناطق التركمان؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى موجات هجرة لسكان منطقة بايربوجاق وخط الحسكة مارع. ونرى الآن هذا الاحتمال الأخير وهو يلوح بالأفق، ونرى أيضا محاولة سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي على مناطق التركمان بتعاون مع الأسد. كما ويسعى الأسد إلى السيطرة على مناطق التركمان لتحقيق وقف إطلاق نار في رأس السنة الجديدة.
تقوم روسيا باستهداف المعارضة السورية تحت غطاء محاربة داعش، ويُعد استخدام روسيا لسلاح الطيران وكأنه سلاح طيران الأسد تهديدًا آخر بين التهديدات التي تواجهها تركيا. كما يعيش الشرق الأوسط حربًا عالمية تجري أحداثها على الأراضي السورية، وتشارك في هذه الحرب كلا من روسيا وفرنسا وأمريكا وإنجلترا وإيران بشكل مباشر، وباسم محاربة داعش تسعى إيران إلى توسيع الحكم الشيعي، كما وتسعى روسيا إلى إعادة أيامها القديمة بالتعاون مع إيران ودعم الأسد.
ستؤدي هذه الحرب الدائرة بين سيادة القوى العظمى، وصراع الهويات الكردية والعربية والسنية والشيعية وغيرها من النسيج القومي والديني الى إعادة رسم الحدود، وسيستغرق ذلك سنوات أخرى طويلة. وتؤثر كل من هذه العناصر على حدا في تركيا، كما وتهتم تركيا بأطراف الأزمة كل على حدا. فالمسألة ليست فقط أن هنالك حربًا بالجوار التركي، بل كون تركيا مشاركة بهذه الحرب شاءت أم أبت. والقضية لا تقتصر أيضا على خيارات تركيا والمصالح العالمية، بل تشمل أيضا مسارات الصدام ومنحنياته، وبالأخص فيما يتعلق بأزمة اللاجئين التي تعكس ماهية تركيا الحقيقية. ومن أجل مجابهة وتحمل هزات هذه الحرب المتلاحقة تحتاج تركيا للصبر والعقل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس