حسن الشيخ - خاص ترك برس

تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم: شحنات  السلاح، والمستشارين، والمدربين، والإسناد الجوي، والغطاء السياسي، وخدمات الاستخبارات، لقوات كردية، في العراق وسوريا لحرب تنظيم الدولة، وتفرح بالمنجزات التوسعية التي أحرزتها هذه القوات في ظل غطاء جوي يحرق الأخضر واليابس  لتكون خسائر هذه القوات مقارنة بمنجزاتها شيئا لا يذكر، بل مدعاة للفخر والبطولة للقوات الكردية، وسببا لزهو الإدارة الأمريكية بتصريحات أنها تعمل مع شريك فاعل على الأرض ويمكن الاعتماد عليه.

وتطمح الإدارة الأمريكية من وراء ذلك إلى أهداف كثيرة منها:

- تمكين الأكراد من إنشاء كيان إداري يأتمر بأمرها على مدى عقود قادمة من الزمن.

- إنشاء قواع عسكرية تتخفف فيها الولايات المتحدة من شروط الدول المستقرة التي تملك فيها الولايات المتحدة الأمريكية قواعد عسكرية كالتي في تركيا مثلا.

- إشعال فتيل التوتر العرقي في المنطقة، كما فعلت من تمكين القوات الكردية من السيطرة على تل رفعت شمال حلب بالسماح لروسيا بمسح المدينة تماما أمام القوات الكردية، وكما فعلت في العراق من تمكين القوات الكردية من احتلال بلدات عربية وتهديم البيوت وتهجير السكان.

- فصل تركيا عن امتدادها الإقليمي في المنطقة العربية، ولا سيما أن تركيا تعود إلى حضن التاريخ الإسلامي من بابه الواسع، في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية.

- الضغط على تركيا بالمسألة الكردية حتى تروضها من محاولة إنشاء تجمع إقليمي فاعل ذي سيادة في قراره يضم كلا من مصر والسعودية وقطر وسوريا بعد الأسد.

- خلخلة البؤر السنية الثائرة، وتهجيرها، وتغيير ديموغرافيتها، أو العودة إلى قبول سلطات مستبدة لم تغير إلا لبوسها، فنلحظ أن العرب السنة في العراق وسوريا هم فقط من ذاق ويلات الحرب ومآسيها ومزقوا شر ممزق وارتوت السيوف من رقابهم.

- صناعة بيئة ملائمة للتطرف والإحتراب الطائفي، والتحكم بجيل كامل في تلقينه أن سر مأساته هو الإسلام، وأن سر بقائه على قيد الحياة هي النصرانية الحانية في المخيمات ودول اللجوء.

- ضرب المكونات الإسلامية ببعضها، فالكرد مسلمون سنة، ولكن قاموا بارتكاب فظائع في الحسكة السورية (كما حدث في رأس العين والمناجير) وسنجارالعراقية، من هدم منازل العرب وتهجيرهم وخطفهم وإبادة جزء منهم، وطالت الأعمال الإجرامية التركمان العراقيين في محافظة صلاح الدين.

- تسليط الأقليات على نسيج  النسبة الغالبة من السكان  لديمومة عوامل الحرب الأهلية، فالسكوت عن كيماوي الأسد وبراميله ليس حبا بشخصه، ولكن رغبة في صناعة دوافع شعبية لحرب العلويين وإبادتهم، كرد فعل تلقائي من وقوف جزء من الطائفة العلوية معه، جزء سكت خوفا وجزء ليس بيده حيلة، وبذلك يؤخذ الصالح بالطالح، وهذا يعزز نشوء العقل الانتقامي عند العامة، ولكن سيبقى المسلمون مرتبطون إلى الأبد بقوله تعالى: ولا تزر وازرة  وزر أخرى.

- وللتدليل على أن الولايات المتحدة معنية بزرع فسائل الصراع لقيادة فصائل السلاح، قامت منظمة الوقف القومي NED  بدعم جماعات التشيع السياسي في دول الخليج العربي بمبالغ خيالية أشبه بموازنات وزارات الدفاع منها بمبالغ خيرية لدعم الديموقراطية.

- فيما أوعزت الولايات المتحدة لشقيقتها في الحلف ألمانيا لتدريب جزء من القوات الكردية على، مهارة التواصل الإعلامي، والتصريح الصحفي، ومخاطبة الجمهور، وطرق التأثير على الرأي العام، والدبلوماسية الناعمة في الردود على الاسئلة الصحفية القاسية، وعدم الغضب للنقد، فالرصاص يدك رؤوس العرب في القامشلي، والناطق لقوات PYD يصرح بانتصارات مظفرة على تنظيم الدولة.

- تأمين الصراعات في منطقة النفط لتنعدم التنمية فيها وتبقى أسيرة بيع النفط خاما ليس لها القدرة على تطوير الصناعات البتروكيماوية، وجعل المنطقة سوقا رائجة لاستيراد السلاح.

لكن هل تسلم للولايات المتحدة استراتيجيتها، ونحن لسنا ممن يعطي للمخلوق صلاحيات الخالق فهل من سبل للتملص من تلك الألاعيب الشيطانية، ونحن نعلم يقينا أن المكر السيء لايحيق إلا بأهله:

-  الاعتماد على القوات الكردية سيشكك العرب السنة بمخطط الولايات المتحدة مما يجعلهم على حيطة وحذر من زج أبنائهم في حرب تنظيم الدولة، وهذا ما يجعل القضاء على تنظيم الدولة حلما محالا، آنيا و مستقبليا، بل ربما تتجذر فلسفة التنظيم في الأجيال القادمة مستفيدا من تهميش السنة لتلتف حوله مما يوسع رقعة الحاضنة الشعبية له، فيدخل مع الولايات في حرب استنزاف  قلما نجت منه إمبراطورية استعمارية مهما بلغت قوتها.

- خسارة تركيا كحليف فاعل وشريك حقيقي وقوي، وربما يجعل تركيا تفكر جديا بتعميق علاقاتها مع روسيا لتخفيف حدة الضغط الأمريكي عليها بدعم أنسال المنظمة الإرهابية بي كي كي.

- إن كثيرا من قادة الفصائل الثورية في السورية يدركون تماما مخاطر الدور الأمريكي، فلا بد لهم من مخاطبة مكونات كل الشعب السوري، وأن الثورة كات لإزالة الظلم، وأن مكونات سوريا كلها ستنعم بالعدالة، وسيكون الحوار هو الوسيلة الوحيدة لتنعم كل المكونات بحقوقها ووطنيتها والشعور بأن سوريا ملك الجميع، ولن تكون الأيدلوجيات القومية أو الدينية أو المذهبية سببا لحمل السلاح في وجه بعضا، وسيكون عقلاء القوم من كل فئة روادا في صناعة سوريا بعد الأسد مثالا يتمناه كل إنسان على ظهر الأرض.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس