إبراهيم كالن - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
كان إسقاط طائرة مقاتلة روسية خلال انتهاكها للمجال الجوي التركي كارثة أخرى من كوارث النزاع السوري.
خلقت هذه الحادثة اضطرابات قصيرة المدى في العلاقات التركية الروسية، لكن العلاقة لن تخرج عن مسارها. فهي عميقة بما يكفي سياسيًا واقتصاديًا لتخطي هذه الحادثة.
انتهكت الطائرات الروسية المجال الجوي التركي في الماضي عدة مرات، وعلى ما يبدو أن تحذيرات تركيا للجيش الروسي ذهبت أدراج الرياح.
في قمة العشرين في أنطاليا مؤخرًا، تناول الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره فلاديمير بوتين هذه المسألة مرة أخرى، وتم الاتفاق على تجنب وقوع مثل هذه الحوادث على امتداد الحدود التركية السورية، قواعد تركيا في الاشتباك واضحة وقد تم تعريف جميع الأطراف في المنطقة بها.
ولم يكن هذا عملا عدائيا تجاه روسيا، فقد تم تحديد هوية الطائرة الحربية بعد إطلاق النار. وعلى الرغم من الخلافات الرئيسية بشأن الصراع السوري، لم تستهدف تركيا أي مصالح روسية وليست لديها النية للقيام بذلك.
في الواقع، لم تلحق تركيا عقوبات بروسيا فيما يتعلق بأزمة أوكرانيا. كما أن كلا البلدين طورا علاقات اقتصادية قوية خلال العقد الماضي، وخلقا فرصًا جديدة لمواطنيهما.
من الطبيعي أن تتأجج المشاعر عقب الحادث مباشرة، لكن العلاقات التركية الروسية لها من العرض والعمق ما يكفي للتغلب على هذه الاضطرابات.
الرئيس أردوغان الذي يسعى لزرع علاقة مميزة مع الرئيس بوتين على الرغم من انتقادات الغرب له للقيام بذلك، قد أعرب عن حزنه لما حدث. وأضاف متحدثا لصحيفة "France24": "لو عرفنا أنها طائرة روسية لربما تصرفنا بشكل مختلف".
ولكن هذا لا يغير من حقيقة أن لتركيا كعضو في الناتو حق الدفاع عن أراضيها ومجالها الجوي ضد أي انتهاكات. المجال الجوي التركي هو أيضا المجال الجوي للناتو.
كما قال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو: "إسقاط طائرة مجهولة الهوية في المجال الجوي التركي لم يكن - وليس - عملا ضد دولة معينة، تركيا اتخذت إجراءات استنادا إلى قواعد ثابتة للاشتباك لحماية سلامة أراضيها المستقلة، في حين أن التدابير للدفاع عن سيادة أراضينا ستبقى ثابتة، وتركيا ستعمل مع روسيا وحلفائنا لتهدئة التوترات".
الادعاءات بأن تركيا تدعم داعش وتشتري منها النفط، هي جزء من حملة تشويه لا يوجد لها أساس. أولئك الذين قاموا بهذه الادعاءات حتى الآن لم ينتجوا دليلًا ملموسًا واحدًا. بدلا من ذلك، إنهم يسردون القصص الروائية مع الإشارة إلى أشخاص من دون أسماء وإلى مواقع غير محددة.
ولكن ما نعرفه على وجه اليقين هو حقيقة أن كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد عاقبت الأشخاص الرئيسيين لشرائهم النفط من داعش باسم نظام الأسد. ويشمل ذلك رجل الأعمال السوري جورج حسواني، مدلل خوري مصرفي سوري، وكيرسان ايليومجينوف رجل أعمال روسي ثري رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج.
فيما يخص ذهاب الإرهابيين إلى سوريا، تركيا قد بذلت جهودًا أكثر من أي دولة أخرى، فقد قامت بترحيل 2500 شخص ومنعت 25 ألفًا من دخول البلاد للاشتباه بالإرهاب، كما ألقت القبض على المئات للاشتباه بعلاقتهم بداعش. وقد بدأت البلدان الأصل التي يأتي هؤلاء الأفراد منها بتعزيز الأمن فقط بعد هجوم باريس.
تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق هو المفتاح لنجاح وقف تدفق المقاتلين الأجانب لصفوف داعش، ليست هناك دولة تستطع التعامل مع الإرهاب العابر للحدود والإرهاب الوطني لوحدها.
ينبغي وضع لعبة تبادل الاتهامات جانبًا، والتركيز على القيام بحملة فعالة لمكافحة داعش وتحقيق انتقال سياسي عادل ومعقول في سوريا، الخطة الروسية الإيرانية لإنقاذ نظام الأسد ستقوي أيدي داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية فقط.
قصف جماعات المعارضة السورية المعتدلة تساعد فقط مجموعتين من المجرمين من القوات المسلحة للحرب السورية: الأسد وداعش. يجب تخليص العالم من هذين الشرين معًا بأسرع وقت.
كما أشار الرئيس أوباما وفرانسوا هولاند في مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض إلى أنه لا يوجد مكان للأسد في مستقبل سوريا.
وسوف تستمر الحرب السورية لفترة أطول، بإعطاء الذخيرة والمكان لداعش لتجند المزيد من الإرهابيين، لمساعدة الأسد في إكمال حربه الإجرامية.
هناك أسئلة أخرى حول العمليات العسكرية الروسية في المناطق الجبلية التركمانية قرب تركيا.
لا توجد مجموعات داعش في المناطق التركمانية السورية، الطائرات الروسية تقصف جماعات المعارضة المعتدلة لمساعدة نظام الأسد للتقدم نحو جسر الشغور وإدلب الذين هم تحت سيطرة المعارضة حاليا.هده استراتيجية خاطئة ولن تساعد على مكافحة داعش.
في الواقع، إن 90 بالمئة من الهجمات الروسية حتى الآن تستهدف جماعات المعارضة السورية المعتدلة بدلا من داعش.
إذا كانت روسيا جادة في القضاء على داعش ينبغي أن توقف قصف الجماعات السورية المعارضة لداعش والمساعدة في عملية الانتقال السياسي التي من شأنها وضع حد سواء لنظام الأسد أو لإرهاب داعش.
لا أحد لديه أي مشكلة مع روسيا أو الولايات المتحدة أو فرنسا في ضرب أهداف داعش.
والانقسامات التي لا داعي لها بين أعضاء الائتلاف المعارض لداعش تساعد فقط الإرهابيين ونظام الأسد.
إذًا بدلا من محاولات مكلفة للانتصار في منافسات بين القوى العالمية، تحتاج هذه القوى للتركيز على الأسباب الجذرية لإرهاب داعش، وإرهاب الدولة الذي يمارسه نظام الأسد، وأزمة اللاجئين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس